خرج مؤمن العباسي من بيته وهو يحلم بشهادة التخرج بعد أربع سنوات من التعب، آملاً أن يبدأ مرحلة جديدة في حياته خارج أسوار الجامعة، لكنه اصطدم بعبارة جافة مكتوبة على لوحة إعلان النتائج بكلية الآداب في جامعة القاهرة "حُجبت النتيجة". وبعد استفساره لدى إدارة شؤون الطلبة كان الرد "أنت مفصول فصلا نهائيا من كل الجامعات بسبب أعمال الشغب والتظاهرات".
ليس العباسي الحالة الوحيدة من بين الطلاب الذين علموا بقرار الفصل النهائي بعد أداء الامتحانات، فهناك أكثر من 150 طالباً أعلن رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار عن فصلهم عقاباً لهم على نشاطهم في تظاهرات طلاب ضد الانقلاب، التي استمرت طوال العام الدراسي المنصرم، للمطالبة بالإفراج عن الطلاب المعتقلين والقصاص للطلاب الذين قتلوا داخل الحرم الجامعي.
لم يعد أمام العباسي سوى أن ينتظر دوره في تقديم الالتماس لدى إدارة الجامعة، حيث قدّم التماسين لم يتم البتّ فيهما بالقبول أو الرفض. ولا يستطيع أن يرفع دعوى قضائية ضد الجامعة للمطالبة بحقه في شهادة تخرج، إلا إذا حصل على هذه الورقة.
يقول لـ"العربي الجديد": "سألت في الجامعة فطلبوا مني أن أنتظر. وقالوا إن هناك العشرات قدموا مثلي التماسات وسيتطلب هذا وقتا للبت فيها". ويتابع: "المشكلة أن موقفي من التجنيد يجب أن يحدد خلال هذا الشهر، والكلية لا تعترف بأنني تخرّجت بل تعتبرني مفصولا".
لا يعرف العباسي على أي أساسٍ تم فصله، غير أنه كان من الطلاب الناشطين خلال العام الماضي في التظاهرات. كما لا يعرف لماذا لم يتم تحويله لمجلس تأديب كما تقتضي اللوائح الجامعية، ليدافع عن نفسه قبل إصدار مثل هذا القرار. يضيف: "علمت بقرار تحويلي للتحقيق أول يوم في الامتحانات في 5 مايو/أيار الماضي، والتزمت بالوجود في الزمان والمكان، ولكنني رأيت الطلاب الذين يخرجون من غرفة التحقيق عليهم آثار دماء، حيث استخدم الموظفون ضدهم العصي والحديد لضربهم. حتى أن الطلاب استغاثوا بأفراد من الأمن الإداري بالجامعة، فضربوا هم أيضا". لذلك لم يدخل غرفة التحقيق، وعرف في يوم نتيجته أنه مفصول دون سماع أقواله.
كان العباسي من ضمن المجموعات الطلابية الناشطة في قسم مكتبات ووثائق، والذي عمل خلال مشروع تخرّجه على تطوير الكلية عبر ما وصفه بـ"مشروع وحدة الذاكرة الرقمية" لرفع كل وثائق كلية الآداب على موقع الإنترنت، واعتمد عليه أساتذته في إنجاز الجزء الأكبر من المشروع. لكنه أصبح فجأة معاقباً من قبل الجامعة، وينتظر دوره في الالتماس.
وقال رئيس اتحاد طلبة كلية العلوم بجامعة القاهرة محمود حامد لـ"العربي الجديد" إن هناك عدداً كبيراً من الطلاب الذين علموا بقرار فصلهم يوم إعلان النتيجة، منهم 17 طالبا في كلية دار العلوم، وطالبة في كلية الهندسة، وإنهم سيحاولون التدخل لدى إدارة الجامعة لبحث مدى الظلم الذي وقع عليهم من هذا القرار.
وفي جامعة الأزهر قررت الإدارة الانتهاء، اليوم الاثنين، من إخلاء جميع المدن الجامعية من طلاب وطالبات كليات الطب، رغم استمرار امتحاناتهم؛ بحجة إجراء بعض الإصلاحات، فيما اعتبر الطلاب القرار سياسياً وأمنياً بالدرجة الأولى لمواجهة تظاهراتهم.
وكتب المتحدث باسم طلاب ضد الانقلاب جامعة الأزهر، محمود الأزهري، على صفحته على "فيسبوك" أن مسيرة ميدان طلعت حرب المفاجئة أمس الأحد نظمها الطلاب، في انطلاقة جديدة للحراك الطلابي تحت اسم "التيرم الثالث" تزامنا مع انطلاقة الحركة الأولى في رمضان الماضي في اعتصام ميدان رابعة العدوية، قائلا "الثورة لا تعرف الإجازات، وإن الحركة الطلابية لا تقيدها الأسوار الجامعية أو المواقيت الدراسية"، وتابع "لن نقف مكتوفي الأيدي بعد اعتقال الحرائر والأحكام الظالمة واختطاف الطلاب".
وعادت "كوبونات" التغذية مرة أخرى لطلاب كليتي الطب والعلاج الطبيعي بالمدينة الجامعية لجامعة القاهرة أمس الأحد، بعد توقفها منذ 27 يونيو/ حزيران الماضي، بقرار مفاجئ وغريب من إدارة الجامعة رغم استمرار الدراسة والامتحانات، وكان الطلاب قد أرسلوا شكاوى إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير التعليم العالي لتوقف التغذية وتأثر طلبة كليتي الطب والعلاج الطبيعي الذين يقطنون في المدينة الطلابية.