لا تحتل تجربة الكتابة النقدية التي تحمل روحاً فكاهية، مكاناً كبيراً في الصحافة الإيرانية، التي تتوزع غالباً بين الأحزاب والتوجهات السياسية، وتفتقر- إلا ما ندر – إلى الحيادية والاستقلالية. لكن صحيفة "بي قانون"، والتي تعني بالعربية "بلا قانون"، استطاعت كسر هذا الحاجز، رغم أنها ما زالت كملحق من صحيفة "قانون" المستقلة والإخبارية المتنوعة، والتي تصدر بشكل يومي.
كثر هم من يتابعون "بلا قانون" بشكل يومي، كونها تقدم مواد وتقارير تتطرق إلى الواقع المعيشي في الداخل الإيراني، ولا تخلو كتابات الصحافيين فيها من روح النقد والفكاهة، يتحدثون عن مسائل ترهق كاهل المواطن الإيراني، ينتقدون تصريحات المسؤولين بطريقة متوازنة، فلا يتجاوزون "الخطوط الحمر" (وهو ما قد يتسبب في المتاعب)، بينما يلمسون جرح المواطن في المقابل.
على سبيل المثال، استطاعت الصحيفة خلال الاحتجاجات التي خرجت قبل أشهر في إيران، اعتراضًا على الوضع المعيشي ومن ثم تطورت إلى مظاهرات ذات شعارات سياسية، أن تنقل ما يريده المواطنون، فتحدثت عن غلاء الأسعار وعن المشكلات الاقتصادية. كما يتفاعل الإيرانيون كثيرًا مع الكاريكاتورات التي تنشر في أوراقها، أو على صفحاتها الإلكترونية. فهي تحمل طابعاً كوميدياً فكاهيًا منتقدًا للوضع في ذات الوقت.
وفي زيارة لـ"العربي الجديد" إلى مقر صحيفة "قانون"، لوحظ تخصيص مساحة صغيرة لكتّاب "بلا قانون". أربعة أفراد فقط، بمن فيهم رئيس تحريرها، قادرون على إنتاج هذا الكم الهائل من المواد التي تطبع في أربع صفحات ملحقة بصحيفة قانون اليومية، وتوضع على الصفحات الإلكترونية الخاصة بـ"بلا قانون"، وبعضها على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن يبدو أن هذه التجربة الاستثنائية في مكان كإيران، تعتمد كثيرًا على الارتباط عبر الإنترنت. فهناك صحافيون يكتبون موادهم في "بلا قانون" بشكل يومي من دون الحضور إلى مقر الجريدة، وآخرون يصنفون كمتعاونين يزودون الصحيفة بالمواد، ويستطيعون العمل في أماكن ثانية في ذات الوقت.
وقد تحدث رئيس تحرير "بلا قانون"، مسعود مرعشي، لـ"العربي الجديد"، مشيدًا بالفكرة التي لا يزيد عمرها عن ثلاث سنوات، واستطاعت أن تحقق النجاح والغاية التي سعى القائمون عليها للوصول إليها. وذكر أنه لا يوجد الكثير من الصحف في إيران على هذه الشاكلة، ومع ذلك فإن مسؤولية الحفاظ على ذات المستوى في إصدار يومي من هذا القبيل أمر صعب.
التحدي الآخر الذي يواجه "بلا قانون" هو انخفاض أعداد قراء الصحف الورقية، فضلاً عن قلة عدد الكتّاب، ومع ذلك فالأمور ما زالت على ما يرام، بحسب مرعشي، الذي أكد أن "قانون" و"بلا قانون" تحاولان الحفاظ على تقديم صورة عن الصحافة المستقلة، نافياً أن تكون مؤسسة قانون تعود لوزارة العدل، بحسب ما هو رائج.
واعتبر، أيضاً، أن سبب الاستمرارية رغم صعوبة العمل يعود إلى ترحيب القراء بما يجدونه من قضايا في "بلا قانون"، رغم كل الانتقاد الذي يطاول وسائل الإعلام المحلية الإيرانية، مضيفاً أنه لا يستطيع أن يتحدث بلسان متابعي هذه الصفحات، لكن التفاعل جيد، وهناك إعادة نشر للمواد بمعدلات جيدة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي سؤال عن مدى كون "بلا قانون" بعيدةً عن تأثيرات توجهات الحكومة الإيرانية (إذ أن وسائل الإعلام في إيران تنتعش أو تحاصر بحسب خطاب الحكومة، محافظة كانت أم معتدلة أم إصلاحية)، رأى مرعشي أن لكل وسيلة إعلامية، سواء كانت إيرانية أم غير ذلك، خطوطا تحريرية ترتكز عليها، و"بلا قانون" جزء من هذه المعادلة بطبيعة الحال. قائلاً إنّ الهدف هو أن تبقى "بلا قانون" ترجح كفة الشارع والمواطن الإيراني، من دون التسبب في مشكلات ومتاعب، لذا تحاول أن تقدم النصح للمسؤولين وتوصل لهم ما يريده المواطنون.
