"الأخبار الكاذبة" تهيمن على جلسة "الديمقراطية وحقوق الإنسان" بالبرلمان الدولي في الدوحة

08 ابريل 2019
طالب المشاركون بضمان الحرية أيضاً (ياب آرييمز/NurPhoto/Getty)
+ الخط -
هيمنت قضية الأخبار الكاذبة والمضللة في مواقع التواصل الاجتماعي، على مناقشات اللجنة الدائمة للديمقراطية وحقوق الإنسان خلال جلستها التي عقدتها اليوم، ضمن أعمال اجتماعات الجمعية العامة 140 للاتحاد البرلماني الدولي المنعقدة بالدوحة حالياً.

وكانت المناقشات تتعلق بثلاثة قرارات اعتمدها الاتحاد في السنوات الماضية، وهي "الديمقراطية في العصر الرقمي والتهديد الذي تتعرض له الخصوصية والحريات الفردية" المعتمد عام 2015، وقرار "استخدام وسائل الإعلام بما فيها التواصل الاجتماعي، من أجل تعزيز مشاركة المواطنين والديمقراطية" المتخذ عام 2013، والقرار المتخذ عام 2009 والمتعلق بحرية التعبير والحق في الحصول على المعلومات.

وعرض برلمانيون من دول مختلفة حول العالم الإجراءات التي اتخذتها بلدانهم، والتدابير التي اعتمدتها خلال السنوات السابقة في ما يتعلق بالقرارات الثلاثة، والهادفة للحدّ من المخاطر المترتبة على التدفق المعلوماتي غير المنضبط، على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الجديد، والجهود المبذولة لمواجهة الأخبار الكاذبة والمضللة، والموادّ التي تشجع على الكراهية والأعمال العدائية، والإرهاب، والعنصرية، وغيرها.


وفي حين أيّد غالبية المتحدثين في الجلسة ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة هذا التحدي الذي تفرضه وسائط الإعلام الجديد، إلا أن جميع الأعضاء حذّروا من مغبة استغلال هذه المواجهة، للحجر على الحريات والتعدي على القيم الديمقراطية وحرية التعبير.

وقال عضو البرلمان الكويتي علي الدقباسي، إن حرية التعبير حق إنساني أصيل، وأحد الثوابت الوطنية الذي لا يجوز المساس به، لكنه حذّر من الانفلات والفوضى في عملية النشر وبثّ الموادّ دون قيود أو شروط، تحدّ من التزييف والتضليل.

وحمل الدقباسي في مداخلته شركات التواصل الاجتماعي، مسؤولية ضبط الفضاء الإلكتروني، بوصفها شركات عابرة للقارّات، ولديها إمكانات هائلة على هذا الصعيد، داعياً في الوقت ذاته إلى تعاون بين الدول وهذه الشركات لتحقيق التوازن المطلوب، بين الحدّ من التضليل والتزييف وضمان حرية التعبير وفق معايير وحدود القيم الإنسانية.

وأثنى عضو مجلس الشورى القطري يوسف الخاطر، على ما ورد في مداخلة عضو البرلمان الكويتي، من تحميل الشركات الكبرى مسؤولية ضبط المعلومات ومنصات التواصل الاجتماعي، وقال: "هناك خلل يشوب عمل هذه المنصات تجب مواجهته، لضمان الالتزام بالمبادئ والقيم الدينية والإنسانية".

وأشار إلى بعض مواطن الخلل في عمل منصات التواصل الاجتماعي مثل سهولة انتحال الشخصيات، وفتح حسابات وهمية، والذباب الإلكتروني، ومروجي الكراهية، إلى جانب الاستغلال الذي يتعرّض له الأطفال على هذه المنصات والمواقع، داعياً برلمانات العالم إلى اتخاذ خطوات من شأنها إلزام هذه الشركات بتحمل مسؤولياتها إزاء هذه الاختلالات.

واعتبر عضو مجلس الشورى العماني عبد الله العمري، أن الأخبار الزائفة والمضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت من أكثر مهددات الأمن والسلم الدوليين، "في ظل وجود جيوش إلكترونية لتضليل الرأي العام، والدعوة لقلب أنظمة الحكم، ونشر الفوضى، والكراهية والتعصب وغيرها من الشرور".

وتحدث ديديه ماري، من مجلس الشيوخ الفرنسي عن موجات الأخبار المضللة التي تؤثر بشكل كبير على الديمقراطية، مستشهداً بما حدث خلال الانتخابات الأميركية، لافتاً إلى أن مواجهة الأخبار الكاذبة على منصات التواصل الاجتماعي أمر شديد الصعوبة في الوقت الراهن، لكنه نبّه إلى أهمية سنّ التشريعات لحماية الديمقراطية من التدفقات الإعلامية غير المنضبطة، والموادّ الإخبارية المضللة التي تهدف إلى خداع الرأي العام وقلب نتائج الانتخابات، وقال: "إن فرنسا اتجهت لسنّ قوانين لحماية الانتخابات من أي تأثير خارجي".


واستضافت الجلسة خبراء في التكنولوجيا والنشر، للحديث عن واقع منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الجديد، وكيفية عملها، والتدابير الممكنة للحدّ من المخاطر المترتبة على الأخبار الزائفة التي باتت تؤرق الدول والشعوب.

واعتبر الخبراء أن الأخبار المزيفة عبر الإنترنت وبعض وسائل التواصل الاجتماعي، باتت أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الحريات والممارسة الديمقراطية، مستعرضين أوجه التحديات التي تعوق ضبط هذه المنصات.

وفي هذا السياق، نبه عدد من البرلمانيين إلى أن الأخبار المزيفة أصبحت قادرة على إلحاق ضرر فادح بالديمقراطية، فضلاً عن فقدان الثقة في السياسيين، وتشجيع نظريات المؤامرة بدلاً من النقاش العقلاني، وربما التأثير على النتائج الانتخابية.
وطرحت خلال الجلسة العديد من المقترحات، مثل إنشاء هيئة دولية مختصة بالرقابة على منصات التواصل الاجتماعي، لضبط هذا الفضاء الإلكتروني واتخاذ إجراءات عقابية بحق المخالفين، فيما دعا البعض إلى سنّ تشريعات محلية ودولية للحدّ من الأخبار المزيفة، أو 
حجب المواقع التي تتساهل في نشر الأخبار المزيفة، وغيرها من المقترحات.

وقدّم برلمانيون من اليابان وتايلاند وإثيوبيا وبيرو وإيران وباكستان وبوليفيا وماليزيا وغيرها من الدول، إحاطة للّجنة الدائمة للديمقراطية وحقوق الإنسان، عن التقدم المحرز على الصعد الوطنية بخصوص القرارات الثلاثة التي اتخذت خلال السنوات الماضية.

واختتمت عضو البرلمان الهولندي التي ترأست الجلسة، أردا شيركنز، بتأكيد أهمية النقاشات التي دارت بخصوص ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي، داعيةً شركات التواصل الاجتماعي إلى تحمل مسؤولياتها، واتخاذ ما يلزم من تدابير وقائية لحماية المجتمعات من مخاطر النشر الزائف.

دلالات
المساهمون