"أَيْفا": فيلمٌ مُسلّ عن قاتلة محترفة

31 اغسطس 2020
جيسيكا تشاستن: جمال أقوى من كلّ عنفٍ (ريتش فوري/Getty)
+ الخط -

قاتلة محترفة تعمل لحساب مؤسّسة سرّية تُصفّي أفراداً يُهدّدون أفراداً آخرين. اختزال يوضح الحكاية كلّها، مع إشارة أساسية إلى جانبٍ آخر للسرد: العلاقات الشخصية للقاتلة، مع والدتها وشقيقتها وحبيبها السابق، الذي يُصبح خطيب الشقيقة، فالقاتلة مختفية منذ 8 أعوام، بعد مرحلة عاصفة من الإدمان على المخدّرات والكحول، والتفكّك العائليّ سببٌ لهروبٍ يؤدّي بها إلى الجيش فالمؤسّسة.

للقاتلة اسمٌ هو أيفا، وعنوان الفيلم الذي يروي سيرتها يحمل اسمها "أَيْفا" (AVA)، كما يُلفظ في السياق. جيسيكا تشاستن تؤدّي دور القاتلة في فيلمٍ (2020) يُخرجه تايت تايلور، بعد تنحّي ماتيو نيوتن، في أغسطس/ آب 2018، عن المهمّة، بسبب اتّهامات له بالتحرّش الجنسي. تشاستن نفسها، المناضلة في حركة Me Too، تتعرّض لتهكّمٍ وسخرية بسبب موافقتها على العمل معه، قبل جلوس تايلور على كرسيّ الإخراج، مع احتفاظ نيوتن بصفة سيناريست.

الفيلم، المُصوّر في بوسطن بدءاً من 28 سبتمبر/ أيلول 2018، ينتمي إلى التشويق المترافق وعنف وقتل وفنون قتالية. فأيْفا مقاتلة متدرّبة بشكلٍ جيد للغاية، وقاتلة تُعتبر الأفضل في المؤسّسة، رغم ماضيها المُثير لريبة القيّم الأول عليها، سايمون (كولن فارّيل). سيرتها المهنيّة تُروى بالتوازي مع سرد سيرتها الحياتية، فهذا النوع السينمائيّ محتاجٌ إلى متنفّس يُخفِّف عن المُشاهد ثقل العنف والمطاردات والقتل والنزاعات القتالية المباشرة. توازن يكشف جوانب من ماضي أيْفا مع والديها وشقيقتها وحبيبها السابق، ومع الجيش والمؤسّسة، إلى كيفية تنفيذها مهمّات تُبلَّغ عنها عبر اتصال مليء برموز وإشاراتٍ، ويُدفع لها عن كلّ مهمّة مبالغ كثيرة من المال، ستمنح جزءاً كبيراً منها إلى شقيقتها جودي (جيسيكا وايكسلر)، الحامل من خطيبها مايكل (كومّون، مغنّي راب وممثل)، قبيل تصفية حساباتٍ مع سايمون، الراغب في "إقفالها" (أي قتلها)، رغم معارضة المشرف عليها ومدرّبها وحاميها ديوك (جون مالكوفيتش)، الذي يقتله سايمون.

 

 

لا جديد يُقدِّمه "أيْفا". قاتلة تتعرّض لغدر مُشغّليها لأنّ كبيرهم غير قادر على تحمّلها رغم براعتها. لها ماضٍ سيء، تحاول الخلاص منه بابتعادها عن الكحول، رغم عودتها إليها ذات ليلة، يأتيها سايمون خلالها لقتلها، فتنجو من الموت والكحول وماضيها في لحظة واحدة. هناك استعادة لجلسات تنخرط أيْفا فيها للتخلّص من الإدمان، تكشف فيها علاقتها بوالديها. وهناك زيارة الأم (جينا دايفيس) بعد غياب طويل. وهناك لمحات توضح العلاقة السابقة بمايكل، وبتورّطه في قمارٍ تجعله "رهينة" ديونٍ كثيرة. وهناك "وظيفتها" وتطوّراتها السلبيّة المفضيّة إلى ليلة الاشتباك مع سايمون وتصفيته.

تنفيذ الفيلم متين الصُنعة. التشويق والعنف والفنون القتالية حاضرة لكنّها عادية. التمثيل غير باهرٍ رغم حضور لافت للانتباه لجينا دايفيس، شبه الغائبة عن المشهد السينمائي بالمعنى الاحترافيّ القديم لها. عصبيّة سايمون يُقدّمها كولن فارّيل باحترافية كعادته التمثيلية. جيسيكا تشاستن تُبهر بحضورها المحمَّل تناقضات بين حِرفية القتل وبراعة تأديتها معارك يدوية، ورهافة إحساسها وأنوثتها في آنٍ واحد. إصاباتها في الوجه واليدين غير متمكّنة من إخفاء جمالٍ يحضر دائماً في ابتسامة أو نظرة أو تنهّد أو مشيةٍ أو قول.

رغم هذا، يبقى "أَيْفا" فيلماً للتسلية، رغم عنف وقتل وانهياراتٍ.

المساهمون