لا تزال الفعاليات الافتراضية مهيمنة على المشهد الثقافي في الأردن رغم السماح بعودة مزيد من المؤسسات والمراكز إلى العمل بداية الشهر الجاري مع الالتزام بالتباعد الاجتماعي، ويبدو أن تجربة العمل عن بعد استطاعت أن تحافظ على الجمهور، لكنها لم تشكّل بديلاً يمكن الاعتماد عليه في قطاعات مختلفة.
"مهرجان بلدك للفنون البصرية في المساحات العامة" ينطلق رقمياً في دورته الجديدة عبر مشروع إلكتروني تمهيدي بعنوان "بلدك من بيتك" بدأ في العاشر من الشهر الماضي، ويتواصل حتى الخامس من الشهر المقبل، ويعالج موضوع البيئة والنفايات مع الحفاظ على الثيمة الرئيسية للمهرجان "الفن هو البيئة، البيئة هي الفن" الذي يقام في تشرين الأول/ أكتوبر 2020.
تهدف التظاهرة التي ينظّمها "مسرح البلد الأردني" بالتعاون مع "المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي"، إلى إنشاء مساحات عامة ذات جماليات بصرية، لكنه انتقل إلى مساحات أقرب، كالأحياء أو أسوار البيوت، عبر دعوة الفنانين الأردنيين والعرب والعالميين إلى مشاركة أعمالهم من أماكنهم الخاصة وعلى جدران منازلهم، لاكتشاف الحدود الفاصلة بين عوالم الداخل والخارج، خاصة بعد انتشار فيروس كورونا.
يركّز المهرجان على إشكاليات التعامل مع الفضاء العام بدءاً من أقرب نقاطه إليك، جمالياً وفنياً، مع الاعتراض على العديد من النصب التي وضعت في عمّان وغيرها من المدن الأردنية والعربية والتي اعتبرت تشويهاً للمكان في ظلّ عدم وجود رؤى وخطط تتشارك في وضعها الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني من أجل التعامل مع الفضاءات العامة.
يمكن للفنانين المشاركة من خلال ابتكار تداخلات فنية في المساحة الخاصة، كجدران فارغة أو قطعة قماش كبيرة، في البيت، وفي الحديقة، وعلى سطح المنزل، أو في الحي، مع التقيد بثيمة المهرجان، وتوثيق العملية في الصور ومقاطع الفيديو، وأخيراً نشر العمل الفني على منصتي التواصل الاجتماعي فيسبوك وانستغرام باستخدام وسم #بلدك_من_بيتك.
وفتح المهرجان باب المشاركة أمام الفنانين الأردنيين والعرب والعالميين دون تقييدهم بشكل فني أو تقنية محددة؛ فهناك الفن الغرافيتي على حائط في الحي أو سطح المنزل أو حتى في المنزل نفسه، وهناك الرسم والنحت وإعادة التدوير، كما يتخلل المهرجان إقامة محاضرات وجلسات حوارية تفاعلية مباشرة عن بعد.
وبعد أن تُنشر الأعمال افتراضياً سيتم اختيار بعض الأعمال لترسَم كجداريات في المهرجان، بالإضافة إلى طباعة كتيب مصنوع من مواد معاد تدويرها يحوي أفضل الأعمال الفنية المشاركة، وطباعة أيضاً بطاقات بريدية.
يُذكر أن "مسرح البلد" مركز ثقافي فني متعدّد الأغراض انطلق من صالة سينما قديمة بُنيت في الأربعينيات من القرن الفائت في وسط عمّان، وأُعيد تهيئته حديثا ليصبح مساحة فنية تساهم في الحراك الثقافي والفني الأردني وتعمل على تطوير النسيج الاجتماعي للعاصمة من خلال البرامج والمشاريع الفنية والثقافية بشكل عام.