تُعتبر رياضة كرة القدم الأميركية من أكثر الرياضات شهرة ومتابعة في أميركا، لكن مع نهاية كل موسم كروي، يُنظم اتحاد كرة القدم الأميركية بطولة مصغرة لأفضل الأندية في الموسم لتلعب في منافسات تُعرف بـ "سوبر بول"، والمثير في هذه المنافسة أنها تحقق نسبة مشاهدة خيالية ومُميزة، لذلك يجب التعرف على "السوبر بول" بكل تفاصيلها للكشف عن أهمية هذه الرياضة في أميركا.
بدأت فكرة "السوبر بول" بعد موسم 1966، وتلعب فيها أندية من دوري كرة القدم الأميركية المعروف بـ "NFL" لمنافسة أندية من الدوري الأميركي لكرة القدم "AFL"، وهذا كله كان قبل اندماج الاتحادين في اتحاد واحد في عام 1970، حتى أصبح كل دوري يعرف بولاية أو مقاطعة، وأصبحت المنافسة بين "الاتحاد الوطني لكرة القدم" المعروف بـ "NFC" و"الاتحاد الأميركي لكرة القدم" المعروف بـ "AFC"، وفي الوقت الحالي يتقدم NFC على AFC بـ 26 فوزا مقابل 22 انتصارا، في حين أن أكثر الأندية حملاً للقب هو فريق بيتسبورج ستيليرز برصيد ستة ألقاب.
ويُلعب "السوبر بول" في نهار الأحد الذي يتم تحديده بعد نهائية الموسم الكروي، إذ يتحول اليوم إلى عرس كروي أميركي، ويصبح اسمه يوم "السوبر بول"، في حين أنه في هذا اليوم الطويل، تعرف أميركا ثاني أكثر الأيام استهلاكا للطعام بعد "عيد الشكر"، إذ تشتري الجماهير الطعام لمتابعة المباريات في المنازل، بالإضافة إلى الجماهير الموجودة في الملاعب والتي تستهلك الكثير من الطعام خلال مباريات "السوبر بول".
في المقابل يشارك في مباريات "السوبر بول" مطربون ومغنون مشهورون مثل مادونا ومايكل جاكسون قبل رحيله وغيرهم، إذ يقدمون عروضاً غنائية قبل بداية المباريات وبين الأشواط، وتأتي تسمية البطولة بـ "سوبر بول" من لعبة مدرسية تُسمى "بول"، وهي بطولة مدرسية مصغرة بدأت في ولاية كاليفورنيا في عام 1902.
وتُلعب مباريات "السوبر بول" نهار الأحد بعد نهاية التصفيات النهائية للدوري الأميركي لكرة القدم، وكانت المباراة تُلعب في منتصف شهر يناير/كانون الثاني، بعد ذلك انتقل "السوبر بول" إلى الأحد الأول من شهر يناير/كانون الثاني ثم الأحد الثاني وصولاً إلى الرابع، وفي عام 2015 لُعب في أول أحد من شهر فبراير/شباط، وكان السبب وراء تغيير موعد "السوبر بول" هو زيادة الأندية المشاركة في المباريات من الاتحادين "NFC" و"AFC".
وهذه الرياضة التي لا يُسمع صداها كثيراً في العالم، خصوصاً في أوروبا وآسيا وأفريقيا، إلا أنها من الرياضات التي تضخ أموالاً طائلة، خصوصاً في بطولة "السوبر بول" التي تضم أفضل أندية كرة القدم الأميركية، و"السوبر بول" تكتسب شهرة كبيرة في أميركا، وتستقطب جماهير بالملايين لمتابعة المباريات المثيرة بين أفضل أندية أميركا.
ومن أبز الأمور التي تدل على مدى ثراء هذا الرياضة في أميركا ومدى أهميتها، قيمة الإعلان على التلفزيون خلال المباريات، إذ إن مجلة "فوربس" الاقتصادية أشارت إلى أن إعلاناً لمدة 30 ثانية يصل سعره إلى نحو أربعة ملايين دولار، وهذا رقم ضخم لا تمكن رؤيته حتى في إعلانات بطولة كأس العالم أضخم بطولات الكرة الأرضية، في حين أن إعلاناً لمدة 60 ثانية تصل تكلفته إلى نحو ثمانية ملايين دولار أميركي.
وتحولت "السوبر بول" إلى أضخم مشروع استثماري في العالم، لأن الأموال التي تُصرف على إعلانات البطولة تؤمن ربحا خياليا للشركات، خصوصاً أن الجماهير الحاضرة في المدرجات تفوق بكثير جماهير بطولة كأس العالم التي تُلعب لمدة شهر كامل، أما هنا في "السوبر بول" فذلك يحصل في يوم واحد، في وقت ساهمت "السوبر بول" في رفع شركات عالمية إلى القمة بفضل إعلاناتها، خصوصاً أن نسبة المشاهدة هي من الأعلى في العالم.
نسبة المشاهدة والأرقام الخيالية
تُعتبر "السوبر بول" من أكثر الرياضات مشاهدة في العالم، إذ إن نهائي دوري أبطال أوروبا و"الكلاسيكو" الإسباني بين برشلونة وريال مدريد، يتفوقان على مباريات "السوبر بول" من حيث نسب المشاهدة فقط، وبحسب الأرقام المسجلة في أميركا فإنه نحو 100 مليون يتابعون مباريات "السوبر بول" في يوم واحد، وهذه نسبة أعلى من نسبة الذين شاهدوا بطولة كأس العالم خلال شهر كامل، وهذه النسبة في الولايات المتحدة الأميركية فقط.
وتشير الأرقام إلى أن "السوبر بول" يتابع في 200 بلد، وتصل نسبة المشاهدة فيه إلى نحو مليار شخص، في حين أن نسبة الذين تابعوا نهائي كأس العالم 2014 بين ألمانيا والأرجنتين وصلت إلى 909,6 ملايين مشاهد حول العالم.
في المقابل تشير الدراسات التي أعدتها شركة "نيويورك للإحصاءات، أن نحو 167 مليون شخص شاهدوا إعلانات "السوبر بول" في عام 2014، وهذه الرياضة تكسر في كل عام رقمها القياسي السابق، وهذا الرقم في ارتفاع مع كل موسم جديد، وهذه كلها أرقام خيالية تمنح الأندية واللاعبين أموالاً طائلة، هذا بالإضافة إلى الشركات المساهمة في إنجاح اللعبة عبر الإعلانات والاستثمار المالي الضخم.