"إيلاف" في خدمة الخارجية الإسرائيلية

30 ديسمبر 2015
دوري غولد (Getty)
+ الخط -
احتفى موقع "إيلاف" على الإنترنت، بمقابلة أجراها مراسله في القدس المحتلة، مجدي حلبي مع مدير وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد، مع تمجيد الأخير باعتباره المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأنه من يدير الوزارة نيابة عن الأخير.

وبالرغم من محاولة المراسل، حلبي، المعروف منذ عمل في التلفزيون الإسرائيلي باللغة العربية أواسط التسعينيات، ولاحقًا في شبكة الحرة الأميركية، وقناة MTV اللبنانية، الظهور بمظهر العارف ببواطن الأمور في إسرائيل إلى مجرى المقابلة، إلا أنّ مضمونها جاء بمثابة ترويج فج مكشوف للدعاية الإسرائيلية. فكان لـ"إيلاف" ومراسله، هذه القدرة في تجاهل أهم القضايا، والانجرار وراء المقولة الراسخة لحكومات نتنياهو، من دون محاولة طرح سؤال محرج واحد على الأقل، ولو من باب رفع العتب. ولعل هذا ما يفسر نشر المقابلة بأسلوب: "وقال، أضاف وتابع"، من دون ذكر السؤال المحدد والجواب عليه.

فالمراسل، الذي يدّعي معرفةً ودراية بإسرائيل، وقبل ذلك بخلفية غولد، كان يفترض فيه أن يعرف مثلاً أنّ الأخير، وعندما كان سفيرا في الأمم المتحدة، كان من أشد المتحاملين على السعودية، واتّهمها بأنها الأرض الخصبة بل والحاضنة لإرهاب "القاعدة" والمزودة للفكر السلفي المناهض للغرب. ولكن إجابات غولد في المقابلة المذكورة، تُبيّن أنّه لم يوجَّه له سؤال واحد عن تصريحاته المذكورة، لا هو ولا نتنياهو، مقابل تفضيل ترديد غولد للازمة نتنياهو في العامين الماضين عن "التقاء المصالح بين إسرائيل والدول العربية ضد إيران"، وكأنّ العلاقات بين إسرائيل والدول العربية عادية وطبيعية.

ولعلّ أكثر ما يفضح الدور الدعائي الذي يقوم به حلبي في المقابلة أنه لم يسأله "كيف يفسر إذاً رفض حكومة نتنياهو قبول المبادرة السعودية؟"، عندما قال غولد إنّ "إسرائيل تولي أهمية كبيرة للدول العربية، وأن مصلحة تل أبيب أصبحت تقتضي إقامة علاقات أو اتفاقيات مع الدول العربية، وإن لم يكن على كل النقاط، فخطر إيران وداعش جانب مشترك للجانبين".

الأنكى من ذلك، هو أنّ المراسل لم يجد حاجةً للاعتراض على مقولة غولد بأن "التاريخ يقول إنه إذا قمنا نحن في دولة إسرائيل بعقد اتفاق أو معاهدة مع العرب، نحافظ على عهدنا إلى الأبد". هكذا بكل بساطة يقبل - مراسلٌ عربي - كأمر مفروغ منه، مغالطات وتصريحات يُكذّبها الواقع، من موظف إسرائيلي رفيع المستوى عرف عنه تعصبه الديني وتطرفه القومي ضد العرب عموماً.

لكنّ حلبي، ومعه "إيلاف" بطاقم تحريره، يمنحون إسرائيل أهم خدمة عندما يسقط من المقابلة أي ذكر للصراع العربي الإسرائيلي وللقضية الفلسطينية، وكأنّ إسرائيل دولة محايدة وليست دولة احتلال. فلا نقرأ في المقابلة أي إشارة للاحتلال، ولا لموضوع القدس والأقصى ولا مجرد تصريحات لـ"جبر الخاطر" عن رغبة بتحقيق سلام مع العرب. بل يقرّ المراسل أن اللقاء نفسه كان مهما لغولد كي "يقول ما عنده"! وما عند غولد كان حديثاً عن لقاء مصالح، وعن "إيران أم المشاكل" وعن تركيا. ولا يأتي اللقاء كله على ذكر اسم السعودية، ولو بكلمة واحدة، مع أن نتنياهو لا يتردد في الإشارة في تصريحاته إلى "لقاء المصالح مع محور الدول السنية، ليذكر بينها السعودية والأردن ومصر".