كشفت مصادر مقربة من مليشيات الحشد، عن ارتفاع عدد النساء الموجودات داخل المليشيات إلى أكثر من ثلاثة آلاف امرأة، غالبيتهن من المطلقات أو الأرامل أو زوجات وبنات وأمهات عناصر في تلك المليشيات، بعضهم قُتل وآخرون ما زالوا يقاتلون.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن النساء يقدمن خدمات إعلامية ومعنوية وأعمال إعداد وجبات الطعام للمقاتلين.
وعقب قرار حكومي، مطلع الشهر الجاري، باعتبار مليشيات الحشد قوة رسمية ترتبط بمكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، ويتمتع أفرادها بمخصصات مالية ومعنوية مختلفة، ارتفع عدد عناصر تلك المليشيات إلى نحو 122 ألف مسلح، موزعين على 79 مليشيا.
ويتحدّر غالبية أفراد تلك المليشيات من الطبقات المُعدمة أو الفقيرة في العراق وبقيادات راديكالية متطرفة مهمتها تقديم جرعات طائفية لهم تسهل ارتكاب مزيد من الانتهاكات والجرائم.
وتقول إحدى منتسبات مليشيات الحشد، وتُدعى سهاد جاسم، 31 عاما، إنهن لا يقاتلن، بل يبقين في الخطوط الخلفية للمعركة والصور التي تنشر لها أو لزميلاتها في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل يتم التقاطها لحث الشباب في المنازل على الالتحاق بالقتال.
وتضيف، في حديث لـ"العربي الجديد"، "لا نتأخر عن أي خدمة، وتواجدنا ليس مستمرا، ونحظى باحترام واسع بين أفراد المليشيات".
واقتصرت مليشيات "الحشد" تلك، منذ تأسيسها في يونيو/حزيران 2014، عقب سيطرة "داعش" على مناطق واسعة من البلاد على العنصر الذكوري فقط، غير أنه سرعان ما بدأت النساء بالاشتراك في تلك المليشيات تحت اسم "زينبيات الحشد".
وأثار ظهور العديد من النساء والشابات في صور وتسجيلات مصورة مع مقاتلي الحشد الشعبي قرب جبهات القتال في تكريت وبيجي وديالى ومناطق أخرى انتقادات لاذعة للحكومة العراقية على مواقع التواصل الاجتماعي.
واعتبر مراقبون أن السماح للنساء والشابات في مقتبل العمر بالتواجد داخل مقرات القوات العراقية والمليشيات "معيب".
وعن تواجد النساء، يقول أحد مقاتلي "الحشد الشعبي"، ويدعى باقر الزيادي لـ"العربي الجديد" "أخوات وأمهات مجاهدات يقاتلن معنا على قدر استطاعتهن"، مبينا أن "وجودهن أمر جيد".
ولا يقتصر ذلك على العراق فقط، بل أظهرت صور على مواقع التواصل ذهاب عراقيات إلى سورية مع مليشيات الحشد لتقديم الدعم للموالين للنظام هناك.
ويشعر زعماء قبائل وشيوخ عشائر عراقية بالامتعاض إزاء مشاركة النساء للمليشيات في جبهات القتال، ويعتبرون أن الحال لم يصل إلى الاضطرار للاستعانة بالنساء، وبدلا من إرسال مقاتلين إلى سورية يمكن إبقاؤهم في العراق والاستعاضة عنهم بالنساء.
ويقول أحد زعماء العشائر في جنوب العراق، الشيخ حسين العتابي، لـ"العربي الجديد"، إن "ذلك غير محبب، وهو أمر دخيل على أعرافنا العراقية أن تتجول النساء بين الرجال في ساحات القتال".
وبيّن أن "الوضع العسكري على الأرض لا يستوجب الاستعانة بالنساء، خصوصاً أنهن لا يقاتلن أو يقدمن جهدا ضد داعش".
ويدافع عضو حزب الله في العراق، ماجد الأنصاري، في اتصال مع "العربي الجديد"، عن ذلك بالقول إن "نساءنا رجال، والجبهة مفتوحة للشهادة أمام الجميع" على حد تعبيره، مبيناً أن "جبهات القتال تفخر بهن".
والسبت الماضي، أعلن في بغداد عن مليشيا جديدة باسم "مسلم بن عقيل" تتزعمها امرأة تُدعى انعام السويعدي. ونالت ترخيصا من الحكومة للعمل في جبهات القتال وتضم نحو ألف مقاتل بينهم نساء.
وأثار خبر قيادة امرأة لإحدى مليشيات الحشد الشعبي الجديدة، سخرية واسعة في البلاد المتخمة أصلا بالمليشيات.
وبحسب ما نشره الناشطون، فإن الربيعي تعتبر أول امرأة في تاريخ العراق القديم والحديث تقود مليشيا مسلحة خارج القانون، في وقت تنتشر فيه عشرات المليشيات المسلحة في عموم البلاد وتشارك في العمليات العسكرية للجيش العراقي ضد تنظيم "داعش".
وتتلقى غالبية تلك المليشيات دعماً مباشراً من إيران بالمال والسلاح، وتنتشر حالياً في المناطق الساخنة التي كان يسيطر عليها تنظيم "داعش".
وارتكبت تلك المليشيات ما وصفها مراقبون بجرائم إبادة جماعية ضد المدنيين على خلفية طائفية في مناطق سيطرة "داعش"، وأعمال قتل جماعي ونهب وحرق للممتلكات العامة والخاصة.