عمدت حكومة أبوظبي إلى تطبيق إجراءات، وصفها خبراء ومحللون بـ"التقشفية"، مع سعي الإمارة إلى مجابهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي خلفتها أسعار النفط المتهاوية وأثرت على معظم اقتصادات دول الخليج المنتجة للنفط.
وقال خبراء اقتصاديون، إن جميع دول الخليج عانت من هبوط النفط بأكثر من ثلثي قيمته منذ منتصف عام 2014 وحتى الشهور الأولى من العام الجاري، ما دفعها إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية، وفرض ضرائب جديدة، في خطوة اعتبرت سابقة في دول المنطقة.
وتعتبر الإمارات المعتمدة بنسبة 30% من اقتصادها على إيرادات النفط، الأقل تأثراً مع تنوع مداخيل الناتج المحلي الإجمالي بين دول مجلس التعاون الخليجي، لكنها طبقت إجراءات منها: تحرير أسعار الوقود، واتخاذ خطوات فعلية للبدء في تطبيق ضريبة القيمة المضافة، علاوة على بعض القرارات الأخرى، المتمثلة في فرض رسوم على المطارات والفنادق.
واعتمدت حكومة أبوظبي مؤخراً قرارا باستيفاء رسوم قدرها 35 درهماً (9.5 دولارات) من كل مسافر عند مغادرته عن طريق أي من مطارات الإمارة إلى الخارج، أو محول رحلته على نفس شركة الطيران أو أي شركة أخرى، وذلك مقابل استخدام مرافق تلك المطارات.
وأعلنت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، قبل شهر، عن البدء في تحصيل رسوم على الإقامة في فنادق الإمارة، وذلك بنسبة 4% من قيمة فاتورة النزيل، و15 درهماً (4.08 دولارات) لكل ليلة عن كل غرفة، ابتداءً من مطلع الشهر الجاري.
وقال محمد طاهر، المحلل والخبير الاقتصادي لدى بيت الاستثمار العالمي، إن الإمارات، خاصة أبوظبي، لجأت إلى تنفيذ إجراءات لتعزيز إيراداتها بعدما تضررت جراء هبوط النفط.
وأضاف طاهر، أن أول الإجراءات كان تحرير أسعار الوقود، لتكون مرتبطة بالأسعار الحقيقية لهذه السلع نزولاً وصعوداً بحسب الأسعار العالمية.
واتخذت الإمارات، في يونيو/حزيران 2015، قراراً بتحرير أسعار الوقود، وبعدها رفعت أربع دول أخرى هي: السعودية وقطر والبحرين وسلطنة عمان أسعار الوقود لديها، مطلع العام الجاري.
وقال طاهر إن مباحثات ومناقشات حول تطبيق ضريبة القيمة المضافة، "ليس في الامارات فقط، وإنما في جميع دول مجلس التعاون الخليجي.. من المقرر اتخاذ قرار نهائي بشأنها في الربع الثالث من العام الحالي تمهيداً لتطبيقها مطلع 2018".
وتمضي دول مجلس التعاون الخليجي الست الغنية بالنفط، قدماً نحو تطبيق ضريبة القيمة المضافة (ضريبة المشتريات) بنسبة 5%، بهدف تعزيز الإيرادات التي تراجعت نتيجة هبوط أسعار النفط.
وتضم دول الخليج العربية -التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط في تمويل إيرادات موازناتها- كلا من السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان.
وتعد ضريبة القيمة المضافة، غير مباشرة يدفعها المستهلك، وتفرض على الفارق بين سعر التكلفة وسعر البيع للسلع.
وقال أحمد عاصم، المتخصص في الشؤون الاقتصادية لدول الخليج، إن معظم دول الخليج تعاني من هبوط أسعار النفط، وهو ما أثر على موازنتها المالية، مشيراً إلى أن إمارة أبوظبي اتخذت مؤخرا بعض القرارات الصعبة تمثلت في فرض بعض الرسوم، فضلا عن تسريح الآلاف من الموظفين.
ونقلت تقارير صحافية، أواخر مايو/أيار، عن مصادر مطلعة- لم تسمها- أن شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، التي يعمل بها نحو 55 ألفاً، ألغت مئات الوظائف في الأشهر الأخيرة، وستقلص أعداد العاملين فيها بنحو 5000 على الأقل، بنهاية 2016.
وتحوم أسعار النفط حالياً عند مستوى 50 دولاراً للبرميل، بعد أن هوت بأكثر من ثلثي قيمتها منذ منتصف عام 2014.