"الخوذ البيضاء" تفقد محمد المصاروة... "دينامو" إنقاذ المدنيين في بريف دمشق

10 مارس 2018
محمد المصاروة شهيد الدفاع المدني (فيسبوك)
+ الخط -


ودعت الغوطة الشرقية السورية أمس الجمعة، محمد المصاروة، رجل الإنقاذ في منظمة "الدفاع المدني السوري" المعروفة باسم "الخوذ البيضاء" أثناء تأدية عمله في إنقاذ المدنيين، بعد غارة جوية استهدفت إحدى مناطق مدينة دوما السكنية المحاصرة في ريف دمشق.

المصاروة المعروف باسم "أبو سلمة"، كان مديراً للدفاع المدني السوري في ريف دمشق، وأحد مؤسسيه، ويعتبر "دينامو" العمل الإنقاذي في المنطقة المحاصرة.

وأكدت مصادر "العربي الجديد" أن الطيران الحربي استهدف مدينة دوما أمس، وهرعت فرق الدفاع المدني وعلى رأسها المصاروة، لإنقاذ المدنيين، وإجلاء العائلات من تحت القصف"، مضيفة أنه خلال عملية الإنقاذ عاد الطيران الحربي لاستهداف ذات المنطقة، ما أسفر عن مقتل المصاروة.

وبحسب صديق مقرّب من المصاروة، فإن الغوطة الشرقية بأجمعها كانت تعرف المصاروة والمعروف باسم "أبو سلمة". وأوضح الصديق لـ "العربي الجديد": "لا تكاد توجد أي قذيفة أو صوت غريب يسقط على الغوطة، إلّا ويسارع المصاروة إلى مكان الحدث ليكون أول الموجودين ويساهم في الإسعاف".

ونشر ناشطون في الغوطة الشرقية، أن "أبو سلمة" كان من أول المبادرين للمشاركة في إنقاذ المدنيين بعد بدء حملات القصف للنظام السوري. وذكرت تدوينات مختلفة في رثاء المصاروة، أنه "كان مسعفاً، وممرّضاً، وإعلامياً، وسائقاً، ومنقذاً، ورجل إطفاء حرائق، ومديرا في إدارة الدفاع المدني، ويساعد المدنيين المنكوبين في الغوطة".



وتحدّث أحد الأصدقاء المقرّبين من المصاروة ل "العربي الجديد"، أنه خلال الحملة الأخيرة للنظام على الغوطة الشرقية، كان المصاروة ابن مدينة دوما ينام ساعات قليلة، ويقضي بقيّة وقته يلاحق أصوات الطيران لإنقاذ المدنيين، حيث تمزّقت أصابع يديه في الفترة السابقة، لشدّة استخدامها في حفر الركام لإخراج المدنيين العالقين تحت الأنقاض.

محمد المصاروة من مؤسسي الدفاع المدني بريف دمشق (تويتر) 




"كان ينام بين 3 إلى أربع ساعات حداً أقصى في اليوم"، هكذا وصف أحد سكان الحي الذي يقطن فيه المصاروة، وأضاف لـ "العربي الجديد"، "قبل الثورة كان "أبو سلمة" يعيش حياة طبيعية، وبدأ بعد القصف بعمليات الإنقاذ بشكلٍ فردي إلى أن أسّس الدفاع المدني بريف دمشق، كانت المنظّمة حينها تتكوّن من 40 متطوّعاً، واليوم تجاوز عددهم الـ 400 متطوّع، أنقذوا خلال هذه الفترة عشرات آلاف المدنيين".

وكتب المصاروة في عام 2016، أنه فقد 37 شخصاً من أصدقائه وزملائه المسعفين وأقاربه، جميعهم قُتلوا خلال هجمات النظام على مناطق متفرّقة بريف دمشق، لذلك كان يعتبر أن إنقاذ المدنيين واجب إنساني انطلاقاً من صعوبة الفقدان الذي عاناه.

تحمل مسؤوليات كثيرة أبرزها إنقاذ المدنيين(فيسبوك) 


لم يكن هجوم دوما الذي أودى بحياته أمس هو الخطر الأول من نوعه، بل تعرّض لمخاطر سابقة عدّة مرات، لكنه رغم ذلك استمرَّ بعمليات الإسعاف. شارك "أبو سلمة" في إنقاذ المدنيين، بعد الهجوم الكيماوي الشهير على الغوطة الشرقية في عام 2013، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1300 مدني، وكانت تلك الضربة من أصعب المواقف التي عايشها الشاب وجميع المسعفين، الذين استمرّوا بالعمل مدّة 72 ساعة دون توقف.

كتب أن أشد الأوقات إيلاماً كانت غارات القصف بالكيماوي(فيسبوك) 


وكتب المصاروة حينها: "ما زلت أتذكر ذلك اليوم، في كل مرة دخلنا المنازل ورأينا عائلات تتأثر بالكيماوي إثر الهجوم"، لافتاً إلى أنه "كان من المؤلم رؤية الأطفال الذين توفّوا بشكلٍ مأساوي".

ونعى مدير منظّمة "الدفاع المدني السوري" رائد الصالح المصاروة، ودوّن: "فقدت الْيَوْمَ أحد أعز الأخوة ورفقة الدرب من تأسيس الخوذ البيضاء. رحلت وأنا أترقب مكالمة وعدتني قبل أّيام أن تكلمني كيف بعد اليوم سوف نتكلم وها قد رحلت. وأنني سوف أعدك الآن بأنني لن أخذلك ولن أخذل أهلنا في سورية حتى نقدم روحنا فداء لخدمة أهلنا".



وذكر "الدفاع المدني" في بيانٍ عزاء المصاروة، أن الأخير "أحد المؤسسين الأوائل للدفاع المدني في ريف دمشق، والذي استشهد أثناء إجلاء العائلات من المناطق التي تتعرض لقصف عنيف على أطراف مدينة دوما بالغوطة الشرقية".
المساهمون