"الحفرة" التي جعلتنا نشبه دول العالم

19 نوفمبر 2016
(شارع بمدينة بسكرة الجزائرية، تصوير: دي أغوستيني)
+ الخط -

كان متوقّعًا أن يطّل علينا أحد المسؤولين، عقب حادث انهيارٍ أرضي بالجزائر العاصمة، أحدث حفرة كبيرة ابتلعت خمس سيّارات دفعة واحدة في الطريق السيّار، ليقول لنا إن مثل هذه الحوادث تقع في كل دول العالم. ولكن والي العاصمة أمس حاد قليلًا، وقال في تصريح للصحافة إن ما حدث "أمرٌ طبيعي".

قبلها، عقّب وزير الأشغال العمومية، على حادث انهيار نفق "جبل الوحش"، في الطريق السيّار المؤدّي إلى قسنطينة بالقول: إن ما حدث يمكن أن نراه في كل دول العالم، وكان الوزير نفسه قد تسلمّ هذا المشروع قبل شهر من الحادثة.

ربّما اقتبس وزير الأشغال العمومية هذه الجملة، من زميله وزير النقل، والذي سبقه بأيّام قليلة فقط إلى الوقوف على كارثة سقوط طائرة جزائرية في شمالي مالي، وحينها ظهر الوزير وهو يردّد بأعلى صوته: "ما حدث يمكن أن يحدث في كل دول العالم".

كانت مواقع التواصل الاجتماعي قد تداولت على نطاق واسع صورًا وفيديوهات عن الحادث الذي خلّف إصابة أحد عشر شخصًا بجروح متفاوتة، بعد سقوط سيّاراتهم داخل حفرة يبلغ طولها حوالي 20 مترًا، حتى قبل وصول الشرطة وسيّارات الإسعاف لإجلاء المصابين، غير أنه كان علينا أن ننتظر ظهور الوالي في مكان الانهيار لنسمع منه عن الأمور الطبيعية التي تحدّث في كل دول العالم.

نعم، يحدث هذا في كل دول العالم، أن تخترع دول العالم الطائرات والسيارات وتبني البواخر، وتطوّر الأسلحة الفتاكة، وتطلق الأقمار الصناعية، وتغزو الفضاء والأمصار، ولكن ما يحدث في دول العالم من هذا الجانب لا يعنينا مطلقًا.

ما يعنينا هو الكوارث التي تحدث في كل دول العالم، وعلى مسؤولينا أن يبقوا على نقاط التقاطع التي تجمعنا بهؤلاء "الدول العالم"، وإلا فإننا سنخرج من قائمة سكان الأرض، هنا، علينا أن نقدّم الشكر الجزيل للحفرة التي ذكرّتنا أننا نتمي لبقية دول العالم. بل وعلينا أن نبقي عليها ونبني لها نصبًا تذكاريًا نكتب عليه "شكرًا لك أيتها الحفرة التي منحتنا شرف الانتماء للعالم".

بدل أن يظهر الوالي ليقول إنه سيفتح تحقيقًا في الحادث، ويتوعّد المقصّرين بإنزال أقصى العقوبات عليهم، انحاز إلى احتمال أن لا أحد تسبب في الحادث، واتّهم الطبيعة التي لا تدافع عن نفسها.

تشاء الصدف أن تشهد اليابان قبل أسبوع حادثًا مماثلًا، واستعرضت اليابان مهارة مهندسيها الذين أعادوا ردم حفرة في الطريق العام بطول 30 مترًا في 48 ساعة فقط، وعادت حركة المرور إلى مجراها وكأن شيئًا لم يحدث، ولكن عندنا في الجزائر هي فرصة لاستعراض ذكاء مسؤولينا الذين لا نجد لهم مثيلًا ولو فتشنا في كل دول العالم.

المساهمون