يتجمّع ستة راقصين وثلاثة عازفين على المسرح بثياب يومية، من دون أن ندري دور كل منهم بداية، في العرض الذي حرصت إدارة المسرح ألا يدخله من هو تحت سن الثامنة عشرة.
يدخل الجمهور ليرى الراقصين والموسيقيين على المسرح، وهم يتحدثون في ما بينهم، وبعدها ينسحب كل موسيقي إلى آلته، ويأخذ الراقصون الستة مواقعهم على الخشبة. تتمازج أجساد الراقصين، ويحاول الجميع تحقيق أكثر أنواع التماس في ما بينهم. يعقدون أجسادهم كما الحبال.
ينتج عن تداخلهم مجسّمات بشرية يصعب تقييم جمالها، ولكنها واضحة الصعوبة، ولا يحاول أي من الراقصين أن يخفي خوفه أثناء امتطاء الأجساد بعضها بعضاً.
تزداد المجسّمات البشرية تعقيداً بما يذكّر بمشروع "أجسام في فضاءات المدينة" لمصمّم الرقص النمساوي، فيلي دورنر، الذي استعان بمئات العارضين لملء الفراغ في المدن التي زاروها.
حشر العارضون أجسامهم على الأسوار والأدراج وفق الشجر وعملوا على سدّ أي فجوة في المدينة مستخدمين أجسادهم، لتبدو هذه الأجساد في المدن كالسوائل التي تملأ الفراغ الذي يحويها.
وفي حين بقيت "أجساد في فضاءات المدينة" ساكنة، لم تهدأ الأجساد المتلامسة في عرض "إلى أن تتوقف قلوبنا". يبدو الأمر في الحالتين تمرّداً على المسافات الاجتماعية المرسومة بدقة في الحياة المعاصرة.
ويزداد التمرّد مع نهاية الساعة الأولى من العرض الذي امتد ساعتين تقريباً. يشكّل الراقصون حلقة تدور حول نفسها بأقصى سرعة يقدرون عليها. يفلتون أيديهم ويرتدّ جميعهم على الجمهور ليقعوا على المتفرجين.
يستمر إصرار ستوارت على اختبار المسافات الاجتماعية على صعيد المسرح أيضاً، ويقترب الممثلون من المتفرجين ليتحدثوا إليهم ويحتسوا معهم الشراب. يقترب بعضهم طالباً من المتفرجين أن يشموا ويتلمسوا جسده. يقع التعاطي مع الجمهور ضمن الحدود الدنيا لما وصل إليه المسرح من وسائل للتفاعل واستفزاز الجمهور. ولكن التفاعل ظل مهذباً بعد مشاهد على الركح وصلت حد التعري.
يأتي "إلى أن تتوقف قلوبنا" امتداداً لعمل وبحث المخرجة في تقنيات "ارتجالات التواصل"، ضمن عرض يحاول الجميع، براقصيه وموسيقييه، أن يلبّوا بقدر المستطاع احتمالات الحركة التي تستطيعها أجسامنا، واحتمالات العلاقات في ما بيننا. وعبر تأمل هذه الحركات وملاحظة اختلاف العلاقات باختلاف المسافات في ما بينها، تركز المخرجة على أن أجسامنا منتهكة بالمسافات المفروضة عليها وعلى علاقتها بالعالم المحيط.