"العربي الجديد" ينشر القصة الكاملة لهجوم البوكمال..خلافات داخل بغداد وارتفاع عدد القتلى
وبعد ساعات قليلة من إصدار قيادة العمليات العراقية المشتركة (أعلى جهة عسكرية بالعراق) وتتبع للقائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء حيدر العبادي، بيانا تبرأت فيه من القوات التي تعرضت للقصف الجوي داخل الأراضي السورية، وأكدت أن قواتها تتواجد على الحدود مع سورية وليس داخل الأراضي السورية وأنها لم تتعرض لأي اعتداء أو ضربات جوية، أصدرت وزارة الخارجية العراقية بيانا نددت فيه بما سمّته "استهداف المقاتلين داخل سورية"، معتبرة أنه دعم لتنظيم "داعش" ومساعدة له، بينما رفع موقع "الحشد الشعبي" البيان الذي أصدره، أمس، منددا بالهجوم على مقاتليه داخل الأراضي السورية عقب بيان قيادة العمليات العراقية المشتركة، وأعاد نشره مرة أخرى بعد ساعات قليلة بالصيغة نفسها.
وكشف مسؤول عراقي بارز في بغداد لـ"العربي الجديد"، عن وجود خلافات حادة بين رئيس الوزراء وقيادات "الحشد الشعبي" حول حادثة "استهداف لفصائل عراقية مسلحة داخل سورية".
ووفقا للمسؤول ذاته، وهو موظف بمكتب العبادي، فإن "الضربة الجوية أعادت فتح أحد أبرز ملفات الخلاف بين رئيس الوزراء وقيادات الحشد الشعبي، حيث يرفض العبادي انتقالها إلى سورية أو تقديم أي دعم لنظام الأسد".
وبين أن وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، كان مجاملا لـ"الحشد الشعبي" بكل تأكيد، معتبرا أنه تصرف وفقا لمصالحه الحزبية والشخصية ومجاملة للجانب الإيراني بالدرجة الأولى، وفقا لقوله.
وحول الموقع المستهدف، أوضح أنه مركز رصد استخباري معتمد من قبل ما يعرف بالتحالف الرباعي خلال الاجتماع الأخير الذي جرى ببغداد. مضيفا أن "الموقع المستهدف يضم أجهزة اتصالات وتبادل معلومات، وفيه مركز مراقبة بالطائرات المسيرة، وثبت كموقع استخباري رئيس داخل غرفة التحالف الرباعي الروسي الإيراني العراقي السوري، ويشترك فيه ضباط من الاستخبارات السورية والفرقة الرابعة بقوات النظام، لكنه أيضا يضم مسلحي فصائل عراقية تساند النظام".
ولفت إلى أن العدد الكلي للقتلى يتجاوز الستين عنصرا من المليشيات العراقية وقوات النظام السوري، كما يرجح وجود معتقلين بداخله قتلوا بالغارة أيضا.
في الأثناء، قال مراسل "العربي الجديد" في مدينة النجف، إن جثث قتلى الهجوم وصلت إلى المدينة وكانت باستقبالها قيادات عسكرية ودينية مختلفة وممثلون عن "الحشد الشعبي". وبلغ عدد القتلى من العراقيين 22 عنصرا، غالبيتهم من مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية، إلى جانب مسلحين من مليشيا "الخراساني" و"النجباء"، ويعد المدعو سيد راضي ونجله رضا أحد أبرز القتلى في الغارة الجوية التي نفت الولايات المتحدة مسؤوليتها عنها. وتوجه لتلك المليشيات أصابع الاتهام بالوقوف وراء جرائم طائفية بحق المواطنين السوريين في حمص وريف دمشق والقصير.
وفيما تم نقل الجرحى إلى مستشفى الشعلة، شمال غربي ببغداد، يعالج فيه أفراد الأمن والجيش العراقي، بعدما أمضوا ليلة واحدة في مستشفى بمدينة القائم العراقية، يقدر عدد القتلى الكلي من العراقيين والسوريين إلى جانب شخص يحمل الجنسية الأفغانية بأكثر من 60 قتيلا وجريحا.
وبحسب مصادر محلية داخل مدينة القائم، فإن مجاميع مليشياوية عراقية دخلت الأراضي العراقية بعد الهجوم. والأسبوع الماضي، بحسب المصادر ذاتها، تقدم رعاة أغنام عراقيين بشكوى للجيش العراقي ضمن عمليات البادية والجزيرة يشكون من سرقة أفراد المليشيات العراقية المتواجدة في المناطق السورية المجاورة للعراق أغنامهم وأخذها إلى داخل سورية واعتدائهم في مرات كثيرة على السكان والرعاة وسرقة مخزون البنزين الموجود لديهم أيضا.
وأمس، الاثنين، أصدرت مليشيات "الحشد الشعبي" بيانا قالت فيه إن طائرة أميركية قامت بضرب مقر ثابت لقطعات "الحشد" من لواءي 45 و46 المدافعة عن الشريط الحدودي مع سورية بصاروخين مسيرين، ما أدى إلى استشهاد 22 مقاتلا وإصابة 12 بجروح، وطالبت الولايات المتحدة بإصدار توضيح عاجل حول الهجوم.
إلا أن بيانا عاجلا صدر عن قيادة العمليات العراقية المشتركة نفى فيه تعرض قوات عراقية أو فصائل بـ"الحشد" إلى أي هجوم، مبينا أن "قواتنا لا تتواجد داخل الأراضي السورية".
وأضاف البيان "نود أن نحيط الرأي العام علما ووسائل الإعلام أيضا بأن قواتنا الأمنية بجميع تشكيلاتها من الجيش والشرطة والحشد الشعبي تعمل على تأمين الحدود العراقية، من بينها العراقية السورية، ولم تتعرض هذه القطعات إلى ضربات جوية أو ضربات أخرى".
وأضاف "إننا في الوقت الذي نأسف فيه لما حصل لقوات أمنية داخل الأراضي السورية بعد قصف مقرها الذي يقع جنوب البو كمال منطقة (الهري)، وهو عبارة عن غابات وعمارات سكنية، حيث تبعد هذه القطعات 1500 كلم عن الحدود العراقية داخل الأراضي السورية، نؤكد أننا لسنا على اتصال معهم ولم يكن هناك تنسيق بين قواتنا الأمنية وهذه القطعات".
وأشار إلى أنه "وبعد الاتصال بنائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أوضح عدم اطلاعه على البيان الذي صدر من هيئة الحشد الشعبي، وأكد عدم وجود أي قوات من الحشد الشعبي خارج الحدود العراقية السورية".
وعقب بيان قيادة العمليات العراقية المشتركة، رفع موقع "هيئة الحشد الشعبي" البيان الذي أصدره عدة ساعات، قبل أن يعيد نشره بصيغته الأولى.
من جانبه، أصدر المتحدث باسم الخارجية العراقية، أحمد محجوب، بيانا قال فيه إن الوزارة "تعبر عن رفضها واستنكارها للعمليات الجوية التي تستهدف القوات المتواجدة في مناطق مواجهة تنظيم داعش، سواء كانت في العراق أم سورية أم أي مكان آخر في ساحة مواجهة هذا العدو الذي يهدد الإنسانية"، ولفت إلى "أن أي استهداف لهؤلاء المقاتلين بشتى مسمياتهم ومواقع قتالهم هو دعم لداعش ومساعدة له على التمدد ومحاولة تنظيم صفوفه مِن جديد".
وكان متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية قد نفى البيانات التي أشارت إلى أن طيرانا أميركيا أو تابعا للتحالف الذي تقوده، يقف وراء الهجوم.
ونقلت شبكة "سي ان ان" الأميركية عن مسؤول حكومي أميركي، الثلاثاء، أن "الغارة التي استهدفت، أمس، مجموعة موالية للنظام السوري قرب البو كمال نفذها سلاح الجو الإسرائيلي".
وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته، إن "الغارة الإسرائيلية استهدفت مجموعات موالية لإيران"، مضيفا أن "هناك إصرارا إسرائيليا على قطع الطريق التي يرغب الإيرانيون في فتحها من طهران إلى بيروت".
وبين أن المهمة التي نفذها الطيران الإسرائيلي صعبة وتحمل تعقيدات لوجستية كبيرة، لأن المقاتلات كان عليها التحليق مسافة 560 كيلومترا لتنفيذ ضرباتها قرب البو كمال.
وعلى الرغم من التصريحات الأميركية وتزامن الغارة الجوية التي استهدفت قاعدة الهري على الجانب السوري من الحدود مع العراق، غداة إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن بلاده ستستهدف "وكلاء" إيران أينما وجدوا في سورية، إلا ان الجيش الإسرائيلي رفض التعليق على الاتهامات الأميركية. وقالت ناطقة باسمه ردا على أسئلة وكالة "فرانس برس": "نحن لا نعلق على تقارير صادرة في الخارج".