"الاقتصاد السياسي الأردني": خطر السير على الحافة

10 اغسطس 2020
وسط البلد في مدينة عمّان Getty
+ الخط -

حين يتعلق الأمر بالدراسات التي تتناول الاقتصاد في البلدان العربية بالعموم، فإن معظم المراجع الأساسية والتوثيقية إما أجنبية أو مكتوبة بلغة أجنبية، فكأنها مادة لا يلتفت إليها الدارس أو الناشر لا سيما في البلدان الصغيرة مثل الأردن، والذي قلما تجد دراسات حول تاريخه الاقتصادي بالعربية، بالرغم من أن اقتصاده ارتبط بشكل أساسي بمحيطه العربي وأزماته السياسية. 

ومن هنا تأتي أهمية الإصدار الجديد الذي نشره الباحث الأكاديمي جعفر حسان تحت عنوان "الاقتصاد السياسيّ الأردنيّ: بناء في رحم الأزمات" (دار الآن ناشرون)، وفيه يرصد مسارات تطوُّر الاقتصاد السياسي الأردني منذ نشوء الدولة، وبشكل خاص السياسات التي تمّ اعتمادها خلال العقدين الأخيرَين.

الصورة
غلاف الكتاب

جاء الكتاب في أربعة فصول، درس خلالها الكاتب تحوّلات هذا الاقتصاد ومواطن القوة والضعف في مسيرته بموضوعية وواقعية، وعلى أساس الحقائق والتطبيقات العملية وبمنأى عن الانطباعات المشوّهة والمواقف المسبَّقة، حسب تقديم الناشر.

يلفت حسان، الذي شغل منصب وزير التخطيط والتعاون الدولي بين عامي 2009 و2013، إلى وجود تحوّل رئيس في المعادلة الاقتصادية وظهور حالة من الاستقطاب بين القطاعَين العام والخاص بعد أن بدأت العلاقة بينهما تتغير بشكل كبير منذ بداية التسعينيات مع انخفاض الإنفاق الرأسمالي وجفاف المساعدات الخارجية، متخذةً شكلَ التنافُس على النفوذ والسياسات والمصالح نتيجة تساقط النموذج الاتّكالي للدولة.

ويشير إلى أن اعتماد الدولة على قدرة القطاع الخاص على الإنتاج ازداد لتحصيل الإيرادات الضريبية التي أصبحت المورد الأساس للدولة، ليعاد توزيعها للقطاع العام مع ارتفاع النفقات الجارية من كلف رواتب وتقاعدات الإنفاق الرأسمالي وانخفاضه.

يذكر الكاتب، الذي يحمل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والاقتصاد من جامعة جنيف، أن هذه التغييرات أثّرت في فئات المجتمع والقوى التقليدية، خاصة مع تحوُّل دور الدولة في الاقتصاد، وزيادة التباين في الثروة، وازدياد مظاهر الإنفاق المفرط والاستهلاك الترفي، ونمو الثروات الجديدة، فبدأت فئات كبيرة من المجتمع ترى أن النهج السائد يهمّشها.

اعتماد الدولة على قدرة القطاع الخاص على الإنتاج ازداد لتحصيل الإيرادات الضريبية التي أصبحت المورد الأساس للدولة

ويؤكد المؤلف على أهميةَ التحوّل في العلاقة بين القطاعَين العام والخاص من التبعية إلى التكاملية، لأنّ نجاح أيّ منهما أو فشله مرتبط بنجاح الآخر أو فشله، مبينا أن الاقتصاد الأردني استطاع أن يواجّه تحدّيات هائلة منذ نشأته، وأبدى مرونة واسعة في التأقلم مع كوارث عديدة واجهت المملكة على المستويات كافة؛ إنسانيّاً وجغرافيّاً وسياسيّاً.

وبحسب المؤلف، يتسم الاقتصاد الأردني تاريخيا بارتباطه بالأزمات، إذ عملت الأزمات والتغييرات السياسية الإقليمية على تشويه بنيته إلى حد كبير، رغم أن القيادة جعلت منها دافعاً لمواصلة البناء وتسريع العملية التنموية.

يقدّم حسان تصوّراته عن المستقبل ويحاول الإجابة عن سؤال "كيف نمضي إلى الأمام؟ وكيف يمكن للأردن أن يستفيد من دروس الماضي لمواجهة اللحظة الراهنة، في ظلّ مخاطر "السير على الحافة"، لا سيما وأن الاقتصاد الأردني نشأ في رحمِ الأزمات المتتالية في المنطقة. 

 

المساهمون