تناولت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، في عددها الصادر، اليوم الثلاثاء، استعداد سلاح الجو البريطاني بدون طيار لمهاجمة "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها الخاصة، أنّ "طائرات ريبر المسلّحة من دون طيار، التي تم نقلها من أفغانستان، ستستخدم في رحلات في الأجواء السورية في الحرب ضد داعش. وسوف ينحصر استخدامها في مهمات خاصة في معاقل المتطرفين".
واعتبر مراسل وزارة الدفاع البرّي، كيم سينغوبتا، في مقال نشرته الصحيفة البريطانية، أن "إعلان الحكومة الأسبوع الماضي إعادة نشر طائرات ريبر للقيام بعمليات في العراق، ما هو إلا دليل على أن الطيران الحربي لا يزال بالفعل مرتبط بأعمال عسكرية هناك كجزء من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة".
ومع ذلك، كشفت مصادر رفيعة من وايتهول، بحسب سينغوبتا، أنّه "سيتم نشر هذه الطائرات في سورية كذلك، بداية بغرض المراقبة، ولكن هناك أيضاً إمكانية قيامها بإطلاق صواريخ هيلفاير إذا صدرت التوجيهات بذلك".
وجاءت الضربات الجوية البريطانية ضد "داعش" بعد تصويت مجلس العموم لصالح قرار يجيز التدخل العسكري في العراق، مع تأكيد ديفيد كاميرون بأنه سيسعى إلى توصية ثانية من البرلمان، إذا كان من الضروري تمديد الحرب إلى سورية أيضاً.
لكن الحكومة تحتفظ بالحق باعتبار هذا الإذن ليس ضرورياً، لتنفيذ طلعات استطلاعية أو حتى بصدد العمل المسلّح، إلا في حال دواعي الأمن القومي، مثل إنقاذ الرهائن البريطانيين الذين يحتجزهم "داعش".
وعرض مراسل وزارة الدفاع، مداخلة وزير الدفاع، مايكل فالون في البرلمان، أمس، مؤكداً أن سلاح الجو البريطاني قد أنجز 37 طلعة جوية، وأجرى 10 ضربات ناجحة في العراق منذ أن وافق البرلمان على العمل المسلح.
وعلمت "الإندبندنت"، أنّ طائرات "ريبر من دون طيار سوف تستقر في الكويت، بعد نقلها من قندهار، على أن يتم التحكم فيها عن طريق الأقمار الاصطناعية، من قيادة سلاح الجو الملكي البريطاني في ادينغتون، لينكولنشاير".
ورأى سينغوبتا، أنّ "قرار التحليق فوق الأراضي السورية، من المؤكد أنّه سيؤدي إلى اتهامات بزحف المهمة والمعارضة في أجزاء محددة من البرلمان، خصوصاً بعدما أشار العديد من النواب في حزبي العمال والديمقراطيين الأحرار، الذين صوتا لعملية العراق، إلى أنّهم سوف يعترضون على نقل العملية إلى سورية".
وشكّك بعض النواب، وفقاً لسينغوبتا، في صلاحية القيام بعمل عسكري في سورية بموجب القانون الدولي. وأشار إلى أن "الحكومة العراقية طلبت المساعدة من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، ولكن الرئيس السوري بشار الأسد لم يفعل ذلك".
ويتخوّف سينغوبتا من أن عمل الطائرات من دون طيار، قد يعقبه قصف جوي من قبل الطائرات البريطانية المقاتلة، التي سيكون ملاحوها عرضة للدفاعات الجوية للنظام السوري، فضلاً عن تعرضها أيضاً للصواريخ التي حصل عليها مقاتلو "داعش".
ولكن في الوقت ذاته، هناك إجماع متنام في أوساط الوزراء والقادة العسكريين، بأن إجراءات مجدية ضد التنظيم، يجب أن تتضمن القدرة على ضرب قواعدهم داخل سورية، مع بذل المساعدة اللازمة لجماعات الثوار "المعتدلة" التي تقاتل بدورها ضد التنظيم.
من ناحية ثانية، أبدى نظام الرئيس الأسد، انتقادات رمزية ضد العمل الغربي فقط، فيما لم تقم قواته بأية محاولة لاعتراض الطلعات الحربية من قبل الأميركيين وحلفائهم العرب على أراضيها.
وبحسب مراسل وزارة الدفاع، فإن المسؤولين يقرون بأن هناك عنصراً من الارتباك بشأن السياسة العسكرية البريطانية تجاه ضرب "داعش". وفيما سبق لوزير الخارجية فيليب هاموند، أن أعلن أخيراً أن المملكة المتحدة لا تنظر في تنفيذ ضربات جوية في سورية، اضطر إلى التراجع بعد أن نفى ذلك بسرعة.
وقال هاموند أيضاً، إن "من الممكن أن يتم تنفيذ أية محاولة لإنقاذ الرهائن البريطانيين، لأن الحكومة ليس لديها أي فكرة عن أماكن احتجازهم". في حين لا يريد المسؤولون في مجال الأمن، نشر أي معلومات عن الاستعدادات التي تبذل لإطلاق سراح الرهائن المختطفين.
وقال مسؤول في وايتهول: "إن طائرات ريبر ستكون مفيدة جداً في كشف مواقع "داعش" والحد من قدرته داخل سورية، بالنسبة لنا ولحلفائنا كذلك، وتلك هي غايتها الأساسية التي خصصت من أجلها. أما استخدامها في القتال فسيعتمد بوضوح على موافقة البرلمان، وهذا لن يحدث ما لم تكن لدينا حاجة قوية تتعلق بتأمين حياة الرعايا البريطانيين، أو منع حدوث أزمة إنسانية".
وقد أنجزت طائرات "ريبر" حتى الآن أكثر من 4800 طلعة جوية في أفغانستان، منذ عام 2008. وسبق لمنظمة "العفو الدولية" أن استخدام هذه الطائرات من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في بعض الحالات، كان يشكل جرائم حرب.