عاشت بلدان الخليج العربي منذ منتصف القرن الماضي تطورات متسارعة على مستويات عديدة لا تزال إلى اليوم تؤثر في تشكّل الهوية الوطنية والشخصية الخليجية، حيث مثّل اكتشاف النفط نقطة اجتذاب لأعداد كبيرة من العمالة الوافدة التي ساهمت في بناء قطاعات حيوية مختلفة، لكن التغيّر الديمغرافي يثير العديد من النقاشات حول موضوع اللغة والعادات والتقاليد والتحولات الثقافية.
كما يهتمّ الباحثون بدراسة قضايا التعليم الذي شهد تطوّراً متسارعاً في العقود الاخيرة وما له من تأثيرات في مسائل الجندر وتجاذب القيم، وكذلك في هيمنة الثقافة الاستهلاكية التي تمثل التكنولوجيا ومنتجاتها عاملاً أساسياً في صياغة رؤى جديدة في نظرة المواطن إلى الماضي والمستقبل.
افتتحت عند التاسعة من صباح اليوم الأربعاء أعمال مؤتمر "الهوية الوطنية 2019" الذي ينظّمه "معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية" التابع لـ"جامعة قطر" في الدوحة، بمشاركة عدد من الباحثين والمتخصّصين في علم الاجتماع والاقتصاد والأنثروبولوجيا.
يبحث المشاركون التحولات الكبيرة التي مرّ بها المجتمع القطري خلال العقود الأربعة الأخيرة، حيث أصبحت اليوم تركيبة المجتمع متنوّعة وتضم في داخلها أطيافاً مختلفة وهويات متداخلة، ومع التطوّر الاقتصادي يتعرّض المجتمع لأفكار وظواهر متعددة لم يكن يشهدها في السابق، لذلك نجد أن العديد من المؤسسات الوطنية تعتبر أن تعزيز الهوية القطرية من اهتماماتها الرئيسة.
يلفت بيان المنظّمين إلى أنه "حتى هذه اللحظة يبقى تعريف الهوية القطرية غير محدد وقابل لتفسيرات مختلفة، ونتيجة لهذه الضبابية نجد أحياناً تعارضاً بين بعض البرامج الرسمية والمجتمعية الهادفة إلى تعزيز الهوية وتُفقد البوصلة عند إثارة بعض المواضيع الاجتماعية الخلافية فلا يتوفر إطار مرجعي للتوافق، وعليه يلزم التأسيس لتحديد مفهوم الهوية وأبعادها المتعددة بصورة علمية".
تتضمّن الجلسة الأولى ورقة بعنوان "محددات الهوية الوطنية في قطر" لـ ماجد الانصاري ونوف الراكب ومريم علي آل ثاني، و"مستوى إدراك الهويات الافتراضية وتأثيراتها على الهوية الوطنية في مجتمعات الخليج" لـ مبارك بن خميس الحمداني، و"مقومات الهوية اقطرية وتأثرها بالهوية الخليجية والعربية والإسلامية" لـ خالد فرج بدير والريح عثمان، و"محددات الهوية الوطنية القطرية" لـ بثينة محمد الجناحي، و"دور المجلس في تشكيل الهوية الوطنية" لـ مها مسعود العامري.
أما الجلسة الثانية فتضمّ ورقة بعنوان "دور المؤسسات التعليمية في تعزيز الهوية الوطنية في قطر" لـ علي بن غانم الهاجري، و"مناهج الدراسات الاجتماعية وقضايا الهوية الوطنية بعد عام 2017" لـ محجوب الزويري وفاطمة الظاهري، و"اللغة العربية والهوية الوطنية من منظور التعليم" لـ نور العمادي ومريم فهد آل ثاني.