"الفدائيون الجدُد" يعجز الاحتلال عن إيقافهم

27 يونيو 2015
15عملية مقاومة فردية خلال الشهرين الماضيين (فرانس برس)
+ الخط -
تقرّ إسرائيل بعجزها عن مواجهة تعاظم العمليات الفدائية، التي تسميها إسرائيل "منفردة" أو "وحيدة" ويبادر إلى تنفيذها أشخاص لا ينتمون إلى حركات أو تشكيلات تخضع لنسق قيادي وتنظيمي محدد. وتعترف الدوائر الأمنية بأنه يكاد من المستحيل إحباط العمليات ذات الطابع الفردي، لأنه يتعذر الحصول على معلومات استخبارية عنها مسبقاً.

فخلال الشهرين الماضيين، قُتل جندي إسرائيلي ومستوطن، وأصيب 43 في 15 عملية مقاومة فردية، نُفذت معظمها في مدينة القدس ومحيطها. وقد اعتمد منفذو هذه العمليات وسائل مختلفة، فتارة تمت طعناً بالسكاكين، أو دهساً بالسيارات، مع العلم أن هذا النوع من العمليات لا يحتاج مساعدة آخرين، مما يحصر مهمة التنفيذ في الشخص ذاته، وهذا ما يجعل إحباط العملية شبه مستحيل.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، عن دوائر أمنية، إنه يكاد من المستحيل مواجهة العمليات الفردية لأنها تكون وليدة مبادرة شخص واحد قرر في لحظة ما الإقدام على تنفيذ هذا العمل. وحسب هذه الدوائر، فإن أهم عامل يقف وراء العمليات الفردية هو "الحماس الديني"، لا سيما في شهر رمضان، مما يعني أن هناك أساساً للاعتقاد أن المزيد من العمليات ستُنفذ حتى نهاية هذا الشهر.

واعتبرت هذه الدوائر أن "نفسية الصائم تؤهله بشكل عام لتنفيذ مثل هذه العمليات بسبب الصوم المتواصل والتحوّل الدراماتيكي على جدول اهتماماته وأولوياته اليومية، مما يزيد من فرص الاستعداد لتنفيذ مثل هذه العمليات". وأشارت إلى أن ما يزيد من صعوبة مواجهة هذه العمليات حقيقة أن نجاح إحداها يدفع شباباً فلسطينيين آخرين لمحاولة اقتفاء أثر منفذها وتنفيذ عمليات مماثلة.

ولفتت الدوائر الأمنية، بحسب "يديعوت"، إلى أن كلاً من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تؤديان دوراً مهماً في التحريض على العمليات الفردية، إذ إن أغلبية منفذي هذه العمليات يتأثرون بالرسائل الدينية التي تعكف على بثها وسائل إعلام تتبع الحركتين. وشددت على أنه لا يمكن إغفال ظاهرة "الصحوة والحماسة" الدينية التي تجتاح المنطقة، والتي تدفع مزيداً من الشباب الفلسطيني للاقتداء بما يحدث في المحيط، منوهة إلى أن منفذي العمليات الفردية يهدفون بشكل خاص إلى المس بعناصر الأمن الإسرائيلي.

اقرأ أيضاً: إسرائيل وعمليات "الذئاب الوحيدة": عقوبات محدودة بأهداف متعددة

من جهته، قال المعلّق العسكري الإسرائيلي، ألون بن دافيد، إن جهاز الاستخبارات الداخلية "الشاباك"، المسؤول عن مواجهة المقاومة الفلسطينية، يقر بعجزه عن مواجهة العمليات الفردية. مشيراً إلى إن إحباط هذه العمليات يعتمد فقط على قوة انتباه الأشخاص الذين يكونون في ساحة الهجوم.

وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف"، أشار بن دافيد إلى أن ما يزيد الإحباط لدى "الشاباك" وشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" حقيقة أنه لم يعد بالإمكان رسم بروفايل محدد للأشخاص الذين يمكن أن ينفذوا العمليات الفردية، إذ يمكن أن ينفذها شباب صغار أو مسنون، وعزاب ومتزوجون، عمال وعاطلون عن العمل، مسلمون ومسيحيون. ولفت بن دافيد إلى أن تعاظم العمليات الفردية جاء في ظل تراجع العمل المقاوم المنظم بشكل كبير لدرجة أنه يكاد لم يعد قائماً، وذلك بفعل التعاون الأمني الوثيق والمتواصل بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي. مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة تقوم بضرب البنى التنظيمية للحركات الفلسطينية بشكل متواصل.

وقال بن دافيد، إن هناك في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من يطلق على العمليات تسمية "الانتفاضة الصامتة"، مشدداً على أن مواجهة العمليات الفردية تتطلب حلاً سياسياً للصراع يفضي إلى تقسيم القدس، على اعتبار أن اختلاط اليهود بالفلسطينيين في هذه المدينة يُسهّل من مهمة المس بالمستوطنين والجنود.

وفي السياق نفسه، قال المعلّق العسكري الإسرائيلي، رون بن يشاي، إن التسهيلات التي أدخلتها إسرائيل على حرية الحركة في الضفة الغربية بغرض "إغراء" الفلسطينيين بعدم الاندفاع نحو الانتفاضة، لم تترك أثراً على الفلسطينيين الذين قرروا أن ينفذوا عمليات فردية.

وحول سبل "مواجهة العمليات الفردية"، ذكر المعلّق العسكري، عاموس هارئيل، بإن كلاً من "الشاباك" و"أمان" يقومان بتشديد المراقبة على شبكات التواصل الاجتماعي التي يرتادها الفلسطينيون، ويرصدون بشكل خاص المنشورات التي يكتبها الشباب لمحاولة التعرف على نواياهم بشأن تنفيذ عمليات. وأوضح هارئيل في تحليل نشرته "هآرتس"، أن باحثين في كل من "الشاباك" و"أمان" يرصدون ويحللون الرسائل غير المباشرة التي يعبّر عنها الشباب الفلسطيني في مواقع التواصل والتي قد تدل على نواياهم بشأن تنفيذ عمليات ضد أهداف صهيونية.

اقرأ أيضاً: استشهاد منفذ عملية الطعن في القدس المحتلة

المساهمون