"الصحراء" في مجلس الأمن ..تمديد لـ"المينورسو" بلا حقوق إنسان

28 ابريل 2014
مقاتلون من جبهة "البوليساريو" في قرية تيفاريتي الصحراوية (getty)
+ الخط -

يُتوقع أن يعتمد مجلس الأمن الدولي، غداً الثلاثاء، قراراً جديداً يقضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء، المعروفة بـ"المينورسو"، حتى 30 أبريل/نيسان 2015، من دون أن ينص على توسيع مهامها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء.

ولم تخْلُ العلاقات بين المغرب ومنظمة الأمم المتحدة بشأن نزاع الصحراء وتحديد صلاحيات "المينورسو" في المنطقة، من شد وجذب في الأشهر الأخيرة، في كل مرة توجه فيها الأمين العام للمنظمة، بان كي مون، بطلب مصادقة مجلس الأمن على قرار مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.

"تحسين" لا مراقبة

يتوقع الخبير في شؤون الأمم المتحدة وقضية الصحراء، الدكتور سمير بنيس، في حديث لـ"العربي الجديد"، ألا يحمل القرار المقبل أي جديد بخصوص إنشاء أي آلية مراقبة لحقوق الإنسان، بخلاف ما كانت تصبو إليه جبهة البوليساريو والأطراف التي تدعمها. ويوضح بنيس أن مجلس الأمن سيكتفي بالتأكيد على ضرورة أن يقوم المغرب وجبهة البوليساريو بتحسين وضعية حقوق الإنسان في الصحراء، وفي مخيمات تندوف في الجزائر، وحث طرفي النزاع على العمل مع المجتمع الدولي بهدف اتخاذ تدابير جدية وذات مصداقية لضمان الاحترام التام لحقوق الإنسان في المنطقة.

وتابع بنيس أن "ما يؤشر إلى عدم تضمين القرار الجديد لمجلس الأمن، أي مادة تدعو إلى إنشاء آلية لمراقبة حقوق الإنسان في المنطقة، هو قيام الأمم المتحدة بحذف عبارة "آلية لمراقبة حقوق الإنسان" من التقرير الأخير الذي أصدره بان كي مون حول "الحالة في الصحراء الغربية".

وكانت النسخة الأولى لتقرير الأمين العام قد أكدت، في الفقرة 100، على أن "الهدف النهائي يظل توفير آلية مستمرة ومستقلة ومحايدة لمراقبة حقوق الإنسان في كل من الصحراء ومخيمات تندوف".

ويكشف بنيس أن الرباط انزعجت من هذه العبارة، فتحادث الملك محمد السادس هاتفياً مع بان كي مون، بالإضافة إلى الدعم الذي حظي به المغرب من طرف فرنسا، ليبادر الأمين العام إلى حذف عبارة "آلية مراقبة حقوق الإنسان" من النسخة الأخيرة لتقريره.

وخلص بنيس إلى أن "هذا التغيير في لغة تقرير الأمين العام يعد أكبر مؤشر على أن مجلس الأمن لن يدعو إلى إنشاء أية آلية لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، أو في مخيمات تندوف" وفق تعبيره.

محطات الخلاف

وظهر الخلاف جلياً بين الرباط والأمم المتحدة أكثر من مرة، خصوصاً لناحية تحديد صلاحيات القوات الدولية في الصحراء "المينورسو". وكانت أحدث محطات الخلاف قد اندلعت مع صدور تقرير الأمين العام الداعي لإرساء مراقبة "دائمة ومستقلة ومحايدة" لحقوق الإنسان في الصحراء. ولم يستسغ المغرب أن تتطرق الأمم المتحدة في تقريرها الموجه إلى مجلس الأمن، إلى أية إشارة قد تُجسد لاحقاً على أرض الواقع بتوسيع صلاحيات "المينورسو" لمراقبة حقوق الإنسان، فتدخل العاهل المغربي ليضع "النقاط على الحروف"، ما رأى فيه البعض "تهديداً" بسحب "المينورسو" من البلاد.

