ليست المرّة الأولى منذ تأسيسها كوزارة مستقلّة عام 2011، تُعلن فيها الحكومة المصرية عن نيّتها دمج "الآثار" بوزارة السياحة، أو إعادتها إلى "الثقافة" حيث ظّلت تتبعها منذ إنشاء "المجلس الأعلى للآثار" عام 1994؛ وذلك لأسباب عدّة، من أبرزها التذرّع بتخفيض النفقات العامة.
يأتي هذا الإعلان الرسمي بعد أسابيع قليلة على بدء التحقيق بقضية سرقة ست مشكوات (مصابيح) من مسجد الرفاعي في ميدان القلعة في القاهرة تعود إلى العام 1910، ولا تشكّل الحادثة استثناء في الواقع المصري، إذ يُكشف كلّ بضعة أشهر عن حوادث سرقة أو ضياع لآثار أو تعرّضها لتلف نتيجة عوامل طبيعية.
ضعف الحماية الأمنية للتراث المصري لا يعتبر التحدّي الوحيد أمام وزارة الآثار، حيث لم تتجاوز ميزانيتها في العام الماضي 275 مليون جنيهاً مصرياً (أقل من 15 مليون دولار)، يُضاف إليه نصف هذا الرقم من إيرادات المتاحف والمواقع الأثرية التي تراجعت إلى أقل من 90% مما كانت عليه قبل ثورة يناير، بحسب أرقام الوزارة.
لا تقف الأزمة عند ذلك، ما جعل المشتغلين في قطاع الآثار يعترضون على دمج الوزارة مع "السياحة"، خشية تقليص الموازنة التي لا تكفي في الوقت الحالي لإقامة مشاريع ببضعة ملايين، والخوف من حصر الاهتمام بالإرث الحضاري المصري باعتباره مواقع جذب سياحي لا أكثر.
بعض الآثاريين رأى أن الدمج يجب أن يكون مع وزارة الثقافة، كونها الجهة التي أدارت مؤسّسات الآثار حتى سنين قليلة ماضية، بينما اقترح آخرون أن تتبع رئاسة الوزراء مباشرة عبر مجلس أو هيئة مستقلّة.
المعترضون أجمعوا على أن دعم الآثار عبر توفير حماية أمنية حقيقية لممتلكاتها وتخصيص موازنة تكفي للبدء في عشرات المشاريع المؤجّلة، واستبدال آلاف الموظفين غير المؤهلين الذين تمّ تعيينهم فيها بمختصيّن أكفاء، أولى من التفكير بالدمج وتطبيق سياسات التقشّف التي قرّرتها الحكومة مطلع هذا العام.