"التحرير" حزب متشدد في شمال سورية بلا تأثير سياسي 

30 اغسطس 2020
"تحرير الشام" اعتقلت عناصر لـ"حزب التحرير" (Getty)
+ الخط -

عاد الفرع السوري من "حزب التحرير"، الذي يتبنى فكراً متشدداً يدعو إلى إحياء الخلافة الإسلامية، إلى الواجهة الإعلامية عقب حملة اعتقالات من قبل "هيئة تحرير الشام" لعدة أشخاص في هذا الحزب يعارضون التفاهمات التركية الروسية الخاصة بالشمال الغربي من سورية.   

واعتقلت قوة أمنية من "هيئة تحرير الشام"، السبت، عدة أشخاص ينتمون إلى "حزب التحرير" في محافظة إدلب، بسبب منشورات وبيانات تحرض على نقض الهدنة القائمة في الشمال الغربي من سورية التي توصل إليها إلروس والأتراك في مارس/ آذار الماضي، ولا تزال حتى اللحظة سارية رغم بعض الخروقات من قوات النظام. 

وذكرت مصادر محلية أن الهيئة المذكورة داهمت منازل شخصيات فاعلة في الحزب داخل بلدة أطمة شمال إدلب الواقعة على الحدود السورية التركية. 

وأشارت إلى أن أبناء المعتقلين وزوجاتهم خرجوا بمظاهرة للمطالبة بالإفراج عنهم جابت شوارع البلدة.

وتؤكد الاعتقالات التي نفذتها الهيئة، حرصها على حماية الاتفاق التركي الروسي، في مسعى منها لتكون جزءاً من حلول سياسية لملف الشمال الغربي من سورية. 

وظهر حزب التحرير بشكل واضح في سورية مع السنة الثانية من الثورة السورية التي انطلقت في ربيع عام 2011، حيث بدأ السوريون يسمعون بهذا الحزب في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام في الشمال السوري. 

ووفق مصادر مطلعة، لم يشكل الحزب فصائل عسكرية تابعة له، غير أنه يؤكد أن بعض الفصائل النشطة في سورية تتبنى طرحه. 

ولكن مصادر مطلعة أشارت، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن حزب التحرير حاول ركوب موجات الحراك الثوري في سورية بدءاً من عام 2012، موضحة أن هذا الحزب كان يستغل المظاهرات للتعريف عن نفسه من خلال توزيع منشورات على المتظاهرين، وهو ما جعل السوريين في شمال البلاد يطلقون عليه اسم "حزب المناشير"، لكونها الطريقة الوحيدة التي نشط بها الحزب في الحراك الثوري السلمي. 

وأوضحت المصادر أن الحزب حاول تشكيل فصيل مسلح في ريف حلب الغربي، "ولكن سرعان ما انفضّ المقاتلون عنه، ملتحقين بفصائل أخرى، منها حركة نور الدين الزنكي وجبهة النصرة". 

حزب التحرير حاول ركوب موجات الحراك الثوري في سورية بدءا من عام 2012، إذ كان يستغل المظاهرات للتعريف عن نفسه من خلال توزيع منشورات على المتظاهرين، وهو ما جعل السوريين في شمال البلاد يطلقون عليه اسم "حزب المناشير"

وحزب "التحرير" ليس حديث التأسيس، اذ تعود جذوره إلى خمسينيات القرن المنصرم، حيث تأسس في مدينة القدس، داعياً إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، ولكنه يُوصف من قبل مناهضيه بـ"التشدد".  

من جانبه، أوضح الباحث السياسي المختص بالجماعات الإسلامية عباس شريفة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "حزب التحرير في الشمال السوري هو فرع عن حزب التحرير الأم الذي أسسه الفلسطيني تقي الدين النبهاني، ويرأسه اليوم عبد القديم زلوم". 

ومضى بالقول: "كان لحزب التحرير وجود تنظيمي في سورية قبل الثورة، وتعرض جلّ أعضائه للاعتقال، شأنهم شأن كل التنظيمات الإسلامية". وأشار إلى أنه "مع بداية الثورة، أفرج النظام عن أعضائه، حيث أيدوا الحراك الثوري واعتبروا أنفسهم من مفجري الثورة السورية، ودعوا المتظاهرين إلى تبني مشروع الخلافة".

 

واعتبر شريفة تأييد الحزب للعمل العسكري ضد النظام "سابقة في تاريخ هذا الحزب"، مضيفاً: "حاول منتسبو الحزب أخذ بيعات من الفصائل العسكرية لمشروع الخلافة". وأوضح أن حزب التحرير "عارض قتال تنظيم "داعش" رغم تكفيره لفصائل المعارضة، معتبراً قتال التنظيم تنفيذاً لأجندة خارجية". 

وبيّن شريفة أن حزب التحرير "يتبنى خطاباً راديكالياً، ويتهم فصائل الجيش الحر والمعارضة بالتورط بالمال السياسي والانحراف عن أهداف الثورة السورية"، مضيفاً: "يعتبر (حزب التحرير) أنه لا حل إلا بتبني مشروع الخلافة". 

وعن التأثير السياسي للحزب في الشمال السوري، أوضح شريفة أن "عدد أعضاء الحزب في المناطق المحررة لا يتجاوز الـ200 شخص، يتوزعون بين منطقة كللي شمال إدلب، وبلدتي الأتارب والسحارة في ريف حلب الغربي"، مشيراً إلى "أن كثيراً منهم يعملون ضمن كتائب لا تعلن تبعيتها لحزب التحرير". 

وأكد شريفة أن حزب التحرير "ليس له وزن اجتماعي ولا عسكري ولا سياسي"، مشيراً إلى أن "لديه ماكينة إعلامية بدائية"، مضيفاً: "يقف موقف المخون لتحرير الشام، التي خضعت حسب رأيه للتفاهمات الأميركية وأدخلت الجيش التركي إلى المناطق المحررة، وأصبحت ذراعاً لتركيا". 

وختم شريفة بالقول: "يعتقد حزب التحرير أن أزمة الأمة السياسية تكمن في انهيار نظام الخلافة الإسلامية ودخول المسلمين في النظام العالمي الجديد، وأنه لا حل لأزمة الأمة السياسية إلا بإعادة هذا النظام".