دانت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، تصاعد أرقام الوفيات في أماكن الاحتجاز، خلال الشهور الأخيرة، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة السجون، خاصة تجاه المحتجزين على خلفية قضايا سياسية.
وقالت الجبهة الحقوقية في بيان، الأحد، إن هذا التصاعد في الوفيات يعد "ترسيخًا لسياسة القتل البطيء التي تنتهجها السلطات المصرية تجاه خصومها، وذلك بالرغم من حملاتها الإعلامية وتأكيدها المستمر احترام حقوق المحتجزين المختلفة داخل أماكن الاحتجاز، وعلى رأسها الحق في تقديم الرعاية الصحية الملائمة، وهو الحق الذي يتم انتهاكه بشكل منهجي، خاصة داخل السجون المشددة، في ظل سياسة تعتيم تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا".
وأشار البيان إلى أن "أماكن الاحتجاز المصرية تشهد تصاعدًا في حالات الوفاة، نتيجة الامتناع عن تقديم الرعاية الطبية الملائمة للمحتجزين، بمن فيهم كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنة. يعاني غالبية المحتجزين في السجون المصرية، خاصة في السجون المشددة، من انتهاك واسع لحقوقهم المكفولة بالمواثيق الدولية، مثل قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، فضلًا عن الدستور المصري، وقانون تنظيم السجون، واللائحة الداخلية للسجون".
وأضاف: "يتم انتهاك حقوق المحتجزين في المعاملة الآدمية، وانتهاك حقهم في ظروف معيشية آدمية، إذ يعاني عدد كبير منهم من قلة وسوء التغذية، ومشاكل في التهوية، والإضاءة، وتكدس الزنازين، وانتهاك حقهم في الزيارة، والتريض، فضلًا عن انتهاك حقهم الأصيل في الحصول على رعاية صحية، رغم أن القوانين المصرية تنص على توفير كل ذلك".
ووثقت الجبهة المصرية شكاوى عشرات المحتجزين أمام النيابة، والتي تكشف عن تدني مستوى الرعاية الصحية المقدمة داخل 7 سجون، من بينها سجنا العقرب 1 و2 المُشددان، وتعسف إدارة السجون في عرضهم على مستشفى السجن، أو إدخال الأدوية أثناء زيارات الأسر، أو التحويلات إلى مستشفيات خارجية، أو تمكينهم من عمل التحاليل اللازمة، وهو ما يطاول حتى أصحاب الأمراض المزمنة الذين يحتاجون إلى مستوى رعاية فائق، وهي الشكاوى التي تتجاهل أغلبيتها النيابة المصرية، ناهيك عن تجاهل طلبات من تدهورت حالتهم الصحية بنقلهم من سجونهم إلى سجون أقل تشديدًا.
وأكدت الجبهة الحقوقية أنه "منذ انتشار فيروس كورونا بدأت الأوضاع تزداد تشددًا في السجون المصرية، بناءً على إجراءات حكومية عمدت إلى الإخلال بالمتبقي من حقوق المحتجزين، حيث توقفت الزيارات بداية من 10 مارس/آذار، وعليه انقطع اتصال المحتجزين مع العالم الخارجي، واقتصر التواصل على تمكين ذوي السجناء من إدخال المأكولات والأدوية، وإيداع الأموال بالسجن".
وأضاف البيان: "تعسفت إدارات السجون في تمكين المحتجزين من التواصل مع ذويهم هاتفيًا أو بالمراسلة، وهو الأمر الذي أدى بصورة مباشرة إلى فرض حالة من التعتيم على الأوضاع داخل أماكن الاحتجاز في ظل تزايد المخاوف من انتشار وباء كورونا داخل السجون، خاصة بعد تداول أخبار إصابة موظفين وأفراد من إدارات سجون مختلفة، ومن ثم إصابة عدد من المحتجزين".
تدين الجبهة المصرية تصاعد حالات الموت في أماكن الاحتجاز خلال الشهور السابقة نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة...
Posted by Egyptian Front For Human Rights on Sunday, 13 September 2020
وقالت الجبهة: "تسببت حالة التعتيم وعدم الشفافية التي فرضتها وزارة الداخلية على أوضاع السجون خلال نصف عام منذ إغلاق الزيارات حتى عودتها في أغسطس/آب، في صعوبة تأكد الأسر من وصول الأغذية والأدوية والملابس والأدوات المختلفة للمحتجزين، بمن فيهم المحتجزون المتقدمون في العمر، والمرضى، كما أدت إلى صعوبة التأكد من طبيعة الإجراءات المتبعة داخل السجون لمكافحة انتشار فيروس كورونا، بما يتضمنه من أوضاع نظافة الزنازين، وإجراءات العزل حال إصابة محتجزين".
وتابع البيان: "وصل مستوى التعتيم حد عدم إبلاغ إدارات السجون لذوي المحتجزين بإصابة ذويهم، أو نقلهم من سجن إلى آخر، أو حتى إلى المشرحة حال وفاتهم. وهو ما حدث مع المحتجز في أحد سجون طرة، مصطفى الجبروني، والذي تم نقله من معسكر الأمن بدمنهور في محافظة البحيرة، إلى سجن طرة، وتوفي فيه، ليتم نقله من مستشفى السجن إلى المشرحة، وبعد 6 أيام من وفاته عرف ذووه خبر وفاته بعد سؤالهم عنه في السجن".
وبالنظر إلى الوفيات في أماكن الاحتجاز منذ شهر مارس، وبعد انتشار فيروس كورونا، فقد توفي 28 شخصًا على الأقل في السجون المصرية المختلفة، وعدد منهم كان محتجزًا في سجن شديد الحراسة 1 (العقرب)، وتوفي عدد كبير منهم بعد تدهور حالتهم الصحية نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، والحرمان من العلاج، وهي الأوضاع التي أضيف إليها فيروس كورونا.
ورأت الجبهة المصرية أن "تصاعد الوفيات داخل أماكن الاحتجاز سببه تفاقم التدهور في الحالة الصحية للمحتجزين خلال شهور وسنوات احتجازهم السابقة، إذ أصبحت أجسادهم عاجزة عن الصمود مع التقدم في السن، وتفاقم أمراضهم المزمنة، أو إصابتهم بأمراض جديدة في ظل تعسف إدارة السجون في تقديم الخدمة الطبية الملائمة، بما يعد قتلًا بطيئًا للمحتجزين عبر تعريض حياتهم للخطر من خلال حرمانهم من أبسط حقوقهم، وهو ما حدث مع الرئيس الأسبق محمد مرسي، وقيادات المعارضة مثل مهدي عاكف".