"الدستورية" الفلسطينية ترفض رفع الحجب عن المواقع الإلكترونية

07 فبراير 2020
حجبت المحكمة 59 موقعاً وصفحة إلكترونية(حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -
رفضت المحكمة الدستورية الفلسطينية العليا قبول الإحالة بشأن قانون الجرائم الإلكترونية، ورفع الحجب عن 59 موقعاً وصفحة إلكترونية. ويأتي قرار المحكمة بعد أكثر من ثلاثة أشهر على إحالة محكمة صلح رام الله وسط الضفة الغربية، لنصّ في قانون الجرائم الإلكترونية إلى المحكمة الدستورية، للنظر في شبهة عدم دستوريته.
وكما ورد في العدد 163 من الجريدة الرسمية "الوقائع الفلسطينية" الصادرة عن ديوان الفتوى والتشريع؛ فقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرارها بعدم قبول إحالة محكمة الصلح للمادة 39 من قرار بقانون 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية.

وفسرت المحكمة الدستورية العليا قرارها بعدم قبول إحالة المادة إليها، بأنها وردت من خلال طلب عارض بعد إصدار القرار الأولي، أي أن محكمة الصلح أحالت المادة إلى الدستورية بعد أن تقدم لها محامو موقع "ألترا فلسطين" بطلب العودة عن قرارها السابق بحجب المواقع الإلكترونية بناء على طلب النيابة العامة، وأضافت المحكمة الدستورية في قرارها: "لا يجوز للمحكمة الدستورية العليا أن تجاري محكمة الصلح في الخطأ الذي وقعت فيه".

وأكد محامي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أحمد نصرة، لـ"العربي الجديد"، أن فريق الدفاع عن موقع "ألترا فلسطين" والمواقع المحجوبة، سيعمل على دراسة حكم المحكمة الدستورية للتقرير بشأن الخطوات التي سيتم اتخاذها على ضوء ما جاء فيه.

وقال نصرة: "من المنتظر أن يعود ملف الدعوى إلى قاضي الصلح الذي قام بإحالة النص القانوني إلى المحكمة الدستورية لاتخاذ القرار بطلب فريق الدفاع منه العودة عن قرار الحجب، في ظل عدم وجود مسار قانوني في قانون الجرائم الإلكترونية للطعن أو الاستئناف عليه أمام درجات تقاض أعلى".

وحول تأخر قرار الدستورية ثلاثة أشهر، يقول الخبير بالشأن القانوني، المدير التنفيذي للهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون "استقلال"، ماجد العاروري في حديثه لـ"العربي الجديد": "هناك مقولة قانونية تؤكد أن التأخر في العدالة هو إنكار للعدالة حتى لو كان القرار البراءة، أعتقد أن هذا هدفه الإطالة خاصة أن قرار الحجب قائم، والمواقع الإلكترونية محجوبة".

واعتبر العاروري الأمر في منتهى الأهمية "ويعكس حالة الضعف الشديد في المؤسسات القانونية، بدءا من الجهات التي طلبت حجب المواقع، مرورا بالنيابة العامة التي قدمت الطلب إلى المحكمة، مرورا بالمحكمة التي لم تجرؤ على التصدي للمسألة، وأصدرت قرار الحجب، وصولا إلى هيئة المحكمة الدستورية التي لم تتصد أيضا وأعادت القضية مرة أخرى إلى محكمة الصلح".

وعن خطورة ما جرى، يرى العاروري أن أخطر ما فيه بقاء هذه المادة في القانون دستورية، ما يعني أن مسألة حجب المواقع قد تبقى قائمة، وبما يعنيه أن سلطة الحجب عند الأجهزة وعرضها على المحاكم قائمة، وفقا لمادة قانونية فيها اختراق للقانون الأساسي الفلسطيني، الذي ينص على أنه لا يجوز اتخاذ أي تقييدات ضد وسائل الإعلام إلا بحكم محكمة، وليس مجرد قرار قضائي كما هو الحال في قانون الجرائم الإلكترونية، فحكم المحكمة قابل للاستئناف أمام الدرجات العليا، ويعطي حق الدفاع للمتضرر، ولكن كما يرى العاروري، فإن قانون الجرائم مصمم بحيث لا يمكن الاستئناف وفقا له، ويعطي سلطات أشبه بسلطات الأوامر العسكرية غير القابلة للاستئناف.

ويضيف العاروري: "كأننا نتقاذف الكرة بين الجهات القانونية المختلفة من النيابة إلى المحاكم إلى المحكمة الدستورية إلى مجلس الوزراء، الذي رفض تعديل قانون الجرائم ما دامت إحدى مواده أمام المحكمة، هذا مؤشر على أن قضية حرية الرأي والتعبير في فلسطين لا تحترم".

وحول تأثير هذه القضية على ثقة الجمهور باستقلال القضاء، قال العاروري: "إنها تضعف ثقة الجمهور في القضاء واستقلاله"، أما عن سيناريو انتهاء مدة حجب المواقع الإلكترونية، وهي ستة أشهر، قبل أن يصدر قرار من المحاكم بشأن القضية، فقد أكد العاروري أن أربعة أشهر قد مرت ولم يتبق سوى شهرين، وإلى أن تتمكن المحكمة من البت في القضية قد تكون قد انتهت المدة، ويمكن إعادة الكرة مرة أخرى بالحجب لنفس المواقع أو غيرها وهذا الخطير، "كان يمكن أن نكسب الوقت، كان على المحكمة الدستورية إذا ما ارتأت إعادة القضية أن تعيدها بأسرع وقت ممكن خلال أيام فقط"".

وكانت محكمة الصلح في رام الله قد وافقت على طلب النيابة العامة حجب 59 موقعا إلكترونيا في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2019، لمدة ستة أشهر، استنادا إلى قرار بقانون الجرائم الإلكترونية، الذي لاقى انتقادات من مؤسسات المجتمع المدني والصحافيين وقت إقراره في ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني، فيما تقدم موقع "ألترا فلسطين" بطلب لنفس المحكمة للعودة عن القرار، عن طريق محامي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ونقابة الصحافيين الفلسطينيين.

المساهمون