"انقلاب" شفيق: تحرك استباقي ورسالة لتخويفه من العودة

06 ابريل 2017
يرفض شفيق حسم ترشحه للانتخابات من عدمه(مروان نعماني/فرانس برس)
+ الخط -

تشير أقوال مصادر إعلامية في صحيفة "الوطن" المصرية، ومصادر سياسية مقربة من المرشح الرئاسي الأسبق، أحمد شفيق، إلى أن الرسالة الإخبارية التي تم إرسالها إلى مشتركي خدمة الرسائل القصيرة التابعة إلى "الوطن" بشأن حدوث انقلاب عسكري لمصلحة شفيق، مقصودة، وتهدف إلى "حرق" التحركات السياسية الحالية لشفيق، وإجهاض نواياه في خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتخويفه من العودة إلى مصر، وأن تنصل الصحيفة منها، ونسبها إلى عملية "قرصنة"، لا يمت إلى الواقع بصلة. وكانت الصحيفة، المملوكة بنسبة 50 في المائة لأجهزة سيادية، قد أرسلت، إلى مشتركي خدمة الأخبار عبر الهاتف الخليوي، خبراً يفيد بحدوث تحركات داخل الجيش المصري في صورة انقلاب عسكري، دبرته قيادات تابعة إلى المرشح الرئاسي الأسبق، المقيم في الإمارات حالياً، أحمد شفيق، والممنوع من العودة إلى مصر، منذ تولي الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي السلطة.

وقالت مصادر عاملة في الصحيفة إن عملية نشر الرسائل النصية، إن كانت أخبارا أو معلومات، لمشتركي الخدمة "تحظى بتأمين عال وسرية كاملة، إذ يكلف شخص واحد، خلال كل فترة عمل، بكتابة الرسائل التي تتضمن أخباراً عاجلة، أو اختيار عناوين الأخبار الهامة المنشورة على الموقع الإلكتروني للصحيفة، ثم إرسالها بشكل مركزي وأحادي التحكم إلى شركات الهاتف الخليوي المختلفة، لتتولى بثها عبر شبكاتها. وأضافت أن موقع الصحيفة لم يتلق من المحررين أي خبر بهذا الخصوص، ما ينفي أن الخبر مصدره صحافي. وفي الوقت ذاته، هناك استحالة عملية لأن تتعرض خدمة الرسائل القصيرة لعملية قرصنة، فمن ناحية لا يمكن قرصنة الحساب السري الخاص ببث الرسالة إلى شركات الهاتف الخليوي، لأنه على درجة عالية من التأمين. كما أنه لا يتصور أن تكون القرصنة قد تمت على الأجهزة الخاصة بشركات الهاتف الخليوي، لأنها على درجة أعلى من التأمين.

وأوضحت المصادر أن إرسال الخبر إلى مشتركي الخدمة من أصحاب خطوط الهاتف، التابعة إلى شركات الخليوي الثلاث، أمر ينفي بشكل قاطع أن تكون الشركات نفسها قد تعرضت للقرصنة، لأنه من المستحيل عملياً قرصنة الشركات الثلاث في لحظة واحدة. كما أن القرصنة المبدئية على الحساب السري لمدير الخدمة، وهو صحافي في صحيفة "الوطن"، مستحيلة عملياً أيضاً، لأن الحساب قائم على تطبيق إلكتروني محدود، ومغلق على الصحيفة وحدها، وبالتالي كان يمكن لمن قرصنه بث أخبار أكثر خطورة تتعلق بالسيسي نفسه، أو إعلان إغلاق الصحيفة مثلاً. وعقب تداول الرسائل النصية عبر أجهزة الهاتف الخليوي على نطاق واسع، أصدرت صحيفة "الوطن" بياناً نفت فيه أن يكون الخبر حقيقيا، وزعمت أن خدمة أخبار الرسائل القصيرة تعرضت للقرصنة، معتبرة أن القرصنة تهدف إلى الإساءة لها بسبب مواقفها.


وجاء هذا الحدث في الوقت الذي يتواجد فيه رئيس تحرير الصحيفة، محمود مسلم، في واشنطن، إذ إنه يرافق السيسي في زيارته الرسمية الأولى إلى الولايات المتحدة. علماً بأن مسلم، المقرب من أجهزة النظام ودائرة السيسي الشخصية، يشغل أيضاً منصب رئيس تحرير قناة "DMC" التي تمولها الرئاسة والجيش، ويشغل مدير مكتب السيسي، اللواء عباس كامل عضوية مجلس إدارتها. وتعكس هذه المعلومات والحقائق احتمالاً آخر هو الأرجح لما حدث، وهو أن تكون الصحيفة تعرضت فعلاً للقرصنة بشكل آخر، وهو استخدامها لمصلحة جهاز سيادي أو أمني قريب الصلة منها، لبثّ هذا الخبر بهدف توجيه ضربة سياسية استباقية لشفيق، وذلك بعد الأقاويل التي انتشرت، ولم ينفها، عن نيته خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن يكون رئيس تحرير الصحيفة على علم بهذا التحرك أو مشرفاً عليه.

