منذ حوالى سنة، رحل الناقد المصري عبد المنعم تليمة (1937-2017) تاركاً وراءه مجموعة مؤلفات من أبرزها "مقدمة في نظرية الأدب" و"مدخل إلى علم الجمال الأدبي" و"طرائق العرب في كتابة السيرة الذاتية".
حول تليمة، صدر مؤخراً عن مؤسسة "يسطرون" كتاب بعنوان "اقتحام الخلوة" من إعداد الكاتبة هدى توفيق، حيث جمعت فيه أوراقاً ذات صبغة سِيرذاتية توثيقية للمسيرة النقدية والأكاديمية بعنوان "أنا بقلمي"، ومقالات، أحدها هو الذي جرى عنونة الكتاب به، إضافة إلى مقدّمة وضعها تليمة لإحدى طبعات كتاب طه حسين "في الشعر الجاهلي". تضمّن العمل أيضاً حواراً أجرته توفيق مع الناقد الراحل بعنوان "سندريلا الدقّي".
مشروع الكتاب انطلق من هذا الحوار، تقول توفيق في حديث إلى "العربي الجديد": "في 2015، أجريت حواراً مطوّلاً مع الناقد عبد المنعم تليمة، وقد أشار عليّ بتجميع مقالاته، وكذلك دراسات كُتبت عنه في ملف كبير من جزأين في مجلة "الثقافة الجديدة" عام 2011، لكن تنفيذ الفكرة كان دائماً يتعطل لظروف ومشاغل الحياة سواء من جانبي أو من جانبه على السواء وعندما رحل في 27 شباط/ فبراير 2017 شعرتُ صراحة بوخز ضميري لتكاسلي في إتمام هذه المهمة، وحين توفّرت لي الفرصة لم أستطع رغم كل جهودي سوى نشر ما كتبه، بالإضافة إلى الحوار معه".
تحمل الكتب الاستعادية إشكاليات كثيرة في ثقافتنا العربية، بداية بالجانب الأسلوبي حيث كثيراً ما تغلب الذاتية على التوثيق والتثبّت وتنويع القراءات، إضافة إلى إشكالية تتعلق بمن يجري كتابة أعمال استعادية حولهم، ولعل النقّاد من أقلّ شخصيات الحقل الأدبي التي جرت استعادتها.
عن تخصيص كتاب لشخصية ناقد راحل، تقول الكاتبة المصرية: "توجد ندرة في العودة إلى النقّاد، لكن الأمر أعمّ، إذ أجد أنه يمتدّ إلى الكتّاب في مجالات أخرى".
تقدّم توفيق قراءة في هذا الوضع، تقول: "هناك حالة عامة من النسيان والإهمال تعمّ ثقافتنا، أو في مصر على الأقل. يعود ذلك في نظري إلى تفشّي ثقافة الإثارة الإعلامية والتوك شو والإعلام التمجيدي وهو ما لا يسمح بالتمعّن في قيمة الأفكار والشخصيات المطروحة، وربما ضاعف من التأثير السلبي لهذه العوامل انتشار ثقافة مواقع التواصل الاجتماعي وتحوّلها إلى أحد مصادر الثقافة".
وتضيف لـ"العربي الجديد": "العمل الاستعادي يحتاج إلى مناخ مختلف، فوضعنا الحالي ينتج حالة من فقدان قدرة التقييم، إذ تغيب المعايير في هذه الزحمة، وتحدّد القيمة الأدبية والفكرية عوامل مثل الشللية والمحاباة".
تعرّج على تجربتها مع كتاب "اقتحام الخلوة": "من تجربتي، أعتبر الكتب الاستعادية مسؤولية ثقيلة، لقد ظللت لعام مهمومة جداً بنشر هذا الكتاب، وإن لم يُنشر بالشكل الذي كنت أتمنّاه لكني أعتقد أنه مساهمة يمكن أن تفتح الباب للمختصين والمهتمين بمتابعة مسار النقّاد، وبقية المشتغلين في المجال الثقافي".