ويخطط القائمون على "بلا قانون" لتوسيع مشروعهم، والحصول على مكان منفصل عن صحيفة "قانون" الإخبارية، وهو ما يعني أنها قد تصبح صحيفة مستقلة بالكامل وستزيد عدد صفحاتها إلى ثمان. هي ليست مهمة سهلة، بحسب مرعشي ومن معه من موظفين، ولكنّ توفّر المكان قد يزيد من عدد العاملين والكتّاب فيها، وهو ما يزيد من التواصل والتفاعل المباشر فيما بينهم، مع أن تجربة التواصل الالكتروني كانت إيجابية ومثمرة.
استطاعت هذه الصحيفة بعدد أوراقها القليل والموجودة داخل صحيفة ثانية أن تصل إلى متابعيها عبر مواقع التواصل الأكثر استخداماً في إيران، من قبيل "إنستغرام"، والمتاح الوصول إليه كونه غير محظور كما "فيسبوك" و"تويتر". ويقارب عدد متابعيها على صفحة "إنستغرام" مائة ألف شخص، وهو ما يعني أن الطريق ما زال طويلاً أمامها.
ويلحظ التفاعل كثيراً على المواد التي تشبه المدونات، ويكتبها صحافيون إيرانيون، فضلاً عن شخصيات شهيرة. وبعض هذه المواد نقدية وصريحة وتستخدم لغة بسيطة أكثر من غيرها، وهي التي يوضع على رأسها صورة للكاتب وفمه مغطى بلاصق طبي، قد يكون لاصقاً لتضميد الجراح بسبب نوعية المحتوى، أو للإشارة إلى أن الحديث يدور عن قضية هامة. لكن اللغة المستخدمة في هذا النوع من المواد تشبه كثيراً لغة الحوار في الشارع الإيراني، لذا يتابعها كثر ويتفاعلون معها ويبدون آراءهم وتعليقاتهم عليها بشكل واضح، مقارنةً بغيرها من التقارير، وهي التي تشد كثيرين لمتابعة "بلا قانون"، كونها تحاول الخروج عن الإطار المحدد الذي تعمل داخله صحف إيران.
Instagram Post |
على سبيل المثال، استطاعت الصحيفة خلال الاحتجاجات التي خرجت قبل أشهر في إيران، اعتراضًا على الوضع المعيشي ومن ثم تطورت إلى مظاهرات ذات شعارات سياسية، أن تنقل ما يريده المواطنون، فتحدثت عن غلاء الأسعار وعن المشكلات الاقتصادية. كما يتفاعل الإيرانيون كثيرًا مع الكاريكاتورات التي تنشر في أوراقها، أو على صفحاتها الإلكترونية. فهي تحمل طابعاً كوميدياً فكاهيًا منتقدًا للوضع في ذات الوقت.
وفي زيارة لـ"العربي الجديد" إلى مقر صحيفة "قانون"، لوحظ تخصيص مساحة صغيرة لكتّاب "بلا قانون". أربعة أفراد فقط، بمن فيهم رئيس تحريرها، قادرون على إنتاج هذا الكم الهائل من المواد التي تطبع في أربع صفحات ملحقة بصحيفة قانون اليومية، وتوضع على الصفحات الإلكترونية الخاصة بـ"بلا قانون"، وبعضها على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن يبدو أن هذه التجربة الاستثنائية في مكان كإيران، تعتمد كثيرًا على الارتباط عبر الإنترنت. فهناك صحافيون يكتبون موادهم في "بلا قانون" بشكل يومي من دون الحضور إلى مقر الجريدة، وآخرون يصنفون كمتعاونين يزودون الصحيفة بالمواد، ويستطيعون العمل في أماكن ثانية في ذات الوقت.
