"المركز العربي" يختتم أعمال مؤتمر "طلبة الدكتوراه في الجامعات الغربية"

20 اغسطس 2020
جانب من جلسة الأدب المقارن (تويتر)
+ الخط -

اختتمت، اليوم الخميس، في العاصمة القطرية الدوحة، أعمال الدورة الثانية لمؤتمر "طلبة الدكتوراه العرب في الجامعات الغربية"، الذي نظمه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، وعُقد عن بُعد، من خلال تقنيات الاتصال المرئي والبث المباشر، عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمركز.

وناقش المؤتمر، في جلسته الأخيرة من مسار دراسات الهجرة والمهاجرين، ورقة عمل للباحثة غفران هلال بعنوان "الحماية الدولية للنساء والفتيات اللاجئات: حالة اللاجئات في الأردن نموذجاً". وعرّفت الباحثة، في البداية، بمفهوم حماية اللاجئين، وبحثت فاعلية النظام الدولي في تأسيس هذا المفهوم من أجل مواجهة التحديات الجديدة المتعلقة بالنساء والفتيات اللاجئات. كما عرّفت بالحماية التي تتلقاها النساء والفتيات اللاجئات في الأردن، ومفهوم الضعف من حيث إنه يوفر أساساً قوياً لبناء حماية إضافية للنساء والفتيات اللاجئات.

وكان عشرة باحثين، قد قدموا خلال المؤتمر، أوراقاً بحثية متعلقة برسائلهم لشهادة الدكتوراه. وتوزّعت اختصاصاتهم على مسارات الطائفية، والأدب المقارن، وعلم النفس، ودراسات النزاع وما بعد النزاع، ودراسات الهجرة والمهاجرين.

ففي مسار الطائفية، قدّمت الباحثة عائشة الراشدي، ورقةً بعنوان "الانتفاضة البحرينية عام 2011 واعتماد الحل الأمني والطائفية آلية بقاء". وحاولت الراشدي الإجابة عن كيفية نجاة النظام البحريني وأسبابه بعد انتفاضة 2011. وبيّنت أن هذه الانتفاضة لم تكن صراعاً طائفياً على السلطة، كما حاول النظام البحريني وسمها، واتباع النظام الحل الأمني لقمع الانتفاضة والحفاظ على النظام السياسي.

وفي المسار نفسه، قدم الباحث محمد محمود، ورقة بعنوان "النظرية السياسية والنزاعات الثقافية – الجماعاتية: مقاربتان بشأن الدولة السورية معيارياً ووصفياً".

ووقف فيها على حالة النزاع الطائفي في سورية وحضور هذا النموذج في النظرية السياسية المعاصرة. وقد طرحت الورقة سؤالاً مركزياً، هو: ما المقاربة الملائمة لنموذج سياسي ديمقراطي معياري ومستدام في الحالة السورية؟ وحاولت الورقة، بعد توضيح المقاربات الفكرية المطروحة في الفلسفة السياسية، بناء أنموذج جديد مناسب للحالة السورية .

37 باحثاً وباحثة من جامعات من الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة المتحدة وأستراليا شاركوا في المؤتمر

وكانت المداخلات الختامية في الأدب المقارن، للباحثتين هديل حسن وأمل مزوز. قدمت هديل حسن بحثاً عن "الوعي الجمالي للقبيح في الأدب العربي المعاصر: كاتبات سورية في التسعينيات".

فمن خلال استعمال مداخلات فلسفية مختلفة في تحديد مفهوم القبح، حاولت تقديم دراسة تحليلية بالنسبة إلى المشهد الاجتماعي والثقافي للروايات السورية.

وقد طرحت سؤالاً محورياً، هو: "هل يشتمل القبح، من منظور نسائي، على العوامل نفسها التي ينطوي عليها المنظور الذكوري؟".

أما الباحثة أمل مزوز، فقد قدمت ورقة بعنوان "تمثيل المرأة المسلمة في أدب الرحلات المعاصر بأقلام النساء"، وسعت إلى بيان الصور النمطية للمرأة المسلمة في قصص الرحلات المعاصرة لكاتبات غربيات (على غرار رينا لويس، وجين ساسون). وقد انطلقت الباحثة من مسلّمة مفادها أنّ نصوص هؤلاء الرحالة هي أدوات إيديولوجية بيد الإمبراطورية.

وقدّم الباحث إلياس غزال، ورقة، بعنوان "الزعماء الدينيون والطائفية والاحتجاج في لبنان"، مفترضاً فيها قدرة الزعماء الدينيين على المشاركة في عملية تفكيك الطائفية بالاعتماد على نموذج لبنان، حيث هدف إلى فهم آليات التطييف عبر استكشاف أساليب المؤسسة الدينية ومناهجها لتوسيع نفوذها وقوتها الطائفية. واستخلص استنتاجات حول مستقبل الهوية الطائفية والنظام في لبنان.

