تخطو "القائمة المشتركة" التي تمثّل فلسطينيي الداخل، نحو تثبيت نفسها كقوة ثالثة في الكنيست الإسرائيلي، بحسب الكثير من المؤشرات المتعلقة بالانتخابات المقرر إجراؤها في السابع عشر من مارس/آذار الحالي، لكن الطموح يبقى أكبر من المقاعد الثلاثة عشر، التي تمنحها لها استطلاعات الرأي الأخيرة.
بعد فترة من الفتور النسبي، بدأت الأجواء الانتخابية تكتسب زخماً أكبر، في صفوف الجماهير العربية، قبل ثلاثة أيام من موعد الانتخابات التي ستجرى الثلاثاء المقبل، فيما تُبذل جهود كبيرة من قبل الناشطين، لتحصيل كل صوت ممكن لصالح "القائمة المشتركة" (التي تضم الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمع الوطني الديمقراطي، الحركة الإسلامية، الحركة العربية للتغيير)، من خلال المهرجانات الشعبية والزيارات البيتية، ووسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية وبطرق أخرى. أما القلق، فأحد أسبابه وجود شريحة لا تبالي بالانتخابات.
وتعرّضت "القائمة المشتركة" خلال الأيام الماضية، لحملات تحريض شديدة من قبل الأحزاب الصهيونية، وذهبت بعض التصريحات لوصفها بـ"الداعشية".
لكن التحريض المستمر الذي طال مرشحين وناشطين في القائمة، يزيدها عزيمة لشحذ همم جمهور المصوّتين في الداخل الفلسطيني، من أجل رفع نسبة التصويت إلى 70 في المائة على الأقل وتحصيل 15 مقعداً كحد أدنى في الكنيست المقبلة.
في ظل هذه الأجواء، يرى النائب جمال زحالقة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القائمة المشتركة فرضت نفسها كقوة سياسية مركزية، وقوتها الصاعدة بدأت تقلق العنصريين، فنجد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي يدّعي الديمقراطية، يصرّح بأن تصويت العرب للقائمة هو خطر داهم على الدولة العبرية، ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان يهدد بقطع رؤوس العرب، وحزب "البيت اليهودي" لا يكف عن التحريض، إلى جانب المتطرف باروخ مارزل وجوقة من المحرضين الذين يدعون إلى منع العرب من المشاركة في الانتخابات".
ويؤكد زحالقة أن "القائمة المشتركة جاءت تلبية لرغبة جماهيرية واسعة، وسيصوت لها أكثر من 80 في المائة من المشاركين في التصويت من العرب"، معلناً أن "معركتنا الآن هي على رفع نسبة التصويت، وكلما ارتفعت زاد تمثيلنا، ونحن نعمل ونأمل أن تتجاوز النسبة الـ70 في المائة، وفي هذه الحالة سيكون لنا 15 عضواً في الكنيست".
ولم يخف زحالقة قلقه من "انعدام المنافسة والهدوء النسبي في الانتخابات"، مضيفاً: "نحن بحاجة في الأيام المتبقية إلى الاستنفار، لتشجيع الناس وتحفيزهم على التصويت، فما بين 5 و10 في المائة من أبناء شعبنا في الداخل يقاطعون الانتخابات لأسباب إيديولوجية، لكن ما تبقى ممن لا يتوجّهون للتصويت، يمتنعون بسبب اللامبالاة، وهؤلاء بالذات ندعوهم إلى التصويت لأن هذه فرصة تاريخية لإحداث نقلة نوعية في عملنا السياسي والوطني، ومنعاً للاستقطاب السياسي والطائفي، ولتوحيد الجهود في مواجهة العنصرية الإسرائيلية".
اقرأ أيضاً: أسبوع على الانتخابات الإسرائيلية: تهديدات بالقتل وإثارة النعرات الطائفية
التعويل على زخم يوم الانتخابات
من جهته، يعرب النائب مسعود غنايم، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن أمله في أن يصل تفاعل الجماهير العربية مع "القائمة المشتركة" إلى ذروته يوم الانتخابات، من خلال الإدلاء بمئات آلاف الأصوات لصالحها في الصناديق.
