"انتهاء مهمة" الطيران الروسي بإيران: صراع جناحين في طهران

24 اغسطس 2016
انتقد وزير الدفاع الإيراني روسيا (فاسيلي ماكسيموف/فرانس برس)
+ الخط -
يسود الغموض حول أسباب الانتهاء المفاجئ لوجود الطيران الحربي الروسي في قاعدة همدان الإيرانية. وبعد يوم من توجيه وزير الدفاع الإيراني، حسين دهقان، انتقادات إلى روسيا لاستخدامها القاعدة بشكل "استعراضي" وتأكيد الأخيرة "انتهاء المهمة"، أفاد رئيس مجلس الشورى الإسلامي، علي لاريجاني، أمس الثلاثاء، بأن "المقاتلات الروسية كانت تتزود بالوقود من قاعدة همدان، والأمر لم يتوقف نهائياً بعد". إلا أن وزارة الدفاع الروسية لم تبد أي ردود على تصريحات لاريجاني.

ومنذ بداية العملية جاءت مواقف القوى السياسية داخل إيران من استخدام الروس للقاعدة متباينة، ولم يكن هناك إجماع على القبول بالوجود العسكري الروسي على أراضيها.
وتحدثت صحف روسية عن صراع بين جناحين داخل إيران، يدعو أحدهما إلى التقارب مع الغرب أملاً في رفع العقوبات، بينما يدرك الآخر أن الغرب لا يسارع لإلغاء العقوبات، ولذلك من الأفضل بناء علاقة قوية مع روسيا. ونقلت صحيفة "غازيتا رو" الروسية الإلكترونية، عن كبير الباحثين في معهد قضايا الأمن الدولي التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أليكسي فينينكو، قوله إن دهقان يميل إلى الجناح الأول الذي وصل إلى السلطة عام 2013، مرجحاً أن طهران تعرضت لضغوط أميركية.



بدوره، رأى مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيا في موسكو، رسلان بوخوف، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن قرار إيران يعود إلى خلافات سياسية داخلية وضغوط غربية في آن معاً. وحول تأثير ذلك على العمليات الروسية في سورية، قال بوخوف لـ"العربي الجديد"، إنه "على الأرجح، أثّر ذلك على خطط روسيا، ولكنه لن يؤثر على استمرار العمليات في سورية التي بدأت منذ قرابة عام، وكانت تجري من دون الاعتماد على إيران طوال هذه الفترة".
إلا أن مدير مركز دراسات إيران الحديثة، رجب سافاروف، اعتبر أن قرار إيران لا يعود إلى ضغوط خارجية، وإنما إلى عدم رغبتها في المواجهة مع دول الخليج ووضع العلاقات مع الغرب وعملية رفع العقوبات على المحك.

وفي ما يتعلق بتأثير ذلك على العلاقات الروسية الإيرانية، قال سافاروف لـ"العربي الجديد"، إن "الأمر لم يغيّر شيئاً في العلاقات، وإيران مهتمة بالتعاون العسكري الوطيد مع روسيا".
من جهتها، ذكرت صحيفة "كوميرسانت"، أمس الثلاثاء، أن رفض إيران لاستمرار وجود الطيران الحربي الروسي بقاعدة همدان يعود إلى "سوء تفاهم" بين البلدين.
ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري قوله إن استخدام همدان أدى "دوراً كبيراً في دعم القوات الحكومية في محافظات حلب ودير الزور وإدلب، إلا أنه نشأ نوع من سوء التفاهم بين الجانبين الروسي والإيراني". وأوضح المصدر أن روسيا لم تكن تريد استخدام القاعدة كمطار للإقلاع فحسب، وإنما أيضاً كموقع عسكري متكامل ونشر ترسانتها هناك، وهو أمر لم يُرضِ الجانب الإيراني.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أكدت، يوم الاثنين، عودة جميع الطائرات التي كانت تنفذ مهمات في سورية من قاعدة همدان إلى روسيا. وأوضح المتحدث الرسمي باسم الوزارة، إيغور كوناشينكوف، أن "الطيران الحربي الروسي الذي شارك في شن ضربات من قاعدة همدان الإيرانية على مواقع الإرهابيين في سورية، نفذ كافة مهماته بنجاح. عادت جميع طائرات القوات الجوية الفضائية الروسية التي تم توظيفها في هذه العملية إلى أراضي روسيا الاتحادية". ولفت كوناشينكوف إلى أنه "سيتم الاستخدام اللاحق لطيران القوات الجوية الروسية في إيران على أساس الاتفاقات المتبادلة بشأن مكافحة الإرهاب حسب الوضع في سورية".
وتزامنت هذه التطورات مع توجيه أنقرة، يوم الإثنين، دعوة إلى موسكو وطهران وواشنطن لفتح صفحة جديدة في تسوية النزاع في سورية، ما أثار تساؤلات حول وجود تفاهمات جديدة حول مستقبل سورية والأكراد، وسعي القيادة الإيرانية لإظهار استقلالية سياستها.
وسبق لروسيا أن نشرت قبل أكثر من أسبوع قاذفات بعيدة المدى من طراز "تو-22 إم3" بقاعدة همدان في إيران واستخدمتها لشن غارات في سورية في أيام 16 و17 و18 أغسطس/ آب الحالي. ورأى مراقبون في ذلك "تقارباً رمزياً" بين روسيا وإيران وانتقالاً من مرحلة التعاون العسكري - التقني وتوريد الأسلحة إلى التعاون العسكري المتكامل. وعلى المستوى التكتيكي، وفّر ذلك لروسيا إمكانية إقلاع الطائرات بعيدة المدى التي لا تصلح لها قاعدة حميميم من مطار قريب من مواقع القصف بدلاً من قاعدة موزدوك في أوسيتيا الشمالية داخل روسيا، وهو أمر يترتب عليه الاستغناء عن التموين بالوقود في الجو وإمكانية حمل كميات أكبر من الذخيرة. وقدم الخطاب الإعلامي والرسمي في روسيا الوجود العسكري في إيران على أنه "انتصار" جديد في المنطقة العربية، إلا أنه لم يدم طويلاً.


المساهمون