"الثورة التكنوكروية".. تقتحم الملاعب وتثير الجدل

محمد حسن السعو

avata
محمد حسن السعو
18 سبتمبر 2014
3E543C7E-E37C-4CDE-8636-B8BC45A6BEC9
+ الخط -
اقتحمت التكنولوجيا عالم كرة القدم، وباتت مشاهدتها في الملاعب أمراً مألوفاً للمتابعين، وتعددت استخداماتها في جوانب كثيرة، فالقائمون على تنظيم المباريات، وعلى رأسهم الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، يستعينون بالتكنولوجيا من أجل البحث عن نجاحات مسجلة على أرض الواقع، تمنح اللعبة مزيداً من الاهتمام وتبقيها على هرم الرياضة، باعتبارها اللعبة الأكثر شعبية في العالم، في الوقت الذي لم يقتصر فيه استخدام التكنولوجيا على قضاة الملاعب والحكام، ولكن امتد للمديرين الفنيين والمسؤولين عن الأندية والمنتخبات.

وما تزال التكنولوجيا مثار جدل، خصوصاً تلك التي تتعلق بالقرارات التحكيمية، لأن البعض يرى أن متعة كرة القدم في الأخطاء والجدل الناتج عنها، وهي رؤية رئيس الفيفا جوزيف بلاتر، بينما يتحدث كثيرون عن انخفاض نسبة الظلم الناتج عن القرارات التحكيمية الخاطئة بمساعدة كل الأسلحة التكنولوجية المتاحة.

وفي الشق الآخر، نرى الاستفادة المثالية بكل حذافيرها من هذه الخدمة، فمدربو كبرى الأندية العالمية يتكئون على التكنولوجيا بنسبة لافتة، لمعرفة أداء اللاعبين وقدراتهم، وتدوين ملاحظات هامة للغاية، بهدف تطوير الأداء وتسجيل "انتصار تكنولوجي" للفرق الطامحة.

عين الصقر واللاسلكي
تحت أهداف تنظيمية بحتة، أعلن "الفيفا" إشراك عالم التكنولوجيا في كرة القدم، بحثاً عن الوصول إلى خيارات وحلول دقيقة؛ خاصة تلك التي تتعلق بالقرار المؤثر لسير المباريات، كما أن للمتعة دوراً في إقحامها للمستديرة التي يعشقها الملايين حول العالم بحلوها ومرها، فكان لزاماً أن تشارك التكنولوجيا في تلك المتعة.

وظهر الحكام بمظهر جديد في المباريات، بعدما تم استحداث سماعات ومايكروفونات لاسلكية تتيح فرصة التخاطب بين الحكم الرئيسي ومساعديه "رجال الخطوط" من أجل تقليل نسبة الأخطاء في المباريات، مع إشراك تقنية بشرية تعزز تلك التقنية اللاسلكية وهي تواجد حكمين خلف المرميين.

وتعالت الأصوات المطالبة بتطبيق التكنولوجيا في كرة القدم، فابتكرت اليابان كرة قدم مزودة بجهاز كمبيوتر في داخلها يعطي إشارات معينة لحكم المباراة في حال تجاوز الكرة خط المرمى، بعدما اشتكى الكثيرون من الظلم والأهداف الصحيحة غير المحتسبة، واستخدمها الفيفا رغم التحفظات.

واتجهت دول كبرى كإنجلترا الاتجاه نفسه لاستخدام تلك التقنية التي تطورت شيئاً فشيئاً، وأعطت مزيداً من الخيارات الدقيقة للحكام، وتساهم في تصحيح القرارات بشكل يبعد الظلم عن الفرق الكروية.

كذلك أنتجت إحدى الشركات العالمية جيلاً جديداً من الكرات الذكية المستخدمة في لعبة كرة القدم، أطلق عليها اسم "سيترس". وتتميز هذه الكرة بخصائص متعددة، إذ إنها شفافة ولا تفقد الهواء في داخلها، ويمكن رؤية محتواها الداخلي بالعين المجردة. ويعتمد عمل تلك الكرات على أساس الخصائص الميكانيكية للمواد المكونة لها، فهي مصنوعة من مادة "الاستومر" لتكتسب المرونة اللازمة، مقارنة بكرات القدم العادية، كما تحتوي على لواقط ومعالج بيانات داخلها، ويتغير لونها لعرض الحالات المسجلة في المباريات كالهدف والتسلل والركلة القوية وسرعة الركلة، ولمسة اليد وغيرها.

