"الاحراج" يُسقط قانون "العزل" في تونس بصوت وحيد

01 مايو 2014
كان "العزل" بحاجة لـ109 أصوات فنال 108 (فتحي بلعيد/أ.ف.ب/GETTY)
+ الخط -

ارتفعت أصوات نواب في المجلس التأسيسي، مساء الأربعاء، تغنّي النشيد الوطني احتجاجاً على إسقاط الفصل 167 القاضي بمنع رموز النظام المخلوع من الترشح للانتخابات المقبلة. وشهدت قاعة المجلس التأسيسي حالة من الغضب والتوتر والتراشق بالتهم بين النواب، إثر إعلان نتيجة التصويت التي لم تكن تحتاج الا الى صوت واحد إضافي لإقرار قانون العزل، بما أن الذين صوتوا لصالح القانون كانوا 108، في حين رفضه 23، وامتنع 43 نائباً عن التصويت. وكان القانون يحتاج الى 109 أصوات ليتم إقراره في القانون الانتخابي الجديد.

وقد سبقت جلسة مساء الأربعاء، جدالات امتدت على مدى الأشهر الماضية، وزادت حدتها في الايام الأخيرة، بعدما فشلت لجنة التشريع العام، ولجنة التوافق داخل المجلس، في إيجاد صيغة توافقية تخرج المجلس من حالة الانقسام الذي شهدها بخصوص القانون.

وينص مقترح قانون العزل الذي أُسقط نهائياً، على أنه "لا يمكن أن يترشّح لانتخابات مجلس نواب الشعب، كل من تحمّل مسؤولية أساسية بالحكومة في عهد الرئيس المخلوع (زين العابدين بن علي)، باستثناء من لم ينتم من أعضائها إلى التجمع الدستوري الديموقراطي المنحل".

ويعود الجدل حول قانون العزل السياسي، او منع رموز حزب التجمع المنحلّ من الترشح، الى أشهر خلت، وشهدت مواقف الاحزاب الكبرى تقلبات، من رافض الى داعم والعكس. ولم يكن للقانون فرصة كبيرة لحصد غالبية مريحة بعدما اجتمعت احزاب كبرى ضد تمريره، وهي حركة النهضة وحزب نداء تونس والجمهوري وبعض المستقلين، في حين وقفت حركة وفاء وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية والتحالف الديموقراطي والتكتل ومستقلون آخرون في صف المدافعين عن ضرورة تحصين الثورة ومنع رموز "التجمع" من الترشح للانتخابات، على الأقل لأن " الثورة لا تزال بحاجة الى مَن يحيمها". ويستشهد المدافعون عن "العزل" بـ"الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة"، التي سبقت المجلس التأسيسي، والتي أقرت الفصل 15 الشهير، الذي منع رموز "التجمع" من الترشح للانتخابات السابقة، وكان يرأسها في حينها عياض بن عاشور (انضم الى حزب نداء تونس قبل فترة) في عهد حكومة الباجي القائد السبسي التي أقرت قانون العزل قبل ان يشكل حزبه الجديد، ويقف في وجه تمرير القانون. في المقابل، يدافع المعارضون للقانون عن رأي يفيد بترك الحسم في هذه الرموز للشعب حتى يسقطها بنفسه في الانتخابات، ويحسم الصندوق في أمرها.

وشهدت بعض الكتل انقساماً في تصويت أعضائها؛ ففي ما يتعلق بحركة النهضة مثلاً، التي أعلن رئيسها الشيخ راشد الغنوشي انها غير معنية بـ"قانون الإقصاء"، صوّت 39 من نوابها مع القانون، و5 منهم ضدّه، وامتنع 26 عن التصويت، وهو ما يعكس عدم التجانس في المواقف من القانون داخل كل حزب، وحالة التناقض الواضحة بين النواب. كما شهد صف المدافعين عن القانون تصويت رئيس المجلس التأسيسي، مصطفى بن جعفر، مع كتلته، لصالح تمرير القانون أيضاً.

وتغيّب عن التصويت عدد كبير من نواب الكتل الديموقراطية، ربما "تجنباً للحرج". وبلغ عدد هؤلاء 43 نائباً بحسب "جمعية مرصد" التي تُعنى بمتابعة كل اعمال المجلس الوطني التأسيسي التونسي.

وجاءت ردود الفعل بعد التصويت غاضبة ومتناقضة؛ وقال النائب هشام حسني إن "إسقاط العزل السياسي كشف عن هوية من يقف الى صف الشعب والثورة، ومن خان دماء الشهداء". أما النائب علي بالشريفية، فأشار إلى أن إسقاط العزل السياسي "ينمّ عن نضج ومسؤولية يتحلى بها نواب المجلس التأسيسي، مما سيجنب تونس الوقوع في انزلاقات"، مشيراً الى أن العزل "لا يتم عبر قانون وإنما عبر الصناديق".

ويُتوقَّع أن يرخي الانقسام الواضح بين النواب، والجدل الذي رافق التصويت، بظلاله على الساحة السياسية التونسية في الايام المقبلة، ولن ينتهي الجدل حول القانون لأنه ينص في فقرته الاخيرة على أن العدالة الانتقالية يمكن ان تتكفل بمنع رموز "التجمع" من الترشح للانتخابات. ومن المؤكد أن "هيئة الحقيقة والكرامة" ستتشكل في الايام القليلة المقبلة، لتبدأ عملها مباشرة من أجل حل أهم قضايا الثورة التونسية التي تنتظرها، وهي قضية الشهداء والجرحى وقضية المحاسبة.

المساهمون