ظهرت الدراسات الغربية حول نشأة المدينة العربية والإسلامية وعمارتها في القرن التاسع عشر على يد عدد من الرحالة والجغرافيين وعلماء الآثار بالتزامن مع الاستعمار الأوروبي، واستخدموا ما املتكوه من قواعد معرفية حول المدينة الأوروبية بوصفها معياراً في التقييم والنقاش.
رأى هؤلاء أن المدن العربية تنتمي إلى مدن عصر ما قبل الصناعة، قياساً بنظيراتها الغربية التي تُعدّ حواضر العصر الصناعي، وأسهبوا في شرح وتأويل نظرياتهم التي بنوها وفق شعور بالتفوّق على ما اعتبروه عشوائية في التخطيط الحضري وبناء العلاقات الاجتماعية بين سكّان المدينة الإسلامية خارج إطار التقسيم العمالي والمهني الذي يعكس الأنشطة والمصالح الحيوية.
"المدينة في العالم الإسلامي، المنطلقات والتحوّلات" عنوان المؤتمر التي تنطلق أعماله عند الخامسة من مساء غدٍ الأربعاء في "جامعة محمد الخامس" في الرباط، وتتواصل لثلاثة أيام بمشاركة باحثين في مجالات الاقتصاد والعمارة وتخطيط المدن والتاريخ والأركيولوجيا، بتنظيم من "أكاديمية المملكة المغربية" ومجلة "هيسبيريس تامودا ريفيو".
يهدف المؤتمر إلى "تقريب زوايا النظر المختلفة؛ من وجهة نظر المؤرخ، وعالم الأنثروبولوجيا، وعالم الآثار، وعالم الجغرافيا، وعالم الاجتماع من أجل فهم المدينة في العالم الإسلامي في كامل تطوّرها ضمنن قراءات جديدة على نحو يفضي إلى إنتاج خطاب سجالي شديد الثراء والتنوع على حد سواء"، بحسب بيان المنظّمين.
يشير البيان نفسه إلى أن "النقاش العلمي الذي يدور حول المدينة الإسلامية (أو في العالم الإسلامي) ما زال متواصلاً. صحيح أن انطلاقته كانت مع الاستشراق خلال القرن التاسع عشر والنصف الثاني من القرن العشرين، غير أنها شهدت قفزة نوعية أولى خلال الستينيات وثانية بداية الألفية الثالثة".
كما يشير إلى "التطور في فهم المدينة العربية بفضل الدراسات المونوغرافية التي أنجز بعضها باحثون مغاربة في نطاق تخصصات إنسانية متقاربة مثل الجغرافيا وعلم الاجتماع والهندسة المعمارية والتاريخ إلى درجة بات من الصعب تجاهلها عند دراسة المدينة في عالم إسلامي ما فتئ يشهد تحولات كبرى".
تُفتتح الجلسات بورقة يلقيها الأكاديمي والباحث محمد الناصري بعنوان "هل هناك مدينة عربية إسلامية؟"، ثم ينطلق المؤتمر في ثلاث ورش عمل متوازية، حسب التخصصات، هي: ورشة علم الآثار، والجغرافيا، وتخطيط المدن، والاقتصاد والعمارة وورشة التاريخ.