وخُصصت إحدى جلسات المؤتمر لعلم النفس، حيث قدم الباحث سفيان أزواغ ورقة بعنوان "مقاربة سيكولوجية للتفاعلات المؤثرة للممارسة التربوية وظروف العمل في الصحة النفسية للمدرسين بالمغرب"، وفيها طرح أشكال العنف المختلفة التي يتعرض لها المدرسون في المغرب، والتي استفحلت - بحسب رأيه - في السنوات الأخيرة.

واعتبر هذا العنف جزءاً من الظروف الصعبة التي تحيط، عموماً، بمهنة التدريس في المغرب، وهو ما دعاه إلى دراسة تأثير متطلبات العمل ودوره في الصحة النفسية، باعتماد نموذج المدرسين في التعليم الابتدائي والثانوي في المغرب.

أما الورقة الثانية، فكانت للباحثة دنيا الرميلي، تحت عنوان "أنواع العنف والمعاناة في القطاع الصحي: دراسة حالة الممرضين في ولاية تونس"، وفيها ناقشت وضع الظروف العنيفة للعمل الصحي في تونس مع التغيرات السياسية الراهنة وعدم الاستقرار الكامل.

وحاولت تقييم أنواع هذا العنف، وعوامله، ونتائجه المترتبة على صحة الممرضين التونسيين، وقد اعتمدت على منهج مزدوج يستند إلى الاستبيانات من جهة، وإلى المقابلات الفردية والاختبارات النفسية من جهة أخرى.

واختتم الباحثان محمد مهدي البرجاوي ونور الله منور، جلسات مسار دراسات النزاع وما بعد النزاع، حيث عرض البرجاوي في بحثه، "من مقاومة وطنية إلى لاعب إقليمي: صنع سياسات حزب الله الخارجية"، لظروف تدخل "حزب الله" في سورية والعراق.

وحاول الكشف عن السياسة الخارجية لـ"حزب الله"، وبيان محفزات هذه السياسة ودوافعها، بالتركيز أساساً على مبادئه الأيديولوجية والعقدية، وبخاصة مبدأ ولاية الفقيه.

ووصل الباحث إلى نتيجة قوامها أن اهتمام "حزب الله" بالاستقرار والأمن هو ما يجعله يتخذ قرارات براغماتية لا تتعارض بالضرورة مع معتقداته الأيديولوجية.

أما الباحث نور الله منور، فكان عنوان بحثه "تراث متنافس: حماية التراث المستقبلي لسورية ما بعد الصراع". وقام البحث على فرضية أن التراث يخضع لعملية تحول وتغير على نحو مستمر. ومن ثمّ، لا يعرّض تدمير المواقع التراثية وفقدانها، بالنسبة إلى سورية منذ عام 2011، للخطر، بل لعل ذلك قد يصنع تراث سورية ما بعد الحرب.

يذكر أن 37 باحثاً وباحثة، من جامعات من الولايات المتحدة، وأوروبا، والمملكة المتحدة، وأستراليا، قد شاركوا في المؤتمر الذي استمرت جلساته لمدة 12 يوماً، وانعقد افتراضياً بسبب تداعيات جائحة كورونا، ونسّقت لجنة المؤتمر مع أكثر من 30 أستاذاً متخصصاً، في الحقول المعرفية، التي تندرج فيها الأوراق المقدّمة، من داخل "المركز العربي" و"معهد الدوحة للدراسات العليا"، ومن مؤسسات أخرى حول العالم، ليسهموا في توفير تعقيبات وملاحظات نقدية بشأن الأبحاث المشاركة.

وسعى "المركز العربي" إلى إقامة صلة بين الفضاء البحثي في العالم العربي والباحثات والباحثين الشباب من الطلبة العرب الذين يكملون دراستهم في شهادة الدكتوراه في جامعات غربية، في حقول العلوم الاجتماعية والإنسانية المختلفة.

وهذه الصلة، بحسب رؤية المركز، ضرورية، ولا سيما أن هؤلاء الباحثين والطلبة عادةً ما يؤسّسون لمساراتهم المهنية والبحثية في البلدان التي يدرسون فيها، فينشرون نتائج أبحاثهم في المؤسسات الأكاديمية الغربية، وبلغات تلك المؤسسات، ما يسهم في خلق فجوة بين المنتج البحثي الذي ينجزونه والمنطقة العربية. لذلك، يُعزّز هذا المؤتمرُ، على نحوٍ مؤسسي منظَّم، الصلات البحثية بين الباحثين العرب في الجامعات الغربية، وكذلك بينهم وبين زملائهم في المؤسسات البحثية العربية.

المساهمون