وعرفت "الوطن"، منذ إنشائها عام 2012، بمساندة القوى التقليدية، العسكرية حيناً، والمنتمية إلى نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك أحياناً أخرى. ولدى ظهورها كانت مؤيدة بشكل واضح لشفيق في انتخابات الرئاسة 2012 ضد الرئيس المعزول، محمد مرسي، ثم تبنت هجوماً، غير موضوعي، على مرسي طوال العام الأول والوحيد من حكمه. واعتبرت نفسها من الصحف المروجة لحركة السيسي في 3 يوليو/تموز 2013، ثم تولى المحرر البرلماني السابق والمقرب من أجهزة الدولة محمود مسلم رئاسة تحريرها، فتحولت إلى صحيفة أخرى متحدثة باسم النظام، إلى جانب صحيفة "اليوم السابع". وبدأت الصحيفة مشروعاً من مشروعات شركة "فيوتشر ميديا"، التي كانت مملوكة بالكامل لرجل الأعمال، محمد الأمين، مالك قنوات "سي بي سي"، الذي بدأ مشروعاته الإعلامية بشكل مفاجئ ومن دون خبرة في الربع الأول من 2011، بواسطة تمويل خليجي واسع، نظراً لعلاقة الأمين الوطيدة بدوائر في دولتي الإمارات والكويت. وتبنت هذه المشروعات، منذ يومها الأول، خطاً مناهضاً لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وأعادت إلى الواجهة رموز الإعلام المؤيد لمبارك. ومنذ 5 أشهر، وبعد تردد معلومات عن توقف دعم الأمين مالياً، وتعرضه لصعوبات اقتصادية، اشترت شركة تابعة للاستخبارات العامة والحربية 50 في المائة من أسهم الصحيفة والقنوات. كما يتولى شقيق السيسي الأصغر، حسين، وظيفة مستشار إداري في الشركة المنتجة للصحيفة والقنوات.

ويرى مصدر سياسي في حزب "الحركة الوطنية"، الذي أسسه شفيق، رغم ابتعاده عن مصر، أن حادثة الرسالة "ليست عبثية، لكن يقصد بها إجهاض أي تحركات سياسية لشفيق، وتحمل رسالة مفادها أنه ليس من المرغوبين به في مصر قريباً". ويضيف "أجزم بأن شفيق لا تجمعه أي علاقة بأي قيادات عسكرية في الوقت الحالي، وكل من يتواصل معهم شخصيات عامة أو تنتمي إلى نظام مبارك، أو كانت عسكرية يوماً ما مثله ولم يعد لها صلة بالجيش، أو شخصيات قانونية قريبة فكرياً منه، لكن لا توجد بينه وبين أي ضابط عامل أي صلة. فالرجل يدرك جيداً أنه غير مرغوب فيه من قبل هذه المؤسسة في الوقت الحالي، في ظل تبعية القيادة المطلقة للسيسي والمشير حسين طنطاوي". ويوضح أن جميع التحركات المناهضة للسيسي التي تم كشفها في الأعوام الثلاثة الأخيرة داخل الجيش تنتمي فكرياً إلى التيار الإسلامي، أو قيادات أبدت تحفظها على دخول السيسي معترك السياسة، وبالتالي فالزج باسم شفيق في مثل هذه الأمور لا يعدو كونه تحذيراً سياسياً مبطناً. وكانت "العربي الجديد" قد كشفت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالتزامن مع إبعاد قائد سلاح الدفاع الجوي، الفريق عبد المنعم ألتراس عن الخدمة، أن السيسي أحال قبله العشرات من قيادات وضباط هذا السلاح إلى التقاعد لعلاقتهم الوطيدة برئيس الأركان الأسبق، الفريق سامي عنان، وهو من الخصوم التقليديين للسيسي، رغم عدم ثبوت إقدام المقربين منه على أي تحركات انقلابية. ووصفت مصادر قريبة من المؤسسة العسكرية تلك الخطوة بـ"الوقائية".

المساهمون