"السكري" و"الفقر" يفتكان بأطفال غزة المحاصرة

غزة

الأناضول

avata
الأناضول
25 اغسطس 2015
2AC364ED-8122-49AF-91FC-0F3EA1903177
+ الخط -

بعد أن حقنت نفسها بجرعة من الأنسولين في عضدها الأيسر، شعرت الطفلة ناريمان الجرو (12 عاماً) بدوار في رأسها كاد أن يفقدها وعيها، بسبب حدوث هبوط في نسبة السكر بالدم، جراء عدم إقدامها على إجراء اختبار لمعرفة النسبة.

وتبرر الطفلة، والتي تعاني هي وشقيقها الأصغر محمد (9 سنوات) من المرض، عدم إجراء الفحص المسبق، بنفاد شرائح الفحص لديها، وعدم قدرة والدها على شراء شرائح جديدة.

ويحتاج مرضى النوع الأول من السكري، أو ما يعرف بـ"سكر الأطفال"، إلى إجراء اختبار لفحص نسبة السكر في الدم، عدة مرات يومياً، لا تقل عن أربع، بواسطة شرائح خاصة بذلك، قبل أن يتناولوا جرعات من الأنسولين.

ويعجز والد ناريمان الذي يعمل في محل لتصليح الأجهزة الكهربائية، ويتقاضى راتباً يقدر بـ300 دولار شهرياً، عن توفير الأدوية والشرائح لطفليه بشكل دائم، كما تقول مَحْضِية، والدة الطفلين.

وتشير الأم (42 عاماً) إلى أن تكاليف شراء الشرائح التي تحتاجها لطفليها شهرياً تُقدر بـ 550 دولاراً أميركياً، فضلاً عن أدوية أخرى، وفيتامينات قد يضطران لتناولها.

وتضيف "لا نكاد نوفر الطعام لأبنائنا الـ7، فكيف إن كان لدينا مريضان اثنان بالسكر، زوجي بحث كثيراً عن عمل إضافي لكنه لم يجد، ولا توجد مؤسسات تولي اهتماماً لمرضى السكري، ووزارة الصحة في غزة لا توفر الشرائح مجاناً لمن هم في ضائقة مالية مثلنا".

كذلك تشير إلى أنّ أقلام الأنسولين التي تحصل عليها من الوزارة، غير مناسبة لطفليها، وليست ذات جودة بسبب كبر حجم إبرتها.

بدوره، ينشغل الطفل أحمد أبو طاحون (13 عاماً) في وضع المطهرات على إبهام يده، استعداداً لإجراء فحص معدل السكر في دمه.

بصوت ضعيف، يقول الطفل الذي يتعرض لحالات إغماء لعدة أيام، بشكل شبه مستمر "أشعر دائماً بألم في معدتي ورأسي، أحب أن ألعب مع أصدقائي، لكن لا أستطيع".

ويضيف الصغير "لقد تحول جزء من رمش عيني اليسرى للون الأبيض بسبب المرض، هكذا قال الطبيب، وتراجع مستواي العلمي في المدرسة".

اقرأ أيضاً دراسة: الجلوس لفترات طويلة يسبّب مرض السكري

وأصيب أحمد بمرض السكري، عندما كان في الرابعة من عمره، وأحياناً يدخل كثيراً في غيبوبة ارتفاع السكر، كما تقول والدته رانية، مما يضطره للمكوث في غرفة العناية المكثّفة في المشفى.

وتتابع الأم "أحمد لديه غذاء خاص يجب أن يتناوله، وهذا لا يتوفر دائماً، بسبب وضعنا الاقتصادي السيئ، فزوجي الذي يعمل سائقاً لإحدى الجمعيات يتقاضى راتباً شهرياً يقدر بـ250 دولاراً، وهو ثمن علب الشرائح شهرياً"، متسائلة "كيف سأوفر باقي الاحتياجات والفيتامينات لأحمد، ومتطلبات المنزل الأخرى".

وتشير أبو طاحون إلى أن طفلها يحتاج إلى خمس علب (العلبة فيها 25 قطعة) من شرائح فحص السكر شهرياً، تراوح قيمة الواحدة منها ما بين 15-20 دولاراً أميركياً.

عوني شويخ، أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية "حيفا"، والتي تهتم بأطفال السكر، في قطاع غزة، يصف واقع هؤلاء الأطفال بـ"المرير والمتردي على الصعيد الطبي والتوعوي والتثقيفي".

ووفق شويخ، يعاني الأطفال من عدم قدرة ذويهم على توفير أجهزة فحص السكر وشرائحه، بالإضافة إلى عدم توفر حقن الأنسولين ذات الجودة.

وتقدم الجمعية خدماتها للأطفال المرضى، من خلال تبرع بعض فاعلي الخير، وبعض المؤسسات سواء محلياً أو دولياً، بحسب القائمين عليها.

وتلفت إلى أنّ عدد الأطفال المصابين بمرض السكري في قطاع غزة، يبلغ قرابة 1500 طفل، لكنها لا تقدم خدماتها سوى لـ200 طفل فقط، بسبب ضعف الإمكانات.

إلى ذلك، يرى جميل البهنساوي، رئيس قسم الغدد الصماء في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي التخصصي للأطفال، أن المرضى يواجهون "خطورة حقيقية جراء نقص الشرائح والأنسولين".

كذلك يوضح أنّ "عدم قدرة معظم الأهالي على شراء شرائح فحص السكر باستمرار، بسبب الفقر، يشكل خطورة على حياة أبنائهم، حيث يغامرون بإعطائهم جرعات الأنسولين دون إجراء اختبار لفحص نسبة السكر في دمهم".

ويؤدي تناول جرعة الأنسولين من دون إجراء الفحص، إلى إدخال المريض في حالة غيبوبة، بحسب البهنساوي الذي ذكر أن عدد الأطفال المرضى بالسكر المسجلين لديهم في المستشفى بلغ 150 طفلاً، تراوح أعمارهم بين شهرين و 12 عاماً.

وتعاني وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، من نقص حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية.

وتشير الوزارة إلى أن نسبة النقص في قائمة الأدوية الأساسية وصلت 30 في المائة، والمستهلكات الطبية 55 في المائة، وأن ما يزيد عن 10 في المائة منها مهددة بالنفاد.


اقرأ أيضاً: إحذروا المحليات الصناعية: أخطر من السكّر والدهون

ذات صلة

الصورة
تأثر بشار الشوبكي نجم منتخب فلسطين بتوقف الدوري المحلي (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أسفر توقف المنافسات الكروية المحلية على أرض فلسطين المحتلة، عن آثار متفاوتة، خصّت أكثر من ستة آلاف لاعب كرة قدم يمارسون اللعبة في البلاد مع فرقهم.

الصورة
نازحة فلسطينية رفقة أبنائها بخيمة برفح، 9 إبريل 2024 (الأناضول)

مجتمع

تُكابد أمهات نازحات في غزة معاناة مضاعفة لرعاية مواليدهن وسط ظروف معيشية واجتماعية واقتصادية قاسية تفتقر لأبسط الاحتياجات الضرورية، وسط مخاطر سوء التغذية
الصورة
كرة القدم الفلسطينية تعاني بسبب العدوان (العربي الجديد/ فيسبوك)

رياضة

خسرت كرة القدم الفلسطينية الكثير من الشهداء الذين بلغ عددهم 305 لاعبين، خلال حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرّة على الشعب الفلسطيني.

الصورة
تطالب جمعيات رعاية الحيوان بتعامل رحيم مع الكلاب (فريد قطب/الأناضول)

مجتمع

تهدد "كلاب الشوارع" حياة المصريين في محافظات عدة، لا سيما المارة من الأطفال وكبار السن التي تعرّض عدد منهم إلى عضات استدعت نقلهم إلى المستشفى حيث توفي بعضهم.