"العملية الشاملة" في شهرها الخامس: مصر تهدم أبو حلو بطلب إسرائيلي

10 يونيو 2018
رفع الجيش الحصار تدريجياً عن العريش (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

دخلت العملية العسكرية الشاملة التي بدأها الجيش المصري في سيناء، في 9 فبراير/شباط الماضي، شهرها الخامس، مع محاولة الجيش تخفيف الحصار المفروض على مدينة العريش، من دون باقي مدن محافظة شمال سيناء، في وقت عادت هجمات تنظيم "ولاية سيناء" التابع لتنظيم "داعش" بعد هدوء نسبي ساد المنطقة، خلال الأسابيع الماضية.

وعلى الرغم من الأرقام الكبيرة التي احتوتها بيانات المتحدث العسكري للجيش المصري حول أعداد المسلحين القتلى والاعتقالات العشوائية التي طاولت آلاف المواطنين، والحديث عن السيطرة الأمنية على غالبية مناطق سيناء، إلا أن الهجمات الأخيرة للتنظيم كانت في مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء، والتي لو صحّت البيانات، فكان من باب أولى أن تكون الأكثر أمناً من بقية المدن، لطبيعة التمركز الأمني فيها، والإغلاق الشامل لها.

وخلال الأسبوع الأخير من الشهر الرابع للعملية العسكرية، وبعد ثلاثة أشهر من انقضاء المهلة التي حددها الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئيس أركان الجيش المصري، محمد فريد حجازي، للقضاء على الإرهاب، وقع ما لا يقل عن 15 مجنداً بين قتيل وجريح في اعتداءات للتنظيم، في مدينة العريش ومحيطها، التي أُشيع أن حجازي زارها سراً في ذات الأسبوع، بينما واصل الجيش عمليات التجريف وهدم المنازل في مناطق رفح والشيخ زويد.

ورأى متابعون للشأن السيناوي أن "تنظيم ولاية سيناء أراد توجيه رسائل واضحة من الهجمات التي شنها أخيراً، من حيث المكان أنها جاءت في مدينة العريش ذات الثقل الأمني والعسكري والتي تعاني من حصار مشدد منذ بدء العملية العسكرية الشاملة، وفي رسالة التوقيت أنها جاءت بعد أسابيع من الهدوء الأمني النسبي الذي ساد غالبية مناطق سيناء وفي مقدمتها العريش، عدا عن أنها جاءت في الأسبوع الأخير من الشهر الرابع للعملية العسكرية".



في المقابل، حاولت المؤسسة العسكرية المصرية إظهار المشهد الذي أرادته، من خلال الحديث عن ضربة أمنية تعرّض لها "الإرهابيون" باستهداف مجموعة مسلحين بعد اكتشاف مخبئهم في مدينة العريش، وذلك عقب ساعات قليلة من مقتل ضابط برتبة نقيب ومجندين من قوات العمليات الخاصة التابعة للداخلية المصرية. مع ذلك، فإن أياً من المصادر المحلية في مدينة العريش أو المستشفى العام في المدينة لم تذكر أي معلومات عن حدوث اشتباكات، أو ورود إصابات، أو جثث قتلى، مما أضعف الرواية الرسمية، التي جاءت لإظهار استتباب الأمن في سيناء، خصوصا مدينة العريش، في ظل عودة هجمات تنظيم "ولاية سيناء".

كما أن المتحدث العسكري باسم الجيش المصري نشر، قبل أيام، مقطعاً مصوراً لجولة قال إنها لحجازي في مدينة العريش، في رسالة أخرى حاولت الإيحاء بأن "الوضع الأمني جيد ويسمح بزيارة الشخصية الثانية في وزارة الدفاع المصرية". في المقابل، فإن ما أضعفها هو أن الزيارة جاءت بشكل سري، إن صدقت رواية المتحدث العسكري، ولم يشعر بها المواطنون، خصوصاً القاطنين في محيط الكتيبة 101 التي ظهر الفريق حجازي فيها، بينما لم يجرِ أي جولة ميدانية على الكمائن العسكرية التابعة للجيش في مدينة العريش، كما جاء في بيان المتحدث العسكري حول الزيارة.

وفي مدينة رفح، بدأ الجيش المصري استعداداته لتجريف حي أبو حلو جنوب المدينة، الواقع على تخوم موقع كرم أبو سالم العسكري الإسرائيلي، على المثلث الرابط بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة مع سيناء. وهي المنطقة ذاتها التي شهدت عملية عسكرية واسعة قبل أسابيع عدة. ووفقاً لمصادر قبلية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن "قوات الجيش أبلغت سكان تلك المنطقة بضرورة إخلاء حي أبو حلو خلال عيد الفطر (منتصف الأسبوع المقبل)، تمهيدا لتجريفه بشكل كامل".



وحي أبو حلو المنوي هدمه واقع خارج نطاق المنطقة العازلة التي أعلن عنها الجيش قبل أربعة أعوام تقريباً، فازدادت الأسئلة حول الهدف من وراء هدمه في هذا التوقيت، قبل تأكيد مصادر قبلية أن "إسرائيل ممتعضة من الوجود السكاني قرب الموقع العسكري الأهم في جنوب قطاع غزة والمتمثل في موقع كرم أبو سالم شرق مدينة رفح الفلسطينية، والذي ادّعى جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ أسبوع، تفجير نفق للمقاومة الفلسطينية يمر من مناطق حي أبو حلو باتجاه الموقع العسكري".

كما يُعتبر حي أبو حلو آخر نقطة يمكن من خلالها نقل البضائع والأدوية من سيناء لغزة، لينضم إلى أحياء وقرى مدينة رفح التي هدمها، وبالتالي تنتهي فصول نقل البضائع من سيناء لغزة بشكل شبه تام، مما يزيد الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 12 عاماً.

وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن "عملية سيناء أصبحت فعلياً بلا موعد انتهاء، مما يعطي المجال للمؤسسة العسكرية بأن تواصل عملية الاستنفار الأمني التي تحت غطائها تنتهك معايير حقوق الإنسان بشكل لافت، من خلال حملات المداهمة والاعتقال، والقتل خارج القانون، والتصفية من دون محاكمات، وهذه الانتهاكات ارتفعت مستوياتها في الأشهر القليلة الماضية التي بدأت فيها العملية العسكرية الشاملة، وهذه الانتهاكات قد تتصاعد مجدداً في حال وقوع أي هجمات ضد قوات الجيش والشرطة في سيناء".

وأضاف الباحث أن "حالة التململ في صفوف مجموعات التنظيم في الوقت الراهن، قد يتبعها هجوم نوعي للتنظيم، يكشف حقيقة الوضع الأمني في سيناء، بعد مرور أربعة أشهر على بدء العملية العسكرية الشاملة، وهذا ما قد تحسّب له الجيش باستمرار حالة الاستنفار الأمني، في مقابل تخفيف إجراءات الحصار عن العريش، مما يزيد هامش المناورة بإلصاق الهجمات المتوقعة كنتائج لعمليات تخفيف الحصار، والسماح بحركة المواطنين من وإلى العريش".



المساهمون