"الإخوان" تناقش جدوى المسيرات: "مكاسب أم خسائر؟"

22 فبراير 2014
+ الخط -

"المسيرات والوقفات... مكاسب أم خسائر؟"، سؤال طرحته ورقة يتم تداولها بين قواعد جماعة "الإخوان المسلمون" للوقوف على النتائج التي حققها الحراك الميداني على الأرض، الذي دخل شهره الثامن على التوالي منذ انقلاب 3 يوليو الماضي.

أشادت الورقة، التي صاغتها قيادات في الجماعة وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، بـ"صمود الثوار وتقديمهم عشرات الشهداء ومئات المصابين والمعتقلين"، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى "تصاعد نبرة عدم جدوى المسيرات السلمية التي نخسر فيها شبابًا بالاعتقال أو الإصابة أو الشهادة ولا تحقق أي مكاسب".

وتوقع معدو الورقة أن "تكون هذه النبرة سببا في تناقص عدد المشاركين في الفعاليات بشكل ملحوظ أكثر من ذي قبل"، وقالوا "ندرك أنهم لم يتكلموا بها من منطلق يأس أو إحباط، بل حرصا منهم على إخوانهم ورغبتهم في تطوير الحراك بشكل يجعله أكثر فاعلية مما هو عليه الآن".

وهنا انطلقوا لشرح رؤيتهم قائلين "عندما حدث الانقلاب كان علينا اختيار طريق من طريقين، أولهما طريق السلامة، والتسليم بالأمر الواقع والعودة إلى الوراء لعشرات السنين، والثاني طريق المقاومة ومدافعة الطغاة، فاخترنا الثاني، ونعلم يقينا بأنه طريق دماء وتضحيات جسيمة بالأرواح والحريات لن يفرق فيه الخصم بين رجل أو امرأة أو شاب أو شيخ أو طفل".

وتابعوا، في ورقتهم، "يعلم خصمنا جيدا أننا أصحاب عقيدة، ويستحيل إيقاف حراكنا مرة واحدة، فقرر التعامل معنا باستراتيجية الوقف المتدرج للحراك، فارتكب جريمة فض الاعتصام، ثم ترك بعدها فترة من الحراك في الشارع، ثم أخذ يضيق عليها تدريجيا ويرفع من كلفتها في صفوفنا، وسيزداد التضييق آملا أن تتوقف حركتنا نهائيا في الشوارع".

وتوقعوا "اتجاه قادة الانقلاب لحصار الفعاليات النوعية وزيادة كلفتها في صفوفنا، حتى يضطرنا لوقفها بداعي عدم جدواها وارتفاع تكلفتها، وبعدها سيتفرغ لحصارنا في بيوتنا، بل وفي مخادعنا التي لن نأمن فيها بعد ذلك، وربما بعدها أقام لنا محاكم تفتيش وتطهير عرقي ليرتاح من هذا الصداع المزمن"، حسب الورقة

استمرار الحراك

وأكدوا "ضرورة الاستمرار لأطول فترة ممكنة في كل مرحلة من مراحل معركة النفس الطويل، وعدم وقفها بما نستطيعه ونطيقه من تضحيات، ما يعني حتمية الحفاظ على حراك الشارع من خلال المسيرات والوقفات، لأن ما بعدها سيكون أسوأ منها، خاصة أن الخصم يمتلك معظم أسباب القوة المادية من جيش وداخلية وسلاح وقضاء وإعلام، بينما لا نملك سوى الشارع".

وعززوا طرحهم بقولهم "يعلم الجميع أن آلة الانقلاب وسلاحه الذي يعتمد عليه بشكل كبير لكسر الثورة، هم قوات الداخلية التي لم تعتد على البقاء في الشوارع لفترة طويلة، لا قبل ثورة يناير ولا بعدها، ولا شك أن استمرار وجودنا على الأرض يعني استنفارهم بشكل دائم، وهو ما يعني إنهاكهم نفسيا وماديا بشكل كبير ما يجعل انهيارهم أكثر قربا". وتخوف قياديو الجماعة من "تصاعد قمع المعتقلين والتنكيل بهم داخل السجون إذا توقف الحراك الذي لا يستهدف فقط الدفاع عن الشرعية أو إزعاج نظام غاصب وإنهاكه"، حسبما ورد في الورقة.

تطبيع سياسي

من جانبه، قال مصدر في الجماعة، فضل عدم الكشف عن هويته، إن "المرحلة الراهنة تتطلب تحديد الهدف الاستراتيجي من الفعاليات التي تتمثل في إسقاط الانقلاب بإنهاكه سياسيا وشعبيا وإعلاميا واقتصاديا وأمنيا، وعدم تطبيع الحياة كأن شيئا لم يكن، فضلا عن إقناع الكتلة المحايدة وبعض المؤيدين للانقلاب بعدم إمكانية استمرار الوضع، وضرورة وجود حل".

ولكي تكون الفعاليات مؤثرة وقادرة على تحقيق الهدف، اقترح المصدر، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، التظاهر في أماكن نوعية لإنهاك الانقلاب اقتصاديا من خلال التظاهر أمام المقار الاقتصادية التي يتردد عليها المستثمرون وأصحاب رؤوس الأموال، في توقيتات تُختار بعناية، مثل البنوك والبورصة ومقار هيئة الاستثمار ومأمورية ضرائب كبار الممولين وشركات السياحة والطيران الكبيرة والمعارض والمؤتمرات المهمة والحفلات والمهرجانات والمباريات الجماهيرية". وتابع المصدر "يمكن تنظيم وقفات أمام الوزارات والهيئات، خاصة في حال وجود زيارات أو اجتماعات مهمة، ومسيرات تمر بمنازل شخصيات عامة شهيرة مؤيدة للانقلاب ومعادية للثورة، وأمام بعض السفارات ومنازل السفراء، سواء المؤيدين للانقلاب لاستنكار ذلك، أو المعارضين له لتحيتهم، والتظاهر أمام مقار المنظمات الدولية ذات الصلة".

"تحتاج هذه النوعية من الفعاليات الحشد لها والتنسيق بين أكثر من طرف ثوري وتأمينها جيدا، من خلال مجموعات الرصد والإعاقة، ما يقلل من فرص إجهاضها من قبل الأجهزة الأمنية واعتقال المشاركين فيها"، أوضح المصدر. وتابع "يمكننا تنظيم فعالية شهرية في أماكن حيوية في قلب القاهرة بصورة مفاجئة منتصف الأسبوع في تاريخ عادي، مثلا جميع مناطق القاهرة أو بعضها تتجمع وقت الذروة سواء في النهار أو الليل في شارع رمسيس أو ميدان طلعت حرب أو كورنيش المعادي مع مراعاة حسن التخطيط والرصد والإعاقة والحشد الكافي".

وشدد المصدر على "ضرورة حسن اختيار الهتافات التي تجد صدى لدى الجمهور المستهدف وتجنب هتافات استعدائهم أو تلك التي توحي بالعنف، ونحن في الواقع سلميون، والتقليل من الهتافات الإسلامية والمطالبة بعودة الرئيس، رغم إيماني بها، إلا أننا نخاطب الناس العاديين ونستهدف جذبهم لحراكنا وإشعارهم أننا نتبنى آمالهم وهمومهم ولا نخاطب أنفسنا".