بعدما خصصت عددها السابق، الستين، للوقوف عند تجربة الروائي والكاتب المصري الراحل علاء الديب، تخصص مجلة "بانيبال" عددها الجديد لملف الرواية العراقية المعاصرة، حيث يحمل ملفها الأساسي عنوان "رحلة في الرواية العراقية". ومع التنويه بأهمية المجلة وريادتها في تقديم الأدب العربي بشكل مثابر لقارئ اللغة الإنكليزية منذ سنوات طويلة؛ إلا أن الحضور الفائض للرواية في أعدادها قد يوصل رسالة خاطئة عن الإبداع العربي اليوم.
يتضمّن ملف "الرواية العراقية" أربع مقالات لنقاد عراقيين هم؛ فاطمة المحسن حيث تقدم الباحثة والأكاديمية المقيمة في لندن، مراجعة لرواية "دروب الفقدان" للكاتب عبد الله صخي تحت عنوان "تراجيديا مدينة الثورة"، أما حسين السكاف، صاحب كتاب "الرواية العراقية.. صورة الوجع العراقي"، فيتابع فكرته في علاقة السرد في بلاده بالتاريخ السياسي قبل وبعد سقوط نظام البعث في مقال بعنوان "انبثاق الرواية العراقية من رحم الكارثة"، في حين يكتب عبد الله إبراهيم عن "الرواية العراقية وتحوّل الهويات السردية".
الملف يتضمن أيضاً مقتطفات مترجمة من رواية عبد الله صخي "دروب الفقدان" ترجمها بول ستاركي، و"الهاوية" لسالمة صالح ترجمتها سميرة قعوار، وفصلاً من "المشطور" لضياء جبيلي بترجمة ياسمين حنوش، ومن رواية زهير الهيتي "الغبار الأميركي" بترجمة غنوة حايك، ومقتطفاً من عمل حميد العقابي "القلادة" بترجمة رافائيل كوهين، وقد ساهم جوناثان رايت بترجمة مقتطف من رواية محمد حياوي "بيت السودان"، وآخر من عمل أحمد سعداوي "الطباشير".
افتتاحية العدد أشارت إلى خيار موضوع الملف بقولها إن "المجلة كانت قد خصصت أكثر من ملف عن الأدب العراقي بشقيه السردي والشعري، ولكنها في هذا العدد فضّلت أن تركز على الرواية دون الشعر، فقط لتقديم بعض النماذج الجيدة من الرواية العراقية. وفي هذا السياق فإن أربعة من النقاد العراقيين يكتبون عن أن الكاتب العراقي في هذه الأيام بات يعبر عن نفسه، من خلال الرواية وليس الشعر".
لم يقتصر حضور الرواية في بانيبال 61 على ملف السرد العراقي، فالعدد يفرد مساحة لفصول مترجمة من روايات القائمة القصيرة المرشحة لـ "جائزة البوكر" العربية لعام 2018، حيث نجد مقاطع من "زهور تأكلها النار" للروائي أمير تاج السر من السودان بترجمة بول ستاركي، و"حرب الكلب الثانية" لإبراهيم نصر الله من فلسطين بترجمة نانسي روبرتس، و"ساعة بغداد" لشهد الراوي من العراق بترجمة لوك ليفغرين، و"وارث الشواهد" لوليد الشوفا من فلسطين بترجمة وين جن أويانغ، و"الخائفون" لديمة ونوس من سورية بترجمة جوناثان رايت.
في باب مراجعات الكتب، فقد ركزت معظم المقالات على أعمال روائية، فكتبت كلير روبرتس عن رواية إبراهيم نصر الله "أعراس آمنة"، وتناولت لاورا فيريري عمل "الطابور" للمصرية بسمة عبد العزيز، وقدّم بيتر كالو قراءة في رواية "التحري حنش" للمغربي عبد الإله حمدوشي، أما سوزانا طربوش فكتبت عن رواية "فرانكشتاين في بغداد" للعراقي أحمد سعداوي، وتناولت بيكي مادوك رواية "كل المعارك" للأردني معن أبو طالب، أما فالنتينا فينة فكتبت عن رواية اليمني حبيب عبد الرب سروري "ابنة سوسلوف"، كما نجد حواراً مع الكاتب العراقي لؤي عبد الإله حول عمله "كوميديا الحب الإلهي"، فيما راجعت سونيلا موبائي كتاب زهير الجزائري "النجف، الذاكرة والمدينة"، وقدّم صالح جواد الطعمة قراءة في "موسوعة السرد العربي" لعبد الله ابراهيم.
أما حضور الشعر في العدد، فيأتي من خلال قصائد للشاعرين، المغربي عبد الله زريقة بترجمة تيم ديماي، والليبي عاشور الطويبي بترجمة الشاعر نفسه وبالتعاون مع الشاعر البريطاني جيمس بيرن (لا تتجاوز مساحة قصائد الشاعرين وصورهما الـ12 صفحة، في مقابل حوالى 200 صفحة خصصتها المجلة للمواد المتعلقة بالرواية).
وأخيراً كتب الأكاديمي العراقي المتخصص في علم الاجتماع سامي زبيدة مقالاً يستعيد فيه لقاءه بعالم الاجتماع العراقي فالح عبد الجبار، الذي رحل في شباط/ فبراير الماضي، يتوقف عند جانب من تجربته الأكاديمية والثقافية.