ويقول غنايم إن "الوضع مقبول وجيد بشكل عام، ونحن نعوّل كثيراً على الزخم المتوقّع يوم الانتخابات، ونرى الأمور في تصاعد لجهة اهتمام الناس في الأسبوعين الأخيرين بالقائمة المشتركة، كما بدأت الأجواء الانتخابية تسخن، لكن لتحقيق غايتنا والحصول على 15 مقعداً لا بد من بذل كل جهد ممكن خلال الأيام المتبقية".
ويلفت غنايم إلى أنه يلمس إقبالاً أكبر في الآونة الأخيرة على مهرجانات القائمة واللقاءات التي تنظمها، مقارنة بفترات سابقة، "مما يبعث نوعاً من الطمأنينة، لكن ليس بشكل مطلق".
ويشدد على أن "التصويت في هذه الانتخابات مهم جداً، فتغيير اللعبة السياسية في إسرائيل هذه المرة بأيدينا نحن العرب، وكلما ازدادت نسبة التصويت لنا كلما قلّت حظوظ نتنياهو بتشكيل الحكومة، وساهمنا في منع أحزاب الفاشيين الصغار أمثال ليبرمان ومارزل وغيرهم من دخول الكنيست، فالصوت قوة وسلاح يجب أن نستخدمه ولا نستهين به".
معركة على كل صوت
من جهته، يؤكد الناشط وليد طه من قرية كابول، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك معركة على كل صوت، موضحاً أنه يلمس "تحسّناً في الأجواء الانتخابية العامة في أوساط فلسطينيي الداخل"، وأنه يرى ذلك جلياً من خلال الزيارات التي يشارك بها ويدعو الناس من خلالها للخروج والتصويت لـ"القائمة المشتركة" يوم الانتخابات.
وعلى الرغم من التحسّن الملحوظ، إلا أن "الوضع بحاجة إلى المزيد من العمل لحث الناس على الخروج ووصول صناديق الاقتراع"، كما يقول طه، مذكّراً بأن "ثمار القائمة المشتركة، جنينا جزءاً منها قبل الانتخابات، إذ انعكست على العلاقات الاجتماعية بين الناس، وساهمت في توطيدها، فنحن نتصرف كمجموعة قومية، ونتعالى عن الفوارق الحزبية والعائلية، كما استثمرنا غياب المنافسة الحزبية لتوحيد الجهود في محاربة الأحزاب الصهيونية، ويجب أن نستغل الفرصة التاريخية الموجودة أمامنا".
فائدة مشتركة
أما الناشط أكرم فرح من كفر ياسيف، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن مختلف القوى الوطنية في القرية "عملت منذ اللحظة الأولى لإعلان القائمة المشتركة، على احتضانها والعمل على نصرتها، لما في ذلك من فائدة لكافة أطياف المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل وقضاياه، فما حدث اتفاق تاريخي"، مشدداً على ضرورة "انتهاز الفرصة المتاحة لزيادة تمثيلنا ونصرة قضايانا".
ويضيف: "نحن في كفر ياسيف على سبيل المثال نعمل موحّدين ليل نهار، من أجل القائمة المشتركة، من خلال لجنة خاصة أقمناها، تتابع كل كبيرة وصغيرة، وتعمل في أوساط الناس"، مشيراً إلى أن "الوضع العام يبدو مُرضياً، وأعتقد أن هذا هو الحال في غالبية البلدات العربية، ونحن نعمل على رفع نسبة التصويت في القرية من 66 في المائة في الانتخابات الماضية، إلى 77 في المائة هذه المرة، ونفعل كل شيء ممكن لإنجاح القائمة، وسنكون في يوم الانتخابات على استعداد حتى لنقل الناس من بيوتهم إلى صناديق الاقتراع وإعادتهم إليها حين يقتضي الأمر ذلك".