"التمويل الدولي": أزمة سوريا تؤثر سلباً على اقتصاديات المنطقة

20 يوليو 2014
تباطؤ الاقتصاد العالمي (روزلان رحمان/فرانس برس/getty)
+ الخط -

شهد الاقتصاد العالمي خلال النصف الأول من العام الحالي موجة تباطؤ نتيجة عوامل عديدة، منها التوترات والأزمات العالمية والتي ساهمت في انخفاض نسب النمو العالمي، وعبّر معهد التمويل الدولي عن أسفه للأداء المخيب للاقتصاد العالمي خلال النصف الأول من العام 2014، فيما حافظ على نظرته الايجابية للنصف الثاني من العام.

وتطرق المعهد في أحدث تقرير صادر في شهر يوليو/ حزيران، الى الانعكاسات السلبية للاضطرابات السياسية والأمنية في بعض دول منطقة الشرق الأوسط ومنها سورية، ودورها في تراجع الاداء الاقتصادي لدول المنطقة، معتبراً أن التداعيات لا تزال محدودة نسبياً، غير أنها تبقى رهن أي تطورات خطيرة للأزمة القائمة.


ومعهد التمويل الدولي هو مؤسسة عالمية تضم أكثر من 470 مؤسسة مالية، وتتمثل مهمته في دعم الصناعة المالية والإدارة الحكيمة للمخاطر بالدراسات والأبحاث. ويضم في عضويته المصارف المركزية العالمية والمصارف الدولية الكبرى وشركات التأمين، وصناديق التقاعد، ومديري الأصول وبعض صناديق الثروة السيادية.

الشرق الأوسط

أفرد التقرير مساحة مهمة للمنطقة حيث سلط التقرير الضوء على التداعيات الاقتصاديّة للاضطرابات السياسيّة والأمنية في سورية والعراق على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي كانت سبباً في تباطؤ اقتصاديات هذه المنطقة، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن تداعيات الأزمة لا تزال محدودة نسبيّاً، لكنها تبقى رهن أيّة تطورات خطيرة للأزمة المعنية.

وتوقع معهد التمويل الدولي حدوث تباطؤ طفيف في معدّل النموّ الاقتصادي الحقيقي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ليصل إلى 3.7 في المائة في العام 2014، مقابل 3.8 في المائة في العام 2013، قبل أن يعود ويرتفع إلى 4.2% في العام 2015.

كما أشار إلى أن الصورة الضبابيّة في مصر، قد اضمحلت بعد إجراء الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة، الأمر الذي يفضي إلى انتعاش اقتصادي معتدل في الفترة القادمة.

وخفض معهد التمويل الدولي توقّعاته لنسبة النموّ الاقتصادي الحقيقي في لبنان للعام 2014 إلى 2.2 في المائة، مقابل توقّعاتٍ سابقة لنموٍّ بنسبة 3 في المائة عن العام الجاري، في حين حافظ على توقعاته للعام 2015 عند 3 في المائة.


وتأتي هذه الأرقام المتعلقة بلبنان مقارنة مع نسبة نموّ اقتصاديّ بلغت 0.9 في المائة في العام 2013، و1.2 في المائة في العام 2012.

كما حذّر معهد التمويل الدولي من أيّ توسع لرقعة التوتّرات القائمة حاليّاً في سورية والعراق سيؤثر سلباً على القطاع السياحي وحركة التجارة الخارجيّة في الدول المحيطة بهما.

الدول الغربية

من جهة أخرى، أشار تقرير معهد التمويل الدولي إلى الأوضاع الاقتصادية في الدول المتقدّمة، وبالتحديد الولايات المتّحدة الاميركية حيث سجلت معدّلات نمو اقتصادي أدنى من تلك المتوقّعة في السابق خلال الفصل الأوّل من العام، بحسب ما اعتبره المعهد "عوامل مؤقّتة".

بالتوازي، بقيت منطقة اليورو تعاني من نقص في الاستقرار المالي ومستويات بطالة مرتفعة، إضافةً إلى بطء في الانتعاش المالي خصوصاً لدى دول الأطراف.

وفي إطارٍ مماثل، سجّلت الأسواق الناشئة حركة تصدير ضعيفة وانحساراً في الإنتاج الصناعي وتدنياً في مستوى الثقة في بيئة الأعمال لديها، كما أعاقت الأزمة الأوكرانية النمو الاقتصادي لدى العديد من دول أوروبا الناشئة.

من منظار آخر، توقع معهد التمويل الدولي تحسن النموّ الاقتصادي العالمي خلال النصف الثاني من العام بفعل تحسّن نسبة النموّ الاقتصادي في الولايات المتحدة مجدداً، في ظل الزيادة في مستويات الطلب الخاص والاستقرار الذي توصّل إليه مؤخّراً قطاع السكن في البلاد.

كما توقع المعهد أن تنتعش ثقة المستهلكين والمستثمرين في منطقة اليورو خلال النصف الثاني من العام 2014، في حين توقع تقدماً في حركة الاستثمار وسوق العمل والتوظيف في اليابان.

نتيجةً لذلك، توقّع معهد التمويل الدولي أن تصل نسبة النمو الاقتصادي في البلدان المتقدّمة إلى 1.6 في المائة في المائة في العام 2014، و2.3 في المائة في العام 2015.

من ناحية أخرى، توقّع التقرير أن يتراجع معدّل نموّ الناتج المحلّي الإجمالي الحقيقي في الأسواق الناشئة بشكلٍ طفيفٍ إلى 4.3 في المائة في العام 2014، قبل أن يعود ويرتفع إلى 4.9 في المائة في العام 2015.


في هذا السياق، توقع معهد التمويل الدولي أن يرتفع معدّل النموّ الاقتصادي العالمي تدريجياً من 2.5 في المائة من العامين 2012 و2013، إلى 2.6% في العام 2014 و3.3 في المائة في العام 2015.

أسباب التباطؤ
وحسب معهد التمويل الدولي فقد شهد النصف الاول من العام الحالي 2014 تباطؤاً في النمو الاقتصادي العالمي لأسباب عديدة:

أولاً: أسهمت التوترات السياسية في بعض المناطق والدول في تباطؤ معدلات النمو بها، وانخفاض أسعار الأسهم والسندات، بالاضافة إلى إنخفاض قيمة العملات لاسيما في البلدان التي تحتاج إلى تمويل خارجي كبير من أجل دفع اقتصادياتها.

ثانياً: تباطؤ النمو في العجز التجاري العالمي والمستمر في العديد من دول العالم، وهو ما لا يؤدي فقط إلى العجز عن توفير الوظائف وابتعاد فرص الاستثمار في تلك الدول، ولكن يؤدي إلى انتقال الأزمات المالية بشكل أو آخر من بلدان العجز التجاري إلى بلدان الفائض التجاري، بسبب ضعف حركة الصادرات وفساد بعض الأسواق.

ثالثاً: الانكماش الاقتصادي الذي ساد خلال العامين الأخيرين في دول المنطقة الجنوبية بمنطقة اليورو وهي (فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان وقبرص) إذ دخلت هذه الدول في شرك العجز التجاري الذي سبب الكساد وضعف الإنفاق الاستهلاكي، ويعزى ذلك إلى أنه للعام الثاني على التوالي يكون معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في عموم هذه المنطقة الجنوبية سلبياً.