"العربي الجديد" تنشر "إعلان نوايا" حوار عون ــ جعجع

15 مارس 2015
النائبان:جورج عدوان (قوات) وآلان عون (تيار وطني)ـ (حسين بيضون)
+ الخط -
ينتظر الجميع في لبنان، الحوار بين الزعيمين المسيحيين، رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" ميشال عون، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع. يسير هذا الحوار بالتوازي مع حوار ثنائي آخر، يجمع تيار "المستقبل" و"حزب الله". أنتج الأخير العديد من الخطوات الإيجابية في الشكل، كـ"تنظيف" المدن الرئيسية من الأعلام الحزبية وشعاراتها الطائفية، وحملات أمنية متواضعة في المضمون. أما حوار عون ــ جعجع، فلم يُسجّل له أيّ مظاهر على الأرض بعد، باستثناء إسقاط دعاوى متبادلة بحق إعلاميين من الطرفين وبطاقات معايدة بين الرجلين في المناسبات الدينية.

اقرأ أيضاً: مسيحيو لبنان: رياضة وتيارات جديدة لترجمة الفشل

نجح القيّمون على هذا الحوار من الطرفين، وعلى مدى أكثر من 140 يوماً (انطلق الحوار سراً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتم الإعلان عنه أواخر ديسمبر/كانون الأول)، في كسر الجليد، وقسّموا الحوار القائم إلى ثلاث مراحل رئيسية، بتنا على عتبة نهاية المرحلة الأولى منه. وتتضمّن هذه الأخيرة الاتفاق على جملة من العناوين الرئيسية تحت مسمّى "ورقة إعلان النوايا" التي تنشر "العربي الجديد" أبرز عناوينها، علماً أن النقاش حولها بات متقدماً بحسب المطلعين على سير الأمور لدى الطرفين.

ومن المفترض أن يجتمع محرّكا هذا الحوار، أمين سرّ تكتل "التغيير والإصلاح"، النائب إبراهيم كنعان، والمسؤول الإعلامي في "القوات"، ملحم رياشي، مساء الأحد لإعادة النظر بملاحظات الطرفين على "إعلان النوايا". وبحسب المسوّدة التي تم نقاشها داخلياً، في مجلسي عون وجعجع، حصلت "العربي الجديد" على النقاط الأساسية لهذه الورقة ووجهة نظر الطرفين منها، وأهم العناوين التي تمّ الاتفاق عليها، أو لا تزال تنتظر اللمسات الأخيرة لحسمها:

أولاً، في ملف رئاسة الجمهورية اللبنانية، تم الاتفاق على دعم "الرئيس القوي في بيئته والقادر على طمأنة سائر مكوّنات المجتمع والقادر على الإيفاء بتعهداته والتزاماته".

ثانياً، في ملف الانتخابات النيابية، توافق الطرفان على الصيغة القائلة: "ينص قانون الانتخاب على المنصافة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين (بحسب اتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني) مع الحفاظ على العيش المشترك".

اقرأ أيضاً: معارك صغرى لمسيحيي لبنان: صرف الموظفين ممنوع

ثالثاً: في ما يخص الأزمة في المنطقة، يؤكد عون على وجوب الاحتكام إلى "الواقعية السياسية في معالجة العلاقات الإقليمية وتشعّباتها"، أي أنه يفترض أن التواصل مع نظام بشار الأسد مفروض بحكم الواقع والميدان، وكذلك هي حال التعامل مع مشاركة "حزب الله" في الحرب السورية. في حين يشدّد جعجع وفريقه على مسألة "حياد لبنان تجاه الأزمات الحاصلة بهدف تحصينه وحماية أمنه". وعن هذا الموضوع، نصّت الورقة على أن الطرفين "يتّجهان إلى إيجاد الصيغة اللازمة لتناول هذا الملف قد تكون في التأكيد على القرارات الصادرة عن المجموعة الدولية والعربية بما يتناسب مع حلّ الأزمة السورية". مع الإشارة إلى التمسّك بالسيادة اللبنانية التي يمكن ان تحمل وجهتي نظر "القوات" والتكتل، أي معارضة قتال "حزب الله" على الأراضي السورية من جهة، ومواجهة مدّ المجموعات السورية المعارضة و"مكافحة الإرهاب" من جهة أخرى. إلا أنّ بتّ مسألة التواصل مع النظام في سورية أو جيشه على الحدود مع لبنان لا يزال موضع نقاش عميق وصريح بين الطرفين، خصوصاً أنه سبق لنواب محسوبين على عون وقادة في الجيش اللبناني، أن طرحوا وطالبوا بشكل علني بالتواصل بين الدولة اللبناني والجيش السوري، بهدف تنسيق الدفاع والهجوم على المجموعات السورية المنتشرة بين منطقتي عرسال (شرقي لبنان) والقلمون (سورية).

