تمثّل العودة إلى الأيام الأخيرة من حياة المسيح إحدى أكثر المواضيع التي تتطرق إليها الفنون، ويأتي على رأسها الفنون التشكيلية خصوصاً في عصر النهضة الأوروبية. وفي القرن العشرين اشتغلت السينما على نفس المرحلة بقراءات مختلفة، وقبل ذلك كان للأدب نصيب، ولعلّ أبرز الأعمال في هذا الصدد روايات مثل "المسيح يُصلب من جديد" للكاتب اليوناني نيكوس كازاتزاكيس، و"الإنجيل يرويه المسيح" للروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو.
في نفس الإطار، أتت رواية "الإنجيل بحسب بيلاط" للكاتب البلجيكي الفرنسي إريك إيمانويل شميت (1960)، والتي صدرت أوّل مرة بالفرنسية سنة 2000 وصدرت منذ أيام ترجمتها إلى العربية عن منشورات "مسكلياني" في تونس. ترجمة أنجزها الكاتب التونسي وليد بن أحمد، وحملت عنوان "الرجل الذي صلب المسيح" في حين أن العنوان الأصلي للرواية ظهر على الغلاف كعنوان فرعي.
تستمد الرواية أهميّمها من تنوّع أصواتها؛ حيث تنطوي على قمسين رئيسيين، في الأول نقف على تأمل المسيح في حياته، وفي الثاني يقدّم شميت قصة الأيام الأخيرة للمسيح من زاوية نظر بيلاطس البنطي؛ الحاكم الروماني الذي أصدر الحكم بصلب المسيح.
كانت الرواية ثاني عمل روائي يُصدره شميت، بعد روايته الأولى "طائفة الأنانيين" (1994)، في مرحلة لمع فيها اسم شميت أساساً من خلال النصوص المسرحية التي ألفها مثل "الزائر" (1993)، و"مدرسة الشيطان" (1996)، و"فريديريك أو شارع الجريمة" (1998) و"ألف نهار ونهار" (2000).
يشهد شميت في السنوات الأخيرة التفاتاً واضحاً من المترجمين ودور النشر العربية، حيث تتالت ترجمة أعماله الروائية بالخصوص، ومنها "طائفة الأناييين"، و"أوليس البغدادي"، و"انتقام الغفران"، و"أوسكار والسيدة الوردية"، و"يرى من خلال الوجوه"، و"ليلة النار".