جدل لا ينتهي
ورغم الترحاب الذي لاقته "الثورة التكنوكروية"، خصوصاً في إسبانيا وإنجلترا وإيطاليا، لم يوافق العديد من الأصوات على إشراك التكنولوجيا في عالم الكرة، بل اتجه كثيرون للتساؤل حول إمكانية إيقاف المباريات وإفساد متعة كرة القدم وتحولها إلى كرة قدم إلكترونية. فلا يتصور المعارضون للفكرة أن يقوم حكم المباراة مع كل كرة بوقف اللعب والنظر إلى الشاشة الموجودة في الملعب عقب كل قرار تحكيمي. لذا يعتبر المعارضون لإشراك التكنولوجيا أن الحكم بشر يخطئ ويصيب، وأن الأخطاء جزء لا يتجزأ من لعبة كرة القدم.

وبات اقتحام التكنولوجيا لعالم الساحرة المستديرة فرصة مثالية لإعطاء معلومات قيّمة للغاية للمدربين في جميع أنحاء العالم، وتعزز من مستوى الأداء للاعب والمدرب معاً، كما أنها تمنح أهدافاً إنسانية أيضاً. ولا عجب في ذلك، لأن الشركات العالمية المتخصصة في التكنولوجيا، بدأت تتسابق في تقديم اختراعاتها لخدمة اللعبة الشعبية.

ففي صورة تؤكد أن التكنولوجيا "بحر من المعرفة"، وضعت رابطة الأندية الإسبانية المحترفة أول تطبيق تفاعلي يمكن استخدامه عبر نظارة جديدة تدعى "Google" لإتاحة الفرصة أمام الأجهزة الفنية لملاحظة البيانات والإحصاءات التي يحتاجون إليها والخاصة بالفريق وبأداء كل لاعب، وذلك قبل وأثناء لعب المباراة.

وتقدم تلك النظارة خدمات مثالية لمدربي كرة القدم في ما يتعلق بمجال البيانات والتحليل، مما يمنح المدرب فرصة لمتابعة ومراقبة إحصاءات وأرقام فريقه خلال المباريات الرسمية وغيرها، واستدعاء أي معلومة خاصة بمباريات سابقة للاعب. وبالتالي يتمكن الجهاز الفني من امتلاك معلومات مثرية عن كافة أركان فريقه، كما سيملك معلومات عن الفرق المنافسة التي سيواجهها طوال الموسم.

ويمكن للمدرب أو مساعده أن يطلع على الإحصاءات الخاصة بالمباراة السابقة بعد حفظها على الجهاز من دون أن يحتاج إلى الاتصال بشبكة الإنترنت، لكن في حالة الحاجة للمعلومات الحية أثناء المباراة ولتلقي أرقام جديدة، فلابد من الاتصال بالانترنت؛ سواء بواسطة اللاسلكي أو ما يعرف بـ"البلوتوث".

ولم يقف الأمر عند تلك النظارات، فقد استعان كبار مدربي الفرق العالمية في إيطاليا وإنجلترا وإسبانيا وألمانيا بكاميرات تصوير إلكترونية دقيقة تمنح المدرب متابعة لاعبيه أثناء التدريبات، حيث لا تقتصر مهمتها على المراقبة فحسب، بل تعطي أرقاماً وإحصائيات عن اللاعب أثناء قيامه بالمران ومدى احتياجاته لزيادة معدل اللياقة البدنية ومدى جاهزيته للمباريات.

جهاز الأفعى.. وسيلة فعّالة
وقد تطور علم التدريب بشكل مذهل مع تغلغل التكنولوجيا فيه؛ فإذا أردت الحصول على كل معلومة شافية لما يفعله اللاعب من إحصائيات أثناء المباريات الودية والتدريبات، ومن أجل توسيع المعرفة والاطلاع والمتابعة الحثيثة خلال المجريات من خلال نتائج فعّالة تبعد الترهل في الأداء عن اللاعبين، كان الجهاز الإلكتروني المسمى (الأفعى) واحداً من الحلول القوية لتحقيق تلك الأهداف.

