كشفت قيادات عسكرية عراقية وزعماء قبليون عن مشاركة مروحيات قتالية أميركية "أباتشي" في أربع معارك جرت خلال الأسبوع الماضي بين مقاتلي العشائر من جهة، وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من جهة ثانية، في محافظة الأنبار العراقية، كبرى المحافظات في البلاد والتي يحتلها التنظيم، مؤكدين أن أشكال التدخل العسكري الأميركي ارتفعت بشكل كبير وحقق العراقيون نتائج كبيرة بفضل ذلك.
اقرأ أيضاً: تعاون غير مسبوق بين عشائر الأنبار والقوات العراقية
وقال معاون قائد قوات الجيش في المحور الشرقي لعمليات الجيش العراقي في الأنبار، العقيد الركن محمد باسم الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات الأميركية باتت أكثر جدية وتفاعلاً في المعارك اليومية ضد تنظيم داعش، وهذا يجعلنا أكثر تفاؤلاً".
وأضاف الدليمي أن "أربع معارك حسمتها الأباتشي الأميركية في غضون وقت قياسي لا يتجاوز نصف الساعة في كل معركة، كان أبرزها هجوم داعش على الخالدية (شرق)، فجر الخميس، وهجومه الذي سبقه على حديثة (غرب الأنبار)، حيث هاجم التنظيم بطريقة مباغتة وسريعة عبر عشرات المقاتلين تدعمهم مدرعات مفخخة يقودها انتحاريون المدينتين، وتمكنت الأباتشي من على علو متوسط من تدمير المدرعات وقتل مسلّحي داعش، الذين كانوا يتخذون شكل رأس سهم، وهو شكل عسكري اعتاد التنظيم على تنفيذه والنجاح به كل مرّة، بحيث تخترق المدرعات الانتحارية خطوط الدفاعات ثم ينغمس المقاتلون في قواتنا مستخدمين صواريخ محمولة على الكتف وأسلحة متوسطة".
وتابع الدليمي أن "هجومين آخرين في بلدة الجرايشي والبغدادي، شمال وغرب الرمادي، حسمتهما الأباتشي لصالح العشائر ومن معها من قطعات الجيش". وبيّن أن ذلك "أثّر بشكل إيجابي على معنويات العشائر والقوات العراقية".
من جهته، قال أحد زعماء العشائر المنتفضة ضد داعش، الشيخ عبد فياض الفهداوي، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات الأميركية نصبت ستة مناطيد مراقبة على ارتفاع 300 متر في الحبانية والخالدية والبغدادي وحديثة والعامرية، وهي المدن التي لا تزال تحت سيطرتنا ضمن محافظة الأنبار، وتنشر أكثر من عشر طائرات مراقبة صغيرة تجوب سماء تلك المناطق، وأدى ذلك لسرعة استجابة الأميركيين لتقديم الدعم لنا".
وأضاف الفهداوي أن معركة تحرير الرمادي ستكون "سهلة، وبات وجود مليشيات الحشد الشعبي شكلياً فقط، وهو ما يجعل الأنبار ومهمة تحريرها عشائرية أميركية مع القوات النظامية العراقية، والحكومة وصلها علم بذلك"، على حدّ تعبيره.
وأكّد مقتل "13 عنصراً بتنظيم داعش خلال هجوم فاشل للتنظيم على الخالدية بنيران مروحيات الأباتشي بشكل أجبرهم على الانسحاب".
في هذه الأثناء، قال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي لـ"العربي الجديد"، إن مجريات المعارك تحولت لصالح القوات العراقية والعشائر. وأضاف أن "عملية تحرير عاصمة الأنبار، مدينة الرمادي، باتت مجرد مسألة وقت".
وفي الإطار نفسه، كشف مصدر عسكري رفيع ببغداد لـ"العربي الجديد"، عن "ارتفاع عديد القوات الأميركية في الأنبار وحدها إلى أكثر من 1600 عسكري يتركزون في الحبانية وعين الأسد ومنشأة سابقة للتصنيع العسكري العراقي جنوب شرق الفلوجة تُعرف قديماً بمنشأة صدام حسين".
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن "القوات الأميركية باشرت مرافقة القوات العراقية وأبناء العشائر، وهناك 11 مروحية أباتشي قتالية شاركت بشكل فعال في المعارك وحسمت المعارك في وقت قياسي".
وبيّن أنّ "الأنبار باتت من حصة الأميركيين، وقد تكون المدخل الرسمي لعودة القوات الأميركية لتحرير العراق من داعش، لكن ليس بالشكل الذي كان عليه إبان احتلالها العراق، بل ستكون قوات رديفة وليس رئيسية"، على حد وصفه.
وبيّن المصدر نفسه أن "بقاء الاعتماد على مليشيات الحشد الشعبي لم يعد يجدي نفعاً؛ فوجودها مثير للمشاكل السياسية والطائفية، فضلاً عن الانتهاكات التي ترتكبها بحق المدنيين بتلك المناطق. كما أنه جرى الاعتماد على الحرس الثوري الإيراني بمعركتي تكريت في أبريل/ نيسان الماضي، والفلوجة في يوليو/ تموز الماضي، فانسحب بعد فشله في تحقيق تقدم، لذلك من الضروري عدم المكابرة والاعتراف بأن الأميركيين قادرون على إنهاء الوجع العراقي الذين كانوا أول من تسبّب به في العام 2003".