"القائمة السوداء" مثار خوف وتهديد للعراقيين

01 فبراير 2015
يُمكن دفع مبالغ مالية لسحب الأسماء (علي السعدي/فرانس برس)
+ الخط -
تثير "القائمة السوداء" مخاوف الكثير من العراقيين، بعد تعرّض العديد منهم للاعتقال والتعذيب بسببها، بينما اضطر آخرون الى تغيير مناطق سكنهم أو السفر خارج البلاد، وترك أعمالهم خوفاً من بطش الأجهزة الأمنية. و"القائمة السوداء"، عبارة عن قائمة بأسماء مطلوبين في المحافظات الست، أصدرتها الأجهزة الأمنية، وتجري عليها تحديثات بين فترة وأخرى، لتضيف أسماء جديدة إلى المطلوبين، حتى يتم اعتقالهم في أي مكان وُجدوا.

ويروي مهند جليل (36 عاماً) وهو من أهالي محافظة ديالى، قصته مع "القائمة السوداء"، التي كلّفته مبالغ مالية كبيرة ليشطب اسمه منها. ويقول جليل لـ"العربي الجديد"، "كنت في طريقي الى قضاء بلدروز (شرق بعقوبة) بسيارتي مع عائلتي، ومررنا. بحاجز للتفتيش، وأخذ أحد عناصر الحاجز بطاقتي الشخصية وبحث عن الاسم في جهاز الحاسوب".

ويضيف "أمرني بالنزول، وقال إنّ اسمي موجود في القائمة السوداء، ليتم احتجازي". وأنقذ جليل نفسه، عبر اتصاله بصديقه، وهو ضابط في الجيش، والذي "تدارك الأمر بشكل سريع ليخلي سبيلي، بعد أن دفع ألفي دولار لعناصر حاجز التفتيش"، وفقاً لجليل.

ولم تكن المرحلة سوى بداية المشاكل لجليل، المسكون بهاجس القلق والخوف. ويلفت إلى أنه "لم أستطع أن أخرج لعملي، وأُجبرت على تركه (وهو صاحب محل في مدينة بعقوبة)، ولم أستطع النوم في بيتي، وصرت أتنقل بين بيوت اخوتي وأقاربي". وأضاف أنّه "كلّف صديقه الضابط بإيجاد حل لمشكلته، والذي تمكّن من الوصول إلى اللجنة الأمنية في المحافظة، التي طلب منه أحد أعضائها مبلغ 20 ألف دولار لشطب الاسم من القائمة".

وتابع جليل "حسمنا الموضوع بعد أن اتفقنا على مبلغ 12 ألف دولار، سُلّمت لعضو اللجنة الأمنية، الذي شطب الاسم. فاضطررت إلى بيع سيارتي، وتعرّضت لضرر مالي كبير، بسبب تركي العمل". وتُعدّ اللجان الأمنية والقضائية في المحافظات، القوائم السوداء، بناءً على معلومات من المخبر السرّي، وقضايا كيدية، ومحاولات للتصفية.

وقال مسؤول في مجلس محافظة ديالى لـ"العربي الجديد"، إنّ "أغلب الذين أقحمت أسماؤهم في القائمة، لا علاقة لهم بالإرهاب لا من قريب ولا من بعيد". وكشف أن "أكثرهم يتم اعتقالهم وتؤخذ منهم أموال طائلة، ومنهم من يُطلق سراحه ويُشطب اسمه، ومنهم من يبقى رهن الاحتجاز والتعذيب". وأشار الى أنّ "القائمة أثارت مخاوف الكثير من العراقيين، الذين أُجبروا على تغيير مناطق سكنهم أو السفر الى خارج البلاد، فيما استطاع آخرون دفع مبالغ كبيرة للجهات المسؤولة لشطب أسمائهم من القائمة".

من جهته، يقول رئيس اللجنة الأمنية في محافظة ديالى، القيادي في "الحشد الشعبي"، صادق الحسيني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القائمة تحوي أسماء الذين انخرطوا في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أو قدموا الدعم له". وأشار إلى أن "المطلوبين هم مجرمون خطرون، بعضهم قتل والبعض الآخر هرب إلى مناطق أخرى".

وطالب الحسيني، الأجهزة الأمنية بـ"توحيد أسماء المطلوبين في القائمة السوداء داخل المناطق الساخنة في البلاد، لتكوين قاعدة بيانات متكاملة على مستوى العراق، تؤمن ملاحقتهم، وبالتالي اعتقالهم لتقديمهم للقضاء العراقي كي ينالوا جزاءهم العادل، لأنّهم بذرة شر"، بحسب تعبيره.

وخلال الفترة الأخيرة، وبعد تحرير العديد من مناطق محافظة ديالى من "داعش"، أدخلت الميليشيات أسماء مئات المواطنين، أغلبهم من النازحين، في "القائمة السوداء"، لمنعهم من العودة إلى مناطقهم، أو الخروج من المحافظة، من أجل احداث تغيير ديموغرافي فيها.

المساهمون