Instagram Post |
وقد تحدث رئيس تحرير "بلا قانون"، مسعود مرعشي، لـ"العربي الجديد"، مشيدًا بالفكرة التي لا يزيد عمرها عن ثلاث سنوات، واستطاعت أن تحقق النجاح والغاية التي سعى القائمون عليها للوصول إليها. وذكر أنه لا يوجد الكثير من الصحف في إيران على هذه الشاكلة، ومع ذلك فإن مسؤولية الحفاظ على ذات المستوى في إصدار يومي من هذا القبيل أمر صعب.
التحدي الآخر الذي يواجه "بلا قانون" هو انخفاض أعداد قراء الصحف الورقية، فضلاً عن قلة عدد الكتّاب، ومع ذلك فالأمور ما زالت على ما يرام، بحسب مرعشي، الذي أكد أن "قانون" و"بلا قانون" تحاولان الحفاظ على تقديم صورة عن الصحافة المستقلة، نافياً أن تكون مؤسسة قانون تعود لوزارة العدل، بحسب ما هو رائج.
واعتبر، أيضاً، أن سبب الاستمرارية رغم صعوبة العمل يعود إلى ترحيب القراء بما يجدونه من قضايا في "بلا قانون"، رغم كل الانتقاد الذي يطاول وسائل الإعلام المحلية الإيرانية، مضيفاً أنه لا يستطيع أن يتحدث بلسان متابعي هذه الصفحات، لكن التفاعل جيد، وهناك إعادة نشر للمواد بمعدلات جيدة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي سؤال عن مدى كون "بلا قانون" بعيدةً عن تأثيرات توجهات الحكومة الإيرانية (إذ أن وسائل الإعلام في إيران تنتعش أو تحاصر بحسب خطاب الحكومة، محافظة كانت أم معتدلة أم إصلاحية)، رأى مرعشي أن لكل وسيلة إعلامية، سواء كانت إيرانية أم غير ذلك، خطوطا تحريرية ترتكز عليها، و"بلا قانون" جزء من هذه المعادلة بطبيعة الحال. قائلاً إنّ الهدف هو أن تبقى "بلا قانون" ترجح كفة الشارع والمواطن الإيراني، من دون التسبب في مشكلات ومتاعب، لذا تحاول أن تقدم النصح للمسؤولين وتوصل لهم ما يريده المواطنون.
Instagram Post |
ويخطط القائمون على "بلا قانون" لتوسيع مشروعهم، والحصول على مكان منفصل عن صحيفة "قانون" الإخبارية، وهو ما يعني أنها قد تصبح صحيفة مستقلة بالكامل وستزيد عدد صفحاتها إلى ثمان. هي ليست مهمة سهلة، بحسب مرعشي ومن معه من موظفين، ولكنّ توفّر المكان قد يزيد من عدد العاملين والكتّاب فيها، وهو ما يزيد من التواصل والتفاعل المباشر فيما بينهم، مع أن تجربة التواصل الالكتروني كانت إيجابية ومثمرة.
استطاعت هذه الصحيفة بعدد أوراقها القليل والموجودة داخل صحيفة ثانية أن تصل إلى متابعيها عبر مواقع التواصل الأكثر استخداماً في إيران، من قبيل "إنستغرام"، والمتاح الوصول إليه كونه غير محظور كما "فيسبوك" و"تويتر". ويقارب عدد متابعيها على صفحة "إنستغرام" مائة ألف شخص، وهو ما يعني أن الطريق ما زال طويلاً أمامها.
Instagram Post |
ويلحظ التفاعل كثيراً على المواد التي تشبه المدونات، ويكتبها صحافيون إيرانيون، فضلاً عن شخصيات شهيرة. وبعض هذه المواد نقدية وصريحة وتستخدم لغة بسيطة أكثر من غيرها، وهي التي يوضع على رأسها صورة للكاتب وفمه مغطى بلاصق طبي، قد يكون لاصقاً لتضميد الجراح بسبب نوعية المحتوى، أو للإشارة إلى أن الحديث يدور عن قضية هامة. لكن اللغة المستخدمة في هذا النوع من المواد تشبه كثيراً لغة الحوار في الشارع الإيراني، لذا يتابعها كثر ويتفاعلون معها ويبدون آراءهم وتعليقاتهم عليها بشكل واضح، مقارنةً بغيرها من التقارير، وهي التي تشد كثيرين لمتابعة "بلا قانون"، كونها تحاول الخروج عن الإطار المحدد الذي تعمل داخله صحف إيران.
Instagram Post |