"الفن الروسي التجريبي.. بين الروّاد وحاملي الشعلة" عنوان المعرض الذي افتُتح في السادس والعشرين من الشهر الماضي في غاليري "مطافئ، مقرّ الفنانين" في الدوحة ويتواصل حتى الثالث من شباط/ فبراير المقبل، بمشاركة واحد وثمانين عملاً يُمثّل أبرز الحركات والمدارس الفنية التي ظهرت في روسيا.
يعكس المعرض فكرة التقاطعات بين الناس على مستوى التاريخ والأجيال والثقافات والربط بينهم، من خلال أعمال قدّمها روّاد حركة الفن الطليعي الروسي وأبناء الجيل الثاني الذين عاصروا الحقبة الزمنية الممتدّة من منتصف القرن العشرين حتى أواخره، مُبرِزاً أوجه الشبه غير المتوقّعة بين جيلين من الفنانين الذين تمرّدوا على العادات وأنتجوا أعمالاً فنية مغايرة بشدّة للمعهود في ذلك الوقت.
يضمّ المعرض أعمال المعماري والفنان فلاديمير تاتلين (1885 - 1953) الذي أنجز مجموعة تصاميم من الخشب والمعدن والورق المقوّى، إضافة إلى مستويات مغطّاة بمادتَي الجبس والزجاج، وانتمى إلى تيار نشأ في "المعهد الوطني للثقافة الفنية" عام 1922، واهتم بـ"التركيبة الفراغية" من مبدأ إعادة التشكيل في الطبيعة، ضمن نزعة حداثية تدعو إلى تمجيد الآلة والإنجازات التكنولوجية للعصر الصناعي.
كما يعرض لوحات الفنّان والمصمّم الغرافيكي ألكسندر رودشينكو (1891 - 1956) الذي بدأ مشواره بعددٍ من الأعمال التجريدية، ثم تأثّر بالمدرستَين المستقبلية والتكعيبية. كما نال بعد ذلك شهرة كبيرة عبر اشتغاله على التصاميم والملصقات التي وُظّفت كوسائط لإظهار واكتشاف قوى الشد الفضائية والإنشائية فيها، متتبّعاً نظريات وضعها تاتلين.
تُعرَض أيضاً لوحات الفنان كازيمير ماليفيتش (1879 - 1935) الذي بدأ بالرسم التشخيصي ثم تنقّل بين تيارات فنية متعدّدة؛ كالرمزية وما بعد الانطباعية والمستقبلية، قبل أن يستقر على السوبرماتية ويصل من خلالها إلى التجريد الهندسي الخالص الذي يعتمد في أساسه على المثلّث والمربّع والدائرة والمستطيل، إضافة إلى بعض الخطوط المستقيمة والمنحنية التي يعزّزها بألوان أساسية قوية ومتقشّفة.
وتحضر، أيضاً، أعمال للفنان ميخائيل ماتيوشين (1861 – 1934)، الذي انتسب إلى "المدرسة الطليعية الروسية" التي تبنّت المستقبلية، واهتمّ بالبعد الرابع الذي يربط الفنون البصرية والموسيقية وتفحُّص تأثيرها في الفضاء العام، من خلال دراسة علم وظائف الأعضاء وإيقاع الحواس وتناغمها.