"الدولة ومجتمع الولاية": الموصل زمن العثمانيين

15 نوفمبر 2018
(الموصل عام 1900)
+ الخط -

تكرّس المؤرّخة اللبنانية الأميركية دينا رزق خوري مجمل كتبها وأبحاثها لدراسة التاريخ الاجتماعي في العراق الحديث، ومنها "العراق في زمن الحرب: تجنيد واستشهاد وذكرى"، و"المجتمع والتاريخ في العراق بين حنا بطاطو وعلي الوردي"، حيث تتبع خطى أستاذها بطاطو في المنهج والأدوات.

عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في الدوحة، صدرت حديثاً ترجمة كتابها "الدولة ومجتمع الولاية في الإمبراطورية العثمانية: الموصل 1540 - 1834" المنشور عام 1997، والذي نقلته إلى العربية الصحافية والمترجمة العراقية سلوى زكو.

يتألف الكتاب من ثمانية فصول؛ يمثّل الأول مقدّمة الكتاب وفيها دراسة مصغّرة عن الدولة والمجتمع والثقافة السياسية في بدايات الموصل الحديثة. وفي الفصل الثاني "تكوين اقتصاد محلّي: المدينة والمناطق المحيطة والدولة 1540 – 1700"، تجادل المؤلفة أن النمو الهائل في اقتصاد الموصل في القرن السادس عشر تمّ بطريقة أبقت على توزيع رأس المال والموارد كما كانت عليه قبل العثمانيين.

تستكشف خوري في الفصل الثالث، "الحرب ومجتمع الولاية"، أثر الحرب في العلاقات بين الحكومة العثمانية وقطاعات من مجتمع الولاية، حيث أوجد نمو سوق جباية الضرائب في النصف الأول من القرن الثامن عشر دعماً أوسع للدولة في أوساط قطاعات من مجتمع الموصل الحضري، وفتحت جباية الضرائب سبيلاً جيداً أمام التجّار والانكشارية والمسؤولين الإداريين المحليين لاستثمار رؤوس أموالهم، وشهد النصف الثاني من القرن تركّزاً أعلى للثروة بأيدي بيوتات سياسية محلية حاولت أن تفرض احتكاراً على تجارة السلع الزراعية.

في الفصل الرابع، "عندما أكل العصملي الفتات وترك الخبز وراءه: جباية الضرائب ومجتمع الولاية"، تركّز المؤلّفة على مغزى التغيرات التي طرأت على فحوى جباية الضريبة، فقد حلّ محل سيطرة النخبة العسكرية صغارُ ومتوسّطو الملّاك ونخبة ملّاك الأراضي الجديدة المقيمون في المدينة.

يبحث الفصل الخامس، "بين الخاصة والعامة: النخب والعوام في موصل القرنين الثامن عشر والتاسع عشر"، في روابط العائلات بمجتمعها، إذ شهد القرن الثامن عشر تكون بيوتات كبرى اشتغلت بصفة شركات اقتصادية ومقاولين للحماية والقمع ووسطاء سياسيين، وكان من بين أكثرها سطوة عائلات الجليلي والعمري وياسين المفتي وقره مصطفى، وسيطرت هذه البيوتات الموصلية على حياة المدينة وهمّشت القطاعات القديمة من التجّار والإداريين والأكاديميين.

ترى الباحثة في الفصل السادس، "لغة السياسة: آراء في السلاطين والفساد وضرائب الأرض"، أن صعود صغار الملّاك المقيمين في المدينة، وكذلك البيوتات المحلية، اقترن بصوغ أجندة سياسية كانت مناهضة للنظام الجديد، وقد تطوّرت أيديولوجيا المعارضة هذه عبر إعادة تفسير الخطاب الإسلامي لأواخر العصر الوسيط وبدايات العصر الحديث، حول حدود سلطة السلطان في إقامة العدل وسيطرته على ضرائب الأرض.

تحلّل خوري في الفصل السابع، "ممارسة شؤون السياسة"، التحوّلات في الثقافة السياسية، الريفية والحضرية، منهيةً بتقرير عن التمرّد ضد آل الجليلي من عينة من سكّان الموصل، ورغم أن المؤرّخين المحليّين تناولوا التمرّد بلغة تحزّبية، إلا أنه كان بالفعل حركة ذات قاعدة واسعة يتقدمها تحالف متوسّطي الملّاك والتجّار وقادة الحرفيين ضد الممارسات الاحتكارية للعائلة القائدة. لقد وفرت هذه المجموعات العمود الفقري لإصلاحات التنظيمات في الموصل، وصوّرت نفسها بوصفها الوكيل الجديد للحكومة الإصلاحية. وتضمن خوري الفصل الثامن والأخير، "استنتاج"، خلاصة دراستها هذه.

المساهمون