وجهاز الـ"فايبر آي بود" أو الأفعى، كما يحلو للأندية العالمية تسميته، هو عبارة عن لاصقة خفيفة الوزن (أقل من 50 جراماً) وبعرض يبلغ 33 سم وطول 86 سم، يرتديها اللاعب تحت قميصه، وتحديداً تحت الإبطين والرقبة. ومن أبرز أهدافه التي صمم من أجلها، الوقوف على جاهزية اللاعبين الفنية والذهنية، مما يساعد المدرب في اختيار التشكيلة الأساسية الأنسب لخوض الاستحقاقات الرسمية وتفادي إشراك لاعبين غير مؤهلين، كما أنه يدفع باللاعبين إلى تفادي التحايل على المدرب والعمل بأقصى جدية في التدريبات.

استخدمت هذا الجهاز الأندية الكبيرة كليفربول ومانشستر سيتي الإنجليزيين وبرشلونة الإسباني وباريس سان جيرمان الفرنسي وأندية الدوري الإيطالي، وهو من إنشاء شركة إيرلندا الشمالية "إحصائيات الرياضة"، ولديه أربعة معالجات ترسل جميع المعلومات إلى أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالجهاز الفني، بحيث يرصد ويسجل المسافة القصوى التي قطعها اللاعب، ومعدل ضربات قلبه، ويعطي مؤشراً لحالة الإرهاق والجهد البدني الزائد، وحتى طبيعة النظام الغذائي له ونفقات الطاقة، وكل التأثيرات البدنية التي يتعرض لها اللاعب في الحصة التدريبية.

سجل الجهاز نجاحاً باهراً، حيث يمنح المدربين أيضاً وسيلة هامة لمحاربة ظاهرة "الموت المفاجئ" للاعبين، باعتباره يعطي تفاصيل عن مؤشر التعب لكل رياضي أو الوقت الذي يقضيه في "المنطقة الحمراء"، عندما يتم تجاوز وقت محدد بنسبة 85% من الحد الأقصى لعدد دقات القلب، ويساعد على تفادي وقوع إصابات، بل يمكنه توقع ومعرفة نوع الإصابة التي قد تحدث للاعب في الأيام المقبلة.

ومن أجل تفادي ما أصاب البرسا الموسم الماضي، لم يتردد المدرب الجديد لنادي برشلونة الإسباني لويس انريكي في استخدام طريقة تمنحه التحكم في حركات لاعبيه مستعيناً بالتكنولوجيا الحديثة "الأفعى"، وهو أول من استخدمها في إسبانيا، لكن الفيفا لا يزال يمنع استخدامها في المباريات، باعتبارها "جسماً غريباً" لا يجوز للاعب ارتداءه.

لكن الـ"فايبر آي بود" يتيح لإنريكي استخدامه في الحصص التدريبية والمباريات الودية وبالتالي العمل بأقصى جدية.

ذات صلة

الصورة
صورة تخيّلية تجمع طفلاً من روبوت (كولن أندرسن/Getty)

رياضة

حلّ مدير إدارة الرياضة والشراكات الاستراتيجية في مايكروسوفت، سيباستيان لانسيسترمير، ضيفاً على "العربي الجديد"، للحديث عن الذكاء الاصطناعي وكرة القدم.

الصورة
تضع الدومي نصب عينيها تطوير فريقها "اتحاد الفقيه بنصالح" (الأناضول)

مجتمع

تنخرط حسناء الدومي (29 عاماً)، وهي مدربة مغربية لكرة القدم للرجال في المملكة في تدريب فريقها الناشط بالدرجة الثانية، متحدية الظروف الصعبة للنادي والملعب الذي لا يتوفر على مرافق كثيرة.
الصورة
مؤسسة الإصلاح والتأهيل السكت الرئيسي - مصراتة (فيسبوك)

مجتمع

تنظم مؤسسة الإصلاح والتأهيل السكت بمدينة مصراتة الليبية للعام الحادي عشر على التوالي دوريات كرة القدم والسلة والشطرنج للمساجين، وذلك في إطار الأنشطة الرمضانية.
الصورة

رياضة

كشف اللاعب العراقي المميز أمجد عطوان عن هوية المنتخب الذي يتمنى مواجهته في نصف نهائي كأس الخليج 25 المقامة حالياً في مدينة البصرة العراقية، وذلك عقب الفوز على اليمن في الجولة الثالثة من دور المجموعات بنتيجة 5-0.

المساهمون