"بكائيات" ومبالغات إعلام النكسة تهيمن على انتخابات الرئاسة المصرية

27 مايو 2014
+ الخط -

على الرغم من تدني نسبة الإقبال على التصويت التي شهدتها الانتخابات في اليوم الأول، وتشهد عليها الصور التي بثتها القنوات المصرية مثل "أون تي في" و "النهار" وكانت معظم اللجان فيها فارغة، (في افتقاد واضح للمسات خالد يوسف الإخراجية)، صدرت صحافة اليوم تبشرنا بـ"إقبال تاريخي بهر الداخل والخارج"، في ظل غياب أي تصريح رسمي في اليوم الأول، من اللجنة التي تشرف على انتخابات الرئاسة.

ونشرت تلك الصحف صوراً لطوابير الناخبين الذين ينتظرون الإدلاء بأصواتهم مما يذكر عناوين الصحافة المصرية في حرب يونيو 1967، التي كانت تتحدث عن انتصارات رهيبة على الجبهة يحققها الجيش المصري و"ارتفاع عدد الطائرات التي أسقطناها"، حتى استيقظ الشعب على ضياع شبه جزيرة سيناء.
والغريب أن برامج الـ"توك شو" شهدت اعترافاً منهم بضعف الإقبال، فهذا الإعلامي خالد صلاح، على فضائية النهار يعبر عن ضعف الحشود، على الرغم من أن صحيفة "اليوم السابع" التي يرأس تحريرها قالت إن "الملايين يشاركون في الانتخابات". وهذه مشاهدة تتصل بالإعلامي أحمد موسى، على قناة "صدى البلد" وتبكي على الفراغ الذي تعاني منه اللجان، وقد فشل في محاولة تهدئتها وكاد يبكي معها. أما الإعلامي مصطفي بكري، فتساءل وهو "مكفهر الوجه" "أين الحشود التي فوضت المشير السيسي"!! ومتصلة أخرى تستحلف الإعلامي عمرو أديب، ألا يبكي لأن الله "سينصرنا "، ويبدو أن توقيت الطبعة الأولى المبكر، إلى السادسة مساء، لم يكن القائمون قد أدركوا فيه بعد حجم التصويت الحقيقي، وكان الاتفاق على العناوين، المتشابهة في معظمها، يسبق أصلاً حجم التصويت الحقيقي.

اللافت، أنه لا فرق بين الصحف الحكومية أو الخاصة أو الحزبية، فكلها أتت من مصدر واحد كما يبدو، ويبدو الأمر طبيعي في زمن الانقلابات العسكرية، فهذه صحيفة "الأهرام" تكتب: "المصريون يصنعون المستقبل، ومهرجان شعبي في اليوم الأول، من الانتخابات"، ونشرت صورتين لطابورين أحدهما للرجال والآخر للنساء أمام إحدى اللجان الانتخابية، أما صحيفة "الأخبار" فكان عنوانها أشدّ، فقالت "مصر تبهر العالم وإشادة دولية بنزاهة الانتخابات"، ولم توضّح الصحيفة كيف استطاعت الدول الإشادة بنزاهة انتخابات، وهي لا تزال في مدى نصف يوم فقط مر على الانتخابات (وقت طباعة الصحيفة)، أما "روز اليوسف" فكما يقولون "جابت من الآخر"، وقالت "إحنا الشعب" مع عنوان "المصريون يخرجون بالملايين لانتخاب رئيس والعالم يقف انتباهاً"، على الرغم من أن الأخبار الدولية لم تحدثنا عمن وقف انتباهاً.

أما الصحيفة الحزبية "الوفد" فكان عنوانها "ملحمة في حب مصر وإقبال غير مسبوق على انتخابات الرئاسة". ولم تنس الصحيفة رئيس الحزب والممول، السيد البدوي، فخصّته بصورة وهو يدلي بصوته بالإضافة الى خطبة حماسية له عبّر عنها بقوله "يوم الجهاد الأكبر وبناء مصر"، ومن جهتها صحيفة "اليوم السابع" التي أعرب رئيس تحريرها الإعلامي خالد صلاح، عن صدمته في حجم الإقبال، إلا أن جريدته لم ترد التخلي عن الخط التحريري المفروض عليها وقالت أيضا: إن الملايين يشاركون في الانتخابات. مع إعطاء أولوية للتركيز على المرأة ودورها في الرقص، عفواً، التصويت في اللجان. أما صحيفة "التحرير" لإبراهيم عيسى فواصلت حالة نكران الواقع، وقالت "مصر تبتهج وطوابير الناخبين تغلق الطرق والميادين"، على الرغم من أن المصريين مرّوا بتلك الطرق والميادين ولم يجدوها مغلقة .

صحيفة الدستور هي الوحيدة التي لفتت الانتباه إلى أن هناك يوماً آخر على التصويت فقالت "يوم رائع وغدا أروع". وأضافت أيضاً "المصريون يشاركون ويكتبون ملحمة وطنية جديدة"، أما صحيفة "المصري اليوم" فلم تخرج عن السائد وعن صور الطوابير المشاركة، فقالت "المصريون يختارون رئيساً ويعلنون نهاية الإخوان"..

المساهمون