"إخوان الجزائر" يعارضون تشكيل هيئة رئاسية ويطالبون بـ"رئيس دولة من الحراك"

26 مارس 2019
مقترح "الإخوان" يتعارض مع مقترح قوى المعارضة (العربي الجديد)
+ الخط -
أعلنت "حركة مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) رفضها تشكيل هيئة رئاسية لنقل السلطة، ودعت إلى اختيار شخصية من الحراك الشعبي تتولى إدارة الدولة في "مرحلة انتقالية قصيرة" كحل للأزمة السياسية الراهنة التي تعيشها الجزائر.

وطرح المكتب التنفيذي للحركة، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، مقترح ورقة الطريق لـ"مرحلة انتقالية لا تتجاوز ستة أشهر، تديرها شخصية سياسية مقبولة من الحراك غير متورطة في الفساد وفي التزوير الانتخابي في أي مرحلة من المراحل السابقة".

وأعلن "إخوان الجزائر" رفضهم تشكيل هيئة رئاسية، على غرار ما تم تشكيله في تجربة المجلس الأعلى للدولة في يناير/ كانون الثاني 1992، بعد انقلاب الجيش وتوقيف المسار الانتخابي، واقترحوا أن "تتولى مهمة رئاسة الدولة شخصية سياسية واحدة لتجنب حالات الصراع وعدم شفافية مصدر السلطة ومناط المسؤولية".

وبحسب الخطة المطروحة من قبل أكبر الأحزاب الإسلامية، يمكن "لرئيس الدولة المتفق عليه إصدار مجموعة من المراسيم التشريعية التي تضمن تحقق الحد الممكن والضروري من الإصلاحات قبل العودة إلى المسار الانتخابي، وعلى رأسها الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات".

ويتعارض مقترح "إخوان الجزائر" مع ما توصلت إليه قوى المعارضة السياسية في اجتماعها السادس السبت الماضي، والتي طرحت خطة "مرحلة انتقالية قصيرة لا تتعدى آجالها ستة أشهر، يتم خلالها نقل صلاحيات الرئيس المنتهية عهدته إلى هيئة رئاسية تضم شخصيات مشهوداً لها بالمصداقية والنزاهة والكفاءة، وتتبنى مطالب الشعب، ويلتزم أعضاؤها بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية".


ويقترح "إخوان الجزائر" تعيين "رئيس حكومة توافقياً بالتشاور مع الطبقة السياسية ونشطاء الحراك، تقوم بتصريف الأعمال وتنفيذ مراسيم الإصلاحات السياسية"، إضافة إلى "تعيين شخصية توافقية لرئاسة الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات وأعضائها، وتوفير الشروط المادية الضرورية لعمل اللجنة".

وحذر بيان الحزب من تداعيات حالة الشغور التي قد تصل إليها الجزائر بنهاية العهدة الرئاسية الحالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مضيفا أن "المرحلة التي تعيشها الجزائر مرحلة حاسمة في تاريخها لم يمر مثلها منذ الاستقلال، ولا شك أن حالة الفراغ الدستوري التي تسبب فيها تأجيل الانتخابات دون ترتيبات ثانوية وسياسية بديلة متفق عليها ستضعنا أمام حالة شغور منصب الرئاسة يوم 29 إبريل/ نيسان 2019 قد تكون آثارها وخيمة على استقرار البلد". 

السلطة تتبرأ من ملاحقة القضاة

وفي سياق آخر، نفت السلطات الجزائرية تسليط أية عقوبات أو ملاحقة ضد قضاة على خلفية اتخاذهم مواقف سياسية بدعمهم للحراك الشعبي وإعلانهم التمرد على المؤسسة السياسية الحاكمة، تفادياً لمزيد من التوترات قد تدفع القضاة إلى رد فعل وتعطيل كامل للمؤسسة العدلية.

وكذّب المجلس الأعلى للقضاء، وهو أعلى سلطة تدير القضاء والعدالة في الجزائر، ما وصفه بـ"الأخبار الزائفة" التي تتحدث عن معاقبة وعزل 86 قاضيا لمشاركتهم في الحراك الشعبي.

وأفاد بيان المجلس، الذي يترأسه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وينوب عنه وزير العدل الطيب لوح، بأنه "يكذب تكذيبا قطعيا ما تداولته بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بخصوص معاقبة وعزل 86 قاضيا من المشاركين في الحراك الشعبي".

ويتولى المجلس بحكم الدستور الجزائري الرقابة على انضباط القضاة ومعالجة ملفاتهم وتسليط العقوبات التأديبية ضد المخالفين للقوانين، ويعد إسناد الدستور رئاسة المجلس الأعلى للقضاء إلى رئيس الجمهورية ووزير العدل، وهما في السلطة التنفيذية، جزءا رئيسيا من التحفظات التي تعلنها القوى السياسية والقضاة والمحامين بشأن عدم استقلالية القضاء وعدم وجود فصل تام بين السلطات.

ويفهم من موقف المجلس الأعلى القضاء محاولة السلطة تلافي صب مزيد من التوترات على المشهد، وتجنب دفع القضاة إلى موقف ورد فعل قد يؤدي إلى تعطيل كامل للمؤسسة العدلية، خاصة بعد انكسار حاجز الخوف لدى القضاة ووكلاء الجمهورية.

وقبل ثلاثة أسابيع، أعلن القضاة الالتحاق بالحراك الشعبي، إذ قرر في الثالث مارس/ آذار الجاري نادي القضاة، وهو هيئة تمثيلية قيد التأسيس، رفض الإشراف على الانتخابات الرئاسية، قبل أن يقرر الرئيس بوتفليقة إلغاءها، كما قرر ألف قاضٍ عضو تأسيس هيئة تمثيلية جديدة.

ويوم الخميس قبل الماضي، نظم القضاة للمرة الأولى في تاريخ الجزائر مسيرات مناوئة للسلطة، ودعما للحراك الشعبي المطالب برحيل النظام والتغيير السياسي، وطالبوا بـ"تكريس دولة القانون، واحترام إرادة الشعب مصدر كل سلطة". 

ويوم الخميس الماضي قرر القضاة في الجزائر رفضهم أية تعليمات أو إملاءات في كيفية تطبيق القانون من أية جهة حكومية أو أمنية.

وأمس الاثنين، نظم قضاة مجلس المحاسبة وقفة احتجاجية دعما للحراك الشعبي ولمطالبة السلطات برفع الإكراهات والضغوط المسلطة على قضاة، كما نظموا اليوم الثلاثاء مسيرة للمطالبة بإقالة رئيس المجلس بسبب موالاته التامة للسلطة.

واعتبرت سلسلة مواقف القضاة الأخيرة أكبر ضربة تتلقاها السلطة والمجموعة المحيطة بالرئيس بوتفليقة ووزير العدل الذين كانوا يمارسون ضغوطا على المؤسسة القضائية.