حذّر ناشطون والكادر الطبي في بلدة مضايا، بالقلمون الغربي، في ريف دمشق، من انتشار نوع جديد من الأمراض المترتبة على استهداف قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني، "المقابر" في البلدة المحاصرة منذ قرابة العام ونيف، والتي أعلنت قبل أيام أنها مدينة موبوءة بالسحايا، لتكون أجسام أهالي مضايا المنهكة من قلة الطعام والغذاء، أمام مواجهة جديدة مع الموت، بعد أن بدأت روائح كريهة تنتشر في المنطقة، مع نبش القبور نتيجة قصفها المتواصل، واستيعابها عددا هائلا من الجثث بدون دفنها بالشكل السليم.
وقال الناطق الإعلامي للمجلس المحلي لبلدة مضايا، فراس الحسين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قناصي حزب الله اللبناني يقومون باستهداف المدنيين بشكل دوري، خاصة الأطفال، ومن ثم يستهدفون المُسعفين، ثم المشيعين أثناء مراسم الدفن، ما يدفع الناس إلى دفن الجثث بسرعة من دون إغلاق القبور بشكل جيد".
وأضاف الحسين "نظراً لقصف حزب الله للمقابر الموجودة في أطراف المدينة، نُبشت القبور، وانتشرت رائحة كريهة، ما أثار تخوفنا من انتشار الطاعون. وقد حذر الأطباء وشددوا على ضرورة إغلاق المقابر، ولكن حزب الله يحاول قنص كل من يحاول إغلاقها".
ويواصل حزب الله اللبناني والنظام السوري إحكام حصارهما على بلدة مضايا، ذات الرقعة الجغرافية الضيقة، للشهر الخامس عشر، ما أدى إلى تفاقم معاناة سكان تلك المنطقة، التي لم تعد تقتصر على الجوع، بل تعدته لانتشار الأمراض المعدية، الأمر الذي يجعل خطر الطاعون يحلّق حول المقابر المنبوشة، مع صعوبة إيجاد أرض أخرى لدفن الموتى لصغر تلك المنطقة.
وأكد المسعف في منظمة أطباء بلا حدود، عبد الوهاب أحمد، لـ"العربي الجديد"، أن "رائحة المقابر بدأت منذ فترة تفوح، نظراً للقصف المتواصل لها من قبل حزب الله، ما أجبر أصحاب البيوت المقيمين بالقرب من المقابر إلى المغادرة، خوفاً من الأوبئة والأمراض".
وتابع أحمد أنه "قام فريق تطوعي من الشبان بإغلاق كل مكان تنبعث منه رائحة، في محاولة للحد من هذه الظاهرة، وقد أصيب شابان من المتطوعين أثناء عملهما في المقبرة، موضحا أن بعض الناس الذين غادروا بيوتهم عادوا إليها بعد أن أغلقت الكثير من القبور، لعدم وجود مكان بديل يقيمون فيه".
ويبقى مرض الطاعون كابوساً مرعباً في الذاكرة الجماعية للسوريين، وإن كان هاجس الطاعون في مضايا بدأ يتهدد المدنيين، فإن مرض السحايا اخترق أجسادهم، نظراً لقلة مناعتهم في جو حصار مطبق، لاسيما بعد أن دخلت آخر قافلة مساعدات في شهر مايو/أيار، والتي كانت تحوي خمس قوافل، معظم ما فيها مواد بقولية، في حين كانت كمية حليب الأطفال والبروتينات قليلة جداً، الأمر الذي أثر سلباً على بنية أجسام الأطفال والكبار، نظراً لافتقارها أهم العناصر الداعمة.