"العربي الجديد" يروي كواليس محاكمة مبارك

القاهرة

حسام المحمود

avata
حسام المحمود
29 نوفمبر 2014
D1DEF6BB-234A-4259-A3FC-EB01F5D8E220
+ الخط -

يمسك يد زوجته ويبتعد باكيا عن مقر محاكمة مبارك، تلاحقهما عدسات المصورين وميكروفونات القنوات الدولية والمصرية، يختصر المشهد بقوله "قضاء ظالم ولم نتوقع منك يا سيسي ذلك".

يفتخر الحاج مصطفى أنه يحمل "كارنيه" مصابي العمليات الحربية في حرب أكتوبر عام 1973، يردد "لم أكن أتصور أن يحدث هذا لي من رفيق السلاح الذي أيدته وانتخبته". كلمات تختصر عدة مشاهد من كواليس الحكم ببراءة الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك.

البداية

في الساعة الثامنة والنصف صباح السبت، نقلت قوات تأمين المحاكمة مبارك، عبر عربة إسعاف إلى طائرته في مهبط "الهيلكوبتر" مقابل مشفي المعادي مقر إقامته الحالي، من هناك جرى نقله إلى أكاديمية الشرطة "أكاديمية مبارك سابقا" في التجمع الخامس -شرق القاهرة- مقر المحاكمة التي وصل مبارك إليها في الساعة التاسعة وعشر دقائق.

تتابعت الأحداث بوصول علاء وجمال مبارك نجلي الرئيس السابق بالإضافة إلى حبيب العادلي، ظهروا يرتدون البدلة الزرقاء إذ ينفذون حكما قضائيا بعد إدانة (جمال وعلاء) في قضية القصور الرئاسية والعادلي في قضية (اللوحات المعدنية).

بعد قليل وصل مؤيدو الرئيس المخلوع المعروفون إعلاميا بـ"أبناء مبارك"، احتشدوا أمام مبنى المحكمة حتى ناهز عددهم نحو خمسين شخصا، وعلى الجانب الآخر وقف عدد هزيل لا يتجاوز 15 شخصا يمثلون أهالي الشهداء والمصابين.

هيئة المحكمة تشكلت من المستشار محمود كامل الرشيدي والمستشار إسماعيل عوض والمستشار وجدي عبد المنعم، وصلوا إلى مقر الأكاديمية الساعة التاسعة والربع، وبعد نحو ساعة وربع دخل مبارك وباقي المتهمين قفص الاتهام.

مبارك ورجاله متفائلون

منذ بداية يوم المحاكمة، ظهرت على مبارك حالة من التفاؤل، فسرتها بعض المصادر التي حضرت المحاكمة بأن الرئيس المخلوع قد تحسنت صحته، وتلقى تطمينات من فريق دفاعه. بعد دخول مبارك إلى قاعة المحكمة محملا على سرير طبي، ضحك وابتسم متحدثا مع نجليه ومساعدي الوزير السابق حبيب العادلي المتهمين بقتل المتظاهرين، الذين حضروا بملابس مدنية لعدم إدانتهم على ذمة قضايا أخرى.

القاعة لأنصار مبارك

منعت المحكمة دخول القاعة إلا عبر تصريح رسمي صادر للإعلاميين والمحامين بواسطتها، إلا أن التواجد في القاعة، من دون سبب مفهوم، سيطر عليه أنصار مبارك ومن الطرف الآخر لم يظهر سوى محاميين من المدعين بالحق المدني، لم يتحدثا مع أحد، ظهر الوجوم على وجهيهما، وكان من أبرز الحضور من دون صفة مفهومة الفنان تامر عبد المنعم زوج ابنة المحامي فريد الديب محامي الرئيس المخلوع، ومصطفى يونس لاعب كرة القدم السابق في النادي الأهلي المصري.

القاضي الإعلامي

في العاشرة والثلث بدأ المستشار محمود كامل الرشيدي الجلسة. يُعرف عن المستشار كامل حبه الكبير للإعلام والتحدث وإبراز قدراته اللغوية والجهد المبذول من خلال دائرته، هذه المرة أضاف إلى "الشو" حديثا عن عمره وعدم خوفه من الموت، في سابقة تعد جديدة على القضاء المصري، لكنها معتادة من المستشار الرشيدي الذي أذاع تقريراً تلفزيونياً معداً سابقاً لشرح جهوده ومساعديه في نظر القضية خلال الجلسة قبل الأخيرة للمحاكمة.

لم يكتفِ الرشيدي بشكر النيابة التي ذكر أسماء ممثليها مصحوبة بلقب"بيه". ويعلق أحد محامي الادعاء المدني -رفض ذكر اسمه- على طريقة المستشار كامل، قائلا لـ"العربي الجديد": "المستشار محمود كامل عمد خلال النطق بالحكم إلى التعامل بمنطق الإثارة والتشويق إذ أخّر الحكم في الاتهام الأول في الجناية 3642 المتهم فيها مبارك بقتل المتظاهرين وبيع الغاز ونطق القاضي بالحكم في الاتهامين الثاني المتعلق بحصول مبارك ونجليه على عطية من حسين سالم لاستعمال نفوذهم، والثالث المتعلق بتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، مؤخِّرا الأول -على خلاف العادة- إلى نهاية الجلسة، الأمر الذي يعد طريقة جديدة للتعاطي مع حكم قضائي، تبدو أسبابها مفهومة من وجهة نظر قانونية".

بكاء مبارك والعادلي

بعد نطق المستشار الرشيدي الحكم ببراءة مبارك في الساعة الحادية عشرة صباحا، ضجت القاعة بالتصفيق والهتاف له ولرجاله وأبنائه، وكان أبرز المحتفلين المحامي فريد الديب، فيما كان مبارك وعلاء وجمال والعادلي ومساعدوه يتبادلون التهاني، وظهرت على مبارك علامات الفرح الشديد الممزوجة بالبكاء، بينما لم يتمالك العادلي نفسه، وبكى أيضا فيما ظل جمال يقبل رأس والده".

سيلفي جمال ومداخلة مبارك

على الرغم من استمرار حبس علاء وجمال وحبيب العادلي إلا أن أنصار مبارك دخلوا إلى غرف الحبس الملحقة بالقفص لالتقاط الصور التذكارية و"السيلفي" مع علاء وجمال والعادلي، فيما تفرغ مساعدو وزير الداخلية الأسبق للإدلاء بتصريحات لقناة صدى البلد التي حصلت على حق البث التلفزيوني الحصري للمحاكمة، وعقب الحكم بنحو ساعة دخل مبارك في مداخلة هاتفية مع الإعلامي القريب من الرئيس عبدالفتاح السيسي "أحمد موسى" على نفس القناة.

محمد صلاح الناشط بحركة العدالة والحرية، قال لـ"العربي الجديد" مشهد اليوم من تصوير وتصميم جمال وعلاء المحبوسين على ذمة قضية أخرى، القانون يُطبق على معارضي السيسي فقط، دون أنصاره أو رجاله".

ويضيف: "لا يمكن الفصل بين السيسي ومبارك ورجالهم فأهم وأبرز أنصار السيسي الإعلامي أحمد موسى، اختاره مبارك معطيا إياه السبق التلفزيوني بمداخلة هاتفية عقب الحكم ببراءته".

بوابة 8

تركز الحضور من الإعلام والأمن أمام بوابة أكاديمية الشرطة رقم 8، وفيما لم تصل أعداد النشطاء من أنصار مبارك وأهالي الشهداء والمصابين إلى مائة، مثلت قوات الأمن تشكيلات من كل الأنواع من بينها مدرعات شرطية ومركبات مصفحة وخيالة والأمن المركزي بالإضافة إلي المجندين في زي مدني، فيما كان الإعلام من مختلف القنوات العالمية يتابع التغطية من خارج المحكمة.

السيسي ومبارك والكفن

رفع أنصار مبارك خلال المحاكمة صور السيسي إلى جانب صور الرئيس المخلوع حسني مبارك وهتفوا "يا مبارك يا طيار أوعى تسيبها تولع نار"، براءة يا ريس". بعضهم حاول الاشتباك مع أهالي الشهداء إلا أن قوات الأمن منعت ذلك منذ بدايته. وأمام صور السيسي حمل أحد مصابي الثورة قماشاً أبيض يمثل "كفناً" يوحي باستعداده للموت، كما حمل البعض الآخر صورا لأبنائهم ومطالب بالقصاص.

النطق بالحكم خارج المحكمة

حول عدد من العربات الخاصة تجمّع المتواجدون خارج المحكمة من نشطاء وإعلاميين وبعض رجال الأمن من أجل سماع حكم المحكمة عبر الراديو وعقب النطق بالحكم. ارتفعت الأصوات وصرخ وبكى أهل الشهداء والمصابين، أصيب بعضهم بالإغماء، وهتف بعضهم "يسقط يسقط حكم العسكر، ويسقط السيسي"، وأعلن عدد من المصابين وأهالي الشهداء مواصلة القضية أمام النقض والدفاع عن حقهم، فيما انتقد البعض الآخر الرئيس المنتخب بعد الانقلاب عبدالفتاح السيسي معتبرين أنه المسؤول عن الحكم.

عثمان الحفناوي -أحد المدعين بالحق المدني- قال لـ"العربي الجديد" إن الحكم لا يحتاج لتعليق، فالعقل والمنطق يجد صعوبة في تفسير ما حدث، كيف يقول القاضي إن ما حدث ثورة، ثم يصبح المسؤول عن قتل شباب الثورة "الطير الأبابيل"، وفي نفس الوقت، قام أنصار مبارك بالعزف على الطبول و"الزغاريد" حتى أن بعضهم سجد وأعلن انتقاله إلى مستشفى المعادي لتوزيع الشربات والاحتفال مع مبارك.

رجال الشرطة

قيادات الأمن سواء المرتدية زيها المدني أو العسكري ضجت وجوهم بالسعادة عقب الحكم ببراءة مبارك والعادلي ومعاونيه وخلال بعض المناقشات بين أنصار مبارك وضباط حضرها "العربي الجديد" قال أحد الضباط برتبه عقيد: "النهارده عيد جديد للشرطة علشان محدش بعد كده يفكر يقرب لنا واللي يقرب يتقتل وناخد براءة".

فيما اهتم بعض الضباط الآخرين بالتصوير مع أحد الأشخاص وهو يقلد شخصية الرئيس المصري الراحل السادات ممسكا بـ"البايب" ويلبس العباءة، وبدت عليهم علامات الفرح الشديد بالحُكم.

دلالات

ذات صلة

الصورة
كارلوس غصن نوفمبر 2018 فرانس برس فرنسا

اقتصاد

يستعيد الرئيس السابق لمجموعتي "رينو" و"نيسان"، كارلوس غصن، حريته بكفالة اعتباراً من غد الأربعاء، ويتأهب لعقد مؤتمر صحافي يدافع فيه براءته، بعد أكثر من 100 يوم على سجنه.
الصورة
مبارك 1/ مصر/ سياسة/ 03 - 2017

سياسة

قضت محكمة النقض المصرية، اليوم الخميس، ببراءة الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، في قضية اتهامه بالاشتراك في القتل العمد بحق المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير، ليصبح بذلك حكماً نهائياً باتاً، بعد أن تحوّلت محكمة النقض إلى محكمة موضوع ونظرت القضية.
الصورة
الحكم على الوايت نايتس "سيد مشاغب"

أخبار

قضت محكمة جنايات الجيزة المصرية، اليوم السبت، برئاسة المستشار معتز خفاجي، بمعاقبة 18 شاباً من المنتمين لرابطة مشجعي نادي الزمالك المصري المعروفة باسم "الوايت نايتس"، بالسجن المشدد غيابياً لمدة 5 سنوات لكل منهم، بمجموع أحكام بلغت 90 سنة.
الصورة
مبارك براءة .. والثورة في الميدان

سياسة

"ثورة تاني من جديد".. هتاف يوحد شباب القوى السياسية رداً على مهرجان البراءة لنظام المخلوع مبارك وأعوانه..