رابعاً: تماشياً مع النقطة السابقة، تمت الإشارة إلى وجوب "احترام كافة القرارات الدولية من دون استثناء". تشكّل هذه العبارة مخرجاً مشتركاً لتمسّك جعجع بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، (كالقرار 1559 والمحكمة الدولية وغيرها) من جهة، ورفض عون ذكر هذه القرارات والخوض في مناقشتها منعاً لإحراجه أمام حلفائه في قوى 8 آذار، وتحديداً "حزب الله"، ومن خلفه النظام في سورية.

اقرأ أيضاً: الإمارات تقرّر ترحيل سبعين لبنانياً

اقرأ أيضاً: عدوى الحوار تصيب زعيمَي مسيحيي لبنان

وضع كنعان ورياشي، ومن خلفهما عون وجعجع، سقفاً زمنياً لإتمام النقاش حول "ورقة إعلان النوايا"، وبالتالي إنهاء المرحلة الأولى من الحوار، بحيث تُجمع مصادر مشتركة من الطرفين على أنّ "انطلاق المرحلة الثانية من هذا الحوار، ستتمّ في غضون أسبوعين".

ستتمثّل هذه المرحلة بصياغة ورقة سياسية تحمل الهمَّين الوطني والمسيحي، وتبدو بعض ملامحها الأولية واضحة في التأكيد على جملة من العناوين، أبرزها: تطبيق اتفاق الطائف تحديداً في الشق المتعلّق باللامركزية الإدارية، مسألة الكيان اللبناني وخصوصيته، التأكيد على هوية لبنان المتعددة وحمايتها وتطمين الأقليات فيه، بالإضافة إلى ثوابت أخرى يُجمع عليها الطرفان، وواردة أصلاً "في العديد من أدبيات الكنيسة المارونية"، بحسب ما تشير شخصية اجتمعت أخيراً بعون وجعجع.

وتلفت هذه الشخصية أيضاً، إلى أنّ "الورقة السياسية من المفترض أيضاً أن تعالج قضيتي السيادة اللبنانية واللاجئين السوريين، انطلاقاً مما تم الاتفاق عليه في ورقة إعلان النوايا".

وفي حال توصّل الزعيمان المسيحيان إلى إنهاء هذه المرحلة، ستكون المحطة الثالثة هي الأصعب باعتبارها تحمل نقاش ملف رئاسة الجمهورية، بما في هذا الملف من تعقيدات شخصية وسياسية وإقليمية. يقول مقرّبون من عون إنّ الأخير "يصرّ على استكمال الحوار، وعدم تبديد الجهود الموضوعة في هذا الإطار تحت أي ظرف كان". وفي الوقت عينه، يؤكد جعجع لزواره أنّ "النقاش الحاصل مستمر، ولو أنّ الخلاف يمكن أن يحصل حول أي ملف أو قضية، من دون أن يعني ذلك نسف ما تمّ التوصل إليه اليوم من اتفاقات ونقاط مشتركة".

ومن هذا الواقع يبدو الحوار يسير على قدم وساق، ويصفه بعض متابعيه المسيحيين بأنّ فيه "الكثير من الصلابة في المواقف من الطرفين، من دون ان يدخله التصلّب". ثمة نيّة إيجابية إذاً، وإلا لكان هذا الحوار الثنائي انطلق من المعارك العسكرية التي جمعت الطرفين، نهاية ثمانينيات القرن الماضي، من الأشرفية (بيروت) إلى القليعات (كسروان – جبل لبنان)، مروراً بالحوض الخامس (مرفأ بيروت) وضبية (شمالي بيروت).

المساهمون