تصادف يوم 18 مايو/أيار 2016، الذكرى التاسعة بعد العشرين لاغتيال المفكّر الشيوعي حسن حمدان، أو مهدي عامل. مرّت قرابة ثلاثين عاماً ولا تزال ماكينات صياغة البيانات تعمل، مندّدةً بـ"رصاص الغدر" و"الأيادي السوداء" التي اغتالت مهدي عامل وميشال واكد وسهيل طويلة وحسين مروة وخليل نعوس وكثيرين غيرهم، قبلهم وبعدهم، من مثقفين وصحافيين شيوعيين خلال الجزء الثاني من ثمانينات القرن الماضي. وبعد كل هذه السنوات، لا يزال الاتّهام المباشر موجّهاً أيضاً إلى "القوى الظلامية" التي نفّذت هذه الاغتيالات في ضوء النهار وفي عتم الليل، في الطرقات العامة وعلى فراش المرض، بأزيز الرصاص المزعج أو بكواتم للصوت، لا فرق. هي "قوى ظلامية" فقط، ولو أنّ هويّتها معروفة وكذلك أفرادها الذين كانوا يشنّون حملات الاعتقال والترهيب والتهجير بحق الشيوعيين.
كان القضاء على فريق النخبة في الحزب الشيوعي أمراً ضرورياً في تلك المرحلة، ليتسنّى الخلاص فعلياً من كل ما كان يمثّله هؤلاء في تركيبة البلد والطوائف وعلى كل المستويات. أي للتخلّص من كونه طرفاً عابراً للطوائف، له جيشه المنظّم والمدرّب ونشاطه العسكري الطليعي في مقاومة إسرائيل، والكثير من الأوراق القادرة على جعله مكوّناً أساسياً قادراً على المشاركة في صياغة السلم الأهلي والخروج من الحرب الأهلية إلى مشروع بناء الدولة. فبدأت عمليات الاغتيال السياسي ولم تنته إلا مع تسليم الحزب نفسه إلى المعنيين بالقرار، من زعماء محليين أو ولاة خارجيين سياسيين كانوا أم أمنيين.
انتصرت "القوى الظلامية" وباتت جزءاً من حلول السلم الأهلي وإعادة تركيب النظام اللبناني في عهد الاحتلال السوري وما بعده. فتدير اليوم سياسات الدولة وقرارتها عن قرب وعن بعد، بما فيها من فساد ومصادرة للمال العام واستفادة شخصية وحزبية وطائفية. فـ"ظلاميو" الحرب الأهلية لن يغيّروا جلدهم وسيتحوّلون إلى "ظلاميي" زمن السلم والتعايش الأهلي. كل ذلك على حساب دماء من سقطوا، ومن قد يسقطون على أيديهم مستقبلاً، أسَقَط هؤلاء جوعاً أم فقراً أم تهميشاً أو حتى قتلاً بدم بارد.
كان القضاء على فريق النخبة في الحزب الشيوعي أمراً ضرورياً في تلك المرحلة، ليتسنّى الخلاص فعلياً من كل ما كان يمثّله هؤلاء في تركيبة البلد والطوائف وعلى كل المستويات. أي للتخلّص من كونه طرفاً عابراً للطوائف، له جيشه المنظّم والمدرّب ونشاطه العسكري الطليعي في مقاومة إسرائيل، والكثير من الأوراق القادرة على جعله مكوّناً أساسياً قادراً على المشاركة في صياغة السلم الأهلي والخروج من الحرب الأهلية إلى مشروع بناء الدولة. فبدأت عمليات الاغتيال السياسي ولم تنته إلا مع تسليم الحزب نفسه إلى المعنيين بالقرار، من زعماء محليين أو ولاة خارجيين سياسيين كانوا أم أمنيين.
انتصرت "القوى الظلامية" وباتت جزءاً من حلول السلم الأهلي وإعادة تركيب النظام اللبناني في عهد الاحتلال السوري وما بعده. فتدير اليوم سياسات الدولة وقرارتها عن قرب وعن بعد، بما فيها من فساد ومصادرة للمال العام واستفادة شخصية وحزبية وطائفية. فـ"ظلاميو" الحرب الأهلية لن يغيّروا جلدهم وسيتحوّلون إلى "ظلاميي" زمن السلم والتعايش الأهلي. كل ذلك على حساب دماء من سقطوا، ومن قد يسقطون على أيديهم مستقبلاً، أسَقَط هؤلاء جوعاً أم فقراً أم تهميشاً أو حتى قتلاً بدم بارد.