"الزفّة" يهين المرأة العربية... ومن الأكثر مشاهدة

05 يوليو 2014
من برومو البرنامج
+ الخط -
تسعى برامج المقالب إلى إضحاك المشاهدين على حساب حاجات من تلفّق لهم المقالب، وعلى حساب معاناتهم أحيانا. ورغم كلّ ما قيل عن أنّها تطوّرت، ورغم تزايدها مع تزايد عدد القنوات غير الهادفة، يبدو واضحا أنّ أكثرية هذه البرامج مبنية على اتفاق مسبق بين طاقم البرنامج وبين الشخصيات التي يتمّ خداع المشاهدين بها. إلا أنّ الأمر كلّه، سواء كان مقلبا حقيقيا أو اتفاقا مسبقا، يُعتبَر إهانة لا تُغتفَر.
تابعتُ حلقتين من برنامج "الزفّة"، الذي تعرضه "قناة النهار". وهو واحد من سبعة برامج مشابهة يشهدها رمضان هذا العام، على فضائيات مختلفة.
فكرة برنامج "الزفّة" أن يستضيف امرأة معروفة، وأن يُدخِل زوجها الى الاستديو، في "زفّة" على زوجة جديدة، مع "مأذون". فتغضب السيّدة ويروح مقدّم البرنامج يستفزّها إلى أن تفقد أعصابها تماما. ثم يعترف لها في النهاية بأنّه مقلب قام بترتيبه بالاشتراك مع زوجها.
تختلف ردود أفعال السيّدات غير المتوقعة. وغالبا ما تتنوّع بين حالة إغماء أو صراخ أو عصبية كبيرة. وما زالت الحلقات مستمرّة لاستعراض ردود فعل النساء حين يقابلن "الضرّة". 
ما استفزّني كامرأة تشاهد البرنامج هو تسويق صورة نمطية عن أنّ المرأة العربية لا هم لها سوى الاحتفاظ بالزوج، بغضّ النظر عن صفاته، السلبية أو الإيجابية. ولسان حالها يقول: "ظلّ راجل ولا ظلّ حيطة". وبالطبع ليست كلّ النساء اللواتي التقى بهنّ طاقم البرنامج سعيدات وهانئات في حياتهنّ الزوجية.
فعرض حلقات يومية عن نساء تهزهنّ فكرة "الضرّة"، ويصل بهنّ الألم إلى الإغماء، أمر يقلّل من شأن المرأة العربية عموما.  فأين ثقتها بنفسها وبقدراتها؟ وأين كرامتها وعزّة نفسها كي تبكي من أجل رجل ارتبط بأخرى؟ وغالبا بعد عشرة طويلة؟
البرنامج إساءة إلى الزوجة العربية مهما كانت جنسيتها، وهو يهينها بالسخرية والاستهزاء منها بطريقة سخيفة. لأنّ معدّ البرنامج وصاحب فكرته ركّز على قضية "الزوجة الثانية" ولم يركّز مثلا على فكرة "المرأة الثانية". رغم أنّ دراسات أشارت إلى أنّ هناك زوجات يقبلن بعشيقة للزوج ولا يقبلن بزوجة ثانية شرّعها الاسلام. وهي فكرة مسيئة إلى المرأة أيضا. المرأة التي استقلّت ماديا عن الرجل لكن ما زالت تربط حياتها بأهوائه وعواطفه المتقلّبة، وتخاف من أنّه لن يكفّ عن اشتهاء النساء حتّى لو كانت زوجته من "حور العين". وعلى هذه الثيمة درجت، وللأسف، الدراما العربية، ولم تتوقّف عن إنتاج أفلام ومسلسلات تلقى رواجا واسعا، وبمضمون كوميدي لا يخلو من مبالغة وإسفاف، يقدّم حكاية الزوجة الثانية. والآن ها هو برنامج "الزفّة" يبحر في إهانة المرأة العربية مجدّدا... لكنّ المفارقة أنّه في الإحصائيات الأولية يحتلّ مرتبة متقدّمة بين أكثر 10 برامج مشاهدة في مصر. وقد شاهده نحو 400 ألف على اليوتيوب فقط في يومين. 
دلالات
المساهمون