"المدينة والسينما"... مهرجان جديد يُشجّع المحليّ

29 سبتمبر 2019
الفنانون المغاربة شاركوا في معظم الفعاليات (فيسبوك)
+ الخط -
نادرة هي المهرجانات السينمائية المغربية التي تستطيع أن تواجه مرضًا يستبدّ بها منذ دوراتها الأولى، بسبب الدعم الهزيل الممنوح لها، خصوصًا أنّ هذا النوع من المهرجانات يحتاج إلى ميزانيات أكبر لاستضافة الضيوف في فنادق جيدة، وتأمين مواصلات دائمة لهم لتسهيل تنقّلاتهم بين مختلف المراكز الثقافية وصالات العرض التابعة للمهرجان. وهذا وفق رؤية فنية واضحة المعالم، تتطلّب تنظيمًا احترافيًا واختيارًا دقيقًا للأفلام من لجنة علمية لها صيت وطني ودولي سوي، بما راكمه أصحابها من خبرات جمالية وتقنية ونقدية.

من هذه المهرجانات، هناك "مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة" و"المهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا" و"المهرجان الدولي للفيلم بمراكش". مهرجانات مغربية لها اليوم طابع محوريّ في التداول العربي، بما تميّزت به أفلامها ولجانها ومسابقاتها وآليات تسيير دوراتها، ففرضت نفسها أكثر من أي وقت مضى في المشهد السينمائي المغربي، وعلى الجهات الوصية على الدعم المخصص للمهرجانات السينمائية، فحصل بعضها على دعم رسمي، جعل دوراتها تصل إلى 17 دورة، وأكثر.

"مهرجان المدينة والسينما لجهة الدار البيضاء - سطات"، المُقامة دورته الثانية بين 24 و28 سبتمبر/ أيلول 2019، بإشراف مجلس جهة الدار البيضاء - سطات (وهي مدينة مغربيّة تقع بين مراكش والرباط)، بالشراكة مع "الجامعة الوطنية للأندية السينمائية"، أحد هذه المهرجانات الفتية التي فرضت نفسها منذ دورتها الأولى، بدعم بسيط، وبهدف تشجيع الشأن السينمائي في تلك الجهة، والتعريف برموزها وفنانيها ومخرجيها، خصوصًا المنجز السينمائي لمخرجين شباب مغاربة، ممن تشي أفلامهم بحساسية جمالية، وبهاجس المغايرة والتجريب. مخرجون يمتلكون لغة سينمائية جديدة، تغوص في الواقع المغربي، بأفراحه وأحزانه ونتوءاته.

لم يتردّد المهرجان عن دعوة فنانين مغاربة، بمشاربهم الإبداعية المختلفة، لإضاءة المنجز السينمائي في الدار البيضاء ـ سطات، وطرح قضاياه وإشكالاته وتحدياته، عبر ورش عمل وندوات ولقاءات فكرية، تُنظَّم تثمينًا للمشروع الثقافي والفني في تلك الجهة.

افتتح برنامج المهرجان بورشات عن المبادئ الأولية في الكتابة السينمائية، والعرض والتوظيف البيداغوجي للصورة الفيلمية، بينما كرّم المهرجان في حفلة الافتتاح اللبنانية مادلين طبر، وهي من الأسماء الفنية الحاضرة في المغرب بفضل أعمال، كـ"كفرون" (1990)، و"الطريق إلى إيلات" (1993)، و"رجل طموح" (2000)، و"طيري يا طيارة" (2013).

بالإضافة إلى تكريم المخرج المغربي عبد المجيد الرشيش، أحد الشخصيات السينمائية المنتمية إلى جيل الرواد المؤسّسين للسينما المغربية، ممن وضعوا الفعل السينمائي على حافة الجرح للخروج به من بوتقة التقليد الذي ظلت الأفلام المغربية ترزح تحته، حتى جاءت مرحلة التجريب والنقاش المحموم الذي احتضنته الأندية السينمائية منذ ثمانينيات القرن الـ20. وصولاً إلى قدرة المخرجين المغاربة على تجريب أشكالٍ ومواضيع جريئة جديدة، أزالت الحشمة والتستر عن التقليد، المعشّش في السينما المغربية. بعض هذه التجارب اشتغلها كمال كمال ونبيل عيوش وفوزي بنسعيدي وهشام العسري، وغيرهم.

في مسابقة الأفلام فقرتان: أولى دولية، ترّأس لجنة تحكيمها المخرج والمنتج المغربي لطيف لحلو، عُرضت فيها أفلام عديدة، منها الفرنسي ـ الأفغاني "كابود يود" للوي مونيي، و"في قمة العالم" لريمي شايي، و"غير مرغوب فيه" للهولندي إيدون ريزفانولي، و"الشحنة" للبرتغالي برونو غاسكون، و"الميمات الثلاث" للمغربي سعد الشرايبي، و"أمير ونصف" للرومانية آنا لونغو، و"في أوقات المطر" للمكسيكية إيتاندوي جانسن، و"أنديكو" للمغربية سلمى بركاش، و"ورد مسموم" للمصري أحمد فوزي صالح، و"الرجل النزيه" للإيراني محمد رسولوف.
وثانية "جهوية" (محلية)، وفيها: "زعلولة" لطارق رسمي، و"بوخنشة" للهواري غباري، و"غربان" لمعدان الغزواني، و"محمد، الاسم الشخصي" لمليكة الزايري، و"أرض الأحلام" لعلي بنجلون، و"مرشحون للانتحار" لحمزة عاطفي. بالإضافة إلى "6 و12" لمحمد عبد الرحمن التازي وعبد المجيد الرشيش وأحمد البوعناني، و"فيليسيتي" لآلان غوميز، و"الورشة" للوران كانتي، و"الألم" لإيمانويل فينكيل، وذلك ضمن فقرة "بانوراما"، التي احتضنتها صالات السينما في الدار البيضاء لـ5 أيام متتالية.
المساهمون