"النقرة المزيفة": تجميل البروفايلات في مواقع التواصل الاجتماعي

04 ابريل 2014
ملايين الدولارات قيمة بزنس تزييف المعجبين (Getty)
+ الخط -

لا تقتصر عمليات التجميل عند الشخصيات الشهيرة في العالم على حقن البوتكس والتاتو وشفط الدهون، بل إن بعضهم يلجأ الى تجميل بروفيلاته على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "تويتر" و"فيسبوك" و"لينكد" و"جوجل بلس"، للايحاء بارتفاع شعبيته.

هذا ما كشف عنه أخيراً عدد من الجهات الاعلامية العالمية، بينها "أسوشييتد برس" وصحيفتا "مترو" و"ديلي ميل" البريطانيتان. وهي تقارير صادمة في حجم الارباح التي تدخل من هذا التزييف الالكتروني الذي بات يشكل "بزنس" تتخصص فيه بعض الشركات مستغلة الدول الفقيرة وأصحاب الدخول المنخفضة، كما لاحظت الاحصائيات والدراسات الاقتصادية.

ولا تستثني التقارير أحداً، فالمستفيدون من هذا الغش يترواحون بين السياسيين والفنانين وشركات الموسيقى والسوبرماركت، من دون أن نستثني الأفراد العاديين، مثل أصحاب حسابات "لينكد" الذين يوحون أنهم مرغوبون لدى أصحاب العمل وأن هناك من يتابع تاريخهم المهني.

ومن السياسيين الذين أثاروا ضجة بسبب لجوئهم الى هذه الخدمة، مرشح الجمهوريين على كرسي الرئاسة في عام2011، نيوت جينغريتش، الذي استأجر لحملته الانتخابية شركة ترفع من عدد المتابعين على تويتر، ثم تبين أن 92 في المائة منهم غير حقيقيين. ويعتقد مجموعة من المحللين، أن ما مقداره 45 في المائة من حساب الرئيس الاميركي أوباما (41 مليون متابع) و39 في المائة من حساب المغنية الاميركية ليدي غاغا (41 مليون متابع)، مزيفة، على الرغم من أن لا إثبات أن هؤلاء المتابعين غير حقيقيين.

غش بملايين الدولارات

المدوّنان الايطاليان والباحثان في الشؤون الأمنية، أندريا ستروبا، وكارلا ميكيلي، قدرا حجم مبيعات الأتباع المزيفين على موقع تويتر لعام 2013 ، بين 40 مليون الى 360 مليون دولار. وحجم مبيعات التزييف على فيسبوك هو 200 مليون دولار. ومن الغريب أن نكتشف أن موقع الحكومة الأميركية لجأ الى مثل هذا التزييف، وحصل على 400 ألف إعجاب، كما ارتفع عدد متابعيه من 10 آلاف الى مليونين ونصف مليون متابع فجأة على صفحتهم في فيسبوك، حدث هذا خصوصاً في مكتبهم في مصر. وانتقد أحد المفتشين هذه الشعبية التي كلفت 630 ألف دولار من خزينة الدولة، ما يعني أن الموقع سيتوقف عن الانفاق على هذه الخدمة.

ويزدحم العالم الافتراضي بالعديد من مواقع تجارية لزيادة الاتباع بتعرفة مختلفة وحسب الرقم المراد، فهناك موقع يبيع 250 حساباً على جوجل بـ 13 دولاراً تقريباً، وآخر يبيع ألف متابع على (انستغرام) بـ 12 دولاراً. ويقول مدير موقع "وي سبلايكس دوت كوم".. إن الناس يشترون الاعجاب كي لا يبدون محرجين من قلة اللايكات على صفحتهم في حال دخل أحد عليها ووجدها غير شعبية، وهذا سيؤثر على البزنس الذي يديرونه".

وتشير بيانات "فيسبوك" أن العاصمة دكا، هي المدينة الشهيرة على مستوى هذا البزنس، ومن المستفيدين من خدماتها لاعب كرة القدم الأرجنتيني، ليو ميسي، الذي يملك صفحة على فيسبوك عليها 51 مليون إعجاب.

رواج "مزارع النَقرة"

ولهذا البزنس في العالم الافتراضي دول تقدم عمالة رخيصة للعالم الأغنى (تماماً كما يحصل في تصنيع السلع الرخيصة في العالم الواقعي)، ويطلق المختصون عليها اسم "مزراع النَقرة" أو "كليك فارمز" بالانجليزية، وأشهر المزارع الافتراضية بالطبع هي الدول الفقيرة، مثل بنغلاديش، خصوصاً عاصمتها دكا. ويقول شايف الاسلام، مدير شركة "يونيك أي تي وورلد": إنه يدفع لأشخاص حقيقيين كي يقوموا بعمل إعجاب مباشر على صفحات التواصل الاجتماعي، وهذه الحسابات من الصعب على أية جهة محاسبتها، فهي حسابات أصيلة وليست مزورة.

وفي اندونيسيا التي تعدّ البلد الاكثر نشاطاً في مواقع "تويتر"و"فيسبوك"، تنشط فيها أيضاً "مزارع النَقرة". ويقدم، علي حنفية، أحد أصحاب مقاهي النت في جاكرتا العاصمة، ألف متابع على تويتر مقابل 10 دولارات، ومليون متابع مقابل 600 دولار. وهو يعتقد أن الحسابات المزورة أو التابعين الوهميين قد يرفعون من حجم البزنس، وأن المنافسة الكبيرة "قد تحتاج لاستخدام بعض الحيل".

غير أن هذا البزنس في العالم الافتراضي خلق في مقابله خبراء متابعة وتدقيق، كما قال روبرت وولر، صاحب موقع "ستاتوس بيبل" لصحيفة "ديلي ميل" اللندنية، فهو يساعد زبائنه على التخلص من الاتباع الوهميين بعد أن تورطوا بهم. من جهة أخرى، يقول مدير موقع "موغال تيوب" في كاليفورنيا: إن شراء المتابعين الوهميين خطأ مميت وسيكلف صاحب البزنس الكثير، إن اكتشفت شركات الاعلانات حقيقة الامر، لأنها لن تتعامل معه في المستقبل.

وترى دراسة أميركية، أن مجمل دخل هذه الشركات في عالم التواصل الاجتماعي تبلغ 220 مليون دولار إضافة الى 120 مليون موازية لهذا النشاط. ويقول معدّ الدراسة، اندريا ستروبا: إن بعضاً يعرض خدمات اكثر تخصصاً، كأن يطلب الزبون أن يكون الجمهور من الفتيات الامريكيات في عمر 17- 20 سنة للمجلات أو القنوات المتخصصة، أو أن يحصل على تعليقات إيجابية من جمهوره الوهمي.
وكانت القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني قد كشفت العام الماضي عن تورط الهاكرز في السوق السوداء هذه، حيث تستخدم الحسابات المسروقة في الترويج الكاذب من إعجاب وفولورز وتعليقات، وهذه الافعال حسب خبراء تحسب كلها على الجرائم الالكترونية.

أرقام "فيسبوك" و"يوتيوب"

تكشف إحصائيات أفصح عنها مديرون في هذين الموقعين الأشهر في عالم التواصل الاجتماعي لصحيفة "مترو" أن ما نسبته 11.2 في المائة من حسابات فيسبوك التي تبلغ 1.23 مليار مشترك، هي حسابات وهمية أو مزدوجة، ويقدم الموقع على إلغاء بعضها كما حصل مع صفحة، ليدي غاغا، التي خسرت 66 ألف لايك إعجاب مرة واحدة في عام 2012. أما "تويتر" فأعلن أن 5 في المائة فقط من الحسابات عليه تستخدم التزييف، وأنه لا يتسامح مع أصحابها عند اكتشافهم ويغلق حساباتهم. وأعلن "يوتيوب" مراقبته مقاطع الفيديو التي توضع وما يصحبها من إعجاب وإعادة إرسال لازالة المزيف منها بما يشمل التعليقات المزيفة. وتبادر إدارة "جوجل" الى التحرك في اتجاه إلغاء ملايين المقاطع على "يوتيوب" من محرك البحث.

على المستوى العربي لا توجد معلومات دقيقة عمن يلجأ الى هذه الخدمة من المشاهير، غير الشائعات، وتبقى مسؤولية كشف النقرة المزيفة مسؤولية الجهات الاقليمية التي تشرف على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي محاولة البحث على محرك "جوجل"، لم يظهر لنا الا مواقع إعلانية بالعربية تروج لهذه الخدمة مقابل رسوم معينة، وبعضها يعد بخدمة مجانية إن أحضر صاحب الحساب خمسة زبائن آخرين.

المساهمون