وقبل هذه التطورات الأخيرة، كان المغرب قد سارع عبر دبلوماسيته الرسمية والموازية، إلى محاولة الضغط على الولايات الأميركية، خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، على خلفية اقتراحها توسيع مهام القوات الأممية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، وهو ما دفع بإدارة أوباما إلى التراجع.

علاقة الشد والجذب هذه، التي اتسمت بها علاقة الرباط بالأمم المتحدة حول مهام القوات الدولية في الصحراء، لم تكن على هذه الحال خلال السنوات الماضية، إذ تجاوب المغرب بانسجام مع مبعوث الأمين العام، جيمس بيكر، سنة 2000، عندما دعا الأطراف إلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي لنزاع الصحراء، عرف باسم "الحل الثالث" أو الحكم الذاتي للصحراء.

وقبل المغرب باتفاق الإطار الذي عرف بـ "مخطط بيكر" سنة 2001، كأساس للتفاوض من أجل التسوية النهائية لهذا النزاع الإقليمي، بينما رفضته كل من الجزائر وحليفتها جبهة البوليساريو. بعد ذلك، حلّ مكان بيكر مبعوث آخر هو بيتر فان والسوم، الذي تجاوب معه المغرب أيضاً، وعارضت عمله البوليساريو، ما أفضى إلى أن يقدم استقالته.

مجلس الأمن والصحراء

يعالج مجلس الأمن الدولي قضية الصحراء الغربية وفق مقتضيات الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، على أساس أنها محط نزاع تتداخل فيه أطراف مختلفة، وهو ما توافق عليه المغرب، بينما تسعى البوليساريو إلى معالجة النزاع بمنطق الفصل السابع من الميثاق الأممي.

وينص الفصل السابع من ميثاق منظمة الأمم المتحدة، على حالات تهديد السلم والعدوان، وبموجبه يستطيع مجلس الأمن الدولي اتخاذ تدابير، من بينها اللجوء إلى القوة لحفظ السلم والأمن الدوليين، إذا فشلت أطراف النزاع في حل الخلافات.

وكانت قضية الصحراء معروضة على اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة، المكلفة تصفية قضايا الاستعمار بطلب من المغرب، غير أن استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية المحتلة من طرف إسبانيا سنة 1975، جعل نزاع الصحراء يندرج ضمن الصراعات الدولية.

ويعود الصراع حول الصحراء الغربية إلى ما قبل انسحاب الاستعمار الإسباني منها عام 1975، حين طالب المغرب باسترجاعها من الاحتلال الإسباني، كونها "جزءا من الأراضي المغربية"، فيما دعت البوليساريو إلى إقامة دولة مستقلة في منطقة الصحراء، تسمى "الجمهورية العربية الصحراوية".

ابحث عن الجزائر

وما فتئ المغرب يتهم الجزائر بكونها تتدخل في نزاع الصحراء، وتدعم بشكل حاسم ومؤثر جبهة البوليساريو التي تنتشر مخيماتها في منطقة تندوف، بينما تصر الجزائر على أنها "غير معنية بالنزاع"، وبأن "لا أطماع لها في الصحراء"، وتعتبرها قضية تصفية استعمار.

وتعتبر الجزائر أن حل قضية الصحراء الغربية كان مطروحا منذ عام 1965 على طاولة منظمة الأمم المتحدة، تحت بند تصفية الاستعمار، وبأنها ليست نتيجة إعلان المغرب أحقيته في المناطق الصحراوية في العام 1975، بعد خروج المستعمر الإسباني منها.

ويشير الدكتور المتخصص في قضية الصحراء، خالد شيات، إلى أن الجزائر كانت لها دائماً علاقة وطيدة بمشكلة الصحراء، باعتبار أنها كانت وراء نشأة جبهة البوليساريو، ما جعل التبعية السياسية لهذه الأخيرة إزاء الجزائر "تبعية مطلقة". ويورد شيات دليلاً على ترابط الجزائر بمطالب البوليساريو، من خلال "خفوت خطاب الجبهة الداعي للانفصال عن المغرب، كلما كانت هناك هدنة سياسية بين الرباط والجزائر، بينما تزيد حدة خطاب البوليساريو عندما تسوء العلاقات الثنائية بين الجارين".

المساهمون