"العربي الجديد" في مؤتمر الجمهوريين... لا إجماع على ترامب

20 يوليو 2016
ترامب يصطدم بخلافات عميقة داخل الحزب الجمهوري (تازوس كاتوبوديز/Getty)
+ الخط -
الأجواء في ميدان "كويكن لونز" في مدينة كليفلاند توحي بثلاثة اتجاهات جديدة داخل الحزب الجمهوري: 1) الحرس القديم المتمثل بالمؤسسة التقليدية هرب من المواجهة في المؤتمر الوطني، تاركاً الساحة لشعبوية قومية يقودها المرشح الرئاسي دونالد ترامب؛ 2) الانقسام الداخلي حتى بين المحافظين يطرح تساؤلات حول قدرة الجمهوريين على الفوز؛ 3) برنامج الحزب لم يتغير بما يتناسب مع كل شعارات ترامب المثيرة للجدل.

البلبلة داخل المؤتمر بدأت منذ الدقائق الأولى وكشفت عمق الخلاف الداخلي في الحزب الجمهوري. المعسكر الموالي لترامب رفض اختيار زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ، السيناتور ميتشل مكونيل، رئيساً مؤقتاً للمؤتمر، لتظهر بعدها انتفاضة مباشرة على الهواء عندما رفضت قيادة الحزب إجراء تصويت بنداء الأسماء على قواعد المؤتمر. الطعنة التي كانت تنتظرها حملة ترامب من المؤسسة الحزبية أتت من داخل التيار المحافظ نفسه عبر حلفاء المرشح الرئاسي السابق، السيناتور تيد كروز. كل التوتر الذي ساد خلف الأبواب المغلقة، خلال الأسابيع الماضية، ظهر على الإعلام، في محاولة لتحرير المندوبين من التزامات التصويت لصالح ترامب خلال الانتخابات التمهيدية، من أجل فرض مرشح تسوية بديل. تمكن حلفاء ترامب بالتعاون مع رئاسة الحزب من منع التصويت الذي طالبت به أقلية صغيرة، لكن الإحراج كان كافياً لإرباك المرشح الجمهوري.

حتى المناخ العام داخل قاعات المؤتمر لم يعكس حزباً موحداً. خلال الحديث مع المندوبين تتجلى بوضوح شعبية ترامب بوصفه المرشح القادر على "حماية أميركا"، لكن مقاعد المؤتمر لم تكن كلها ممتلئة وحماسة الجمهور لم تكن فوق العادة. لائحة المتحدثين كانت عبارة عن عائلة ترامب وشركائه التجاريين وحلفائه المحافظين، بينما مضمون الخطابات كان تعبيراً عن غضب أو إثارة لمخاوف الأميركيين بدل طرح رؤية بديلة. حاولت حملة ترامب أيضاً إعادة إنتاج خطاب تقليدي يضع الأميركيين أمام خيارين: النظام الذي يوفره الجمهوريون أو الفوضى التي ينشرها الديمقراطيون. استهداف المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، من خلال دورها كوزيرة للخارجية أثناء الاعتداء على القنصلية الأميركية في بنغازي بليبيا، عام 2012، كان فعالاً عبر خطاب والدة أحد ضحايا هذا الاعتداء، والتي لامت كلينتون على عدم توفير الحماية الأمنية لابنها، داعيةً إلى إدخالها السجن بدل انتخابها. تكتيك حملة ترامب تمثل بتركيز الانتقادات على مصداقية كلينتون وتصوير ولايتها المحتملة بأنها امتداد لرئاسة باراك أوباما.


مؤشر بارز آخر تمثّل بإقرار برنامج الحزب الذي لم يحمل بصمات المرشح الجمهوري كما هي العادة، بل تركت حملة ترامب مسافة من مداولات البرنامج، الأمر الذي سمح للمجموعات المحافظة بإنتاج وثيقة على أقصى اليمين في القضايا الاجتماعية والأيديولوجية. لكن تم الحفاظ على ثوابت الجمهوريين حول الحد من تدخل الحكومة الفيدرالية في إدارة المجتمع وضرورة تعيين قضاة محافظين في المحكمة الدستورية العليا وحق حمل السلاح الفردي. وكانت لافتةً دعوة البرنامج إلى إنهاء مفاعيل قانون الامتثال الضريبي للحسابات الأميركية في الخارج (فاتكا)، باعتبار أن الحكومة تتدخل بالمعلومات المالية الخاصة بالأميركيين، وإلى إجراء تدقيق مالي في حسابات البنتاغون. وعلى الرغم من أن حملة ترامب تمكنت من إدراج فكرة بناء جدار على الحدود الأميركية مع المكسيك، أبدت من جهة أخرى مرونة حيال التراجع عن معارضتها المطلقة لاتفاقيات التجارة الحرة.

وخلال اجتماع، حضرته "العربي الجديد"، لتحالف مؤيد لترامب ويتكون من أعضاء أميركيين من أصول شرق أوسطية، ركز المجتمعون على التعبير عن هواجسهم التي تتمحور حول الاتفاق النووي مع إيران وصعود الإسلاميين في المنطقة وتوسع نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

في هذا الصدد، خصص برنامج الحزب مقطعاً للشرق الأوسط، يعكس نفوذ جالية الأميركيين المتحدرين من دول الشرق الأوسط. وفي طليعة هؤلاء مستشار ترامب للسياسة الخارجية، وليد فارس. وتحت عنوان "تحديات شرق أوسط متغير"، ذكر البرنامج أن التسوية النووية هي "اتفاقية شخصية" لا تُلزم الرئيس الجمهوري المقبل. وأضاف أن إدارة أوباما "أساءت التعامل مع الربيع العربي إلى درجة زعزعت فيها استقرار المنطقة بأكملها". ولفت أيضاً إلى ضرورة "عزل سيطرة حزب الله على 100 ألف صاروخ في لبنان"، ودعا إلى منطقة آمنة في شمال العراق وليس على الحدود التركية مع سورية.

البرنامج انتقد أيضاً ما اعتبره مهادنة إدارة أوباما لموسكو، لا سيما في أوكرانيا، بدون التطرق إلى تعاون الطرفين في سورية. كما دعت الوثيقة إلى نقل سفارة واشنطن إلى القدس، كما ينص القانون الأميركي، ورفضت "الفكرة الخاطئة بأن إسرائيل محتلة" للأراضي العربية، ووصفت أنشطة مقاطعة إسرائيل حول العالم بأنها